السيسي وإلهام شاهين وسما المصري في حملة تشويه الإسلام باسم التطوير

- ‎فيتقارير

لا يمل قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي من محاولات النيل من الإسلام، من خلال مشروعه “تجديد الخطاب الديني”، الذي ينطلق فيه من كبره وصلفه الذي يصور له أنه طبيب كل الفلاسفة، وأنه الأحق بحمل راية التطوير من علماء المسلمين، وعلى رأسهم  الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر نفسه، الذي هدده السيسي في احتفالية سابقة للمولد النبوي بأنه “سيحاجه أمام الله يوم القيامة”، حينما تحدث السيسي عن رؤيته بعدم وقوع الطلاق الشفوي.

هل “بلحة” مؤهل لتجديد الخطاب الديني؟

يطرح هذا السؤال أناس كثيرون حول إمكانات السيسي التي تؤهله للإصرار على حمل راية التطوير في الإسلام بالطعن في المقدسات والنصوص، والمطالبة بتنقيحها، وإلقاء ما يختلف مع رؤية السيسي من حيث التطبيع مع الصهاينة، والارتماء في حضن أعداء الإسلام، والسماح بالشذوذ الفكري والجسدي، في الوقت الذي يرى فيه السيسي أن المسلمين هم أعداء البشرية، وأفكارهم جميعا يجب تنقيحها، معتبرا أن الإرهاب والتطرف هو من يحمل عقيدة المسلمين التي يجب الانقلاب عليها كما انقلب على كل شيء من قبل.

وتشهد إمكانات السيسي العقلية واللغوية والثقافية، بحسب الخبراء والمتابعين لخطاباته، أن ثقافته ضحلة للحد الذي لا يستطيع معه أن يستكمل جملة مفيدة. حتى إن تلعثم السيسي في خطاباته يعد من أهم نقاط السخرية التي يسخر منها نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي ويعتمدون عليها في تعليقاتهم الساخرة.

ويقول الكاتب الصحفي سليم عزوز، خلال تدوينة له على صفحته بموقع “فيس بوك”: “السيسي ليس مؤهلا للحديث عن تجديد الخطاب الديني! السيسي بالاسم والرسم حاكم عسكري مستبد وفاشل.. فرط في التراب الوطني ومياه النيل، وأورد البلاد مورد التهلكة”.

وأضاف عزوز: “هذا هو موضوعنا فلا يأخذنا بعيدا، فعندما يجيد إنتاج جملة مكتملة سوف نناقش معه قضية تجديد الخطاب الديني”.

السيسي يحارب الإسلام فكيف يُستأمن عليه؟

السيسي في نظر الكثير من المصريين هو عدو للإسلام، خاصة وأنه لم يترك مناسبة دينية إلا واتهمهم فيها بالإرهاب والتطرف.

وتواجه مصر بعد الانقلاب بقيادة عبد الفتاح السيسي، حربًا شرسة على الإسلام، وعنصرية وتطرفًا ومحاولات لتغييب وتغيير وعي المصريين عن طريق الإعلام والفن، فلا يكف قائد الانقلاب الدموي عبد الفتاح السيسي عن تصريحاته المثيرة للجدل لإهانة الدين الإسلامي والتقليل من شأنه، هذه التصريحات المتطرفة التي أثارت الغضب والسخط في أوساط  كثيرة من الشعب المصري، خاصة عندما تمس عقيدتهم الدينية.

ولم يكتفِ قائد الانقلاب بتصريحاته المسيئة للإسلام في الاحتفال بالمولد النبوي بالدعوة إلى ثورة دينية، حيث يرى أن الدين الإسلامي يعادي الدنيا كلها!!، بل دعا عددًا من الفنانين المصريين كي يتولوا مسئولية تصحيح الموروثات الإسلامية المقدسة، وذلك من خلال الأفلام والمسلسلات.

فبعد أن كانت المؤسسات الدينية والمساجد تتولى مسئولية نشر صحيح الدين، تحول الأمر في ظل نظام “السيسي” ليكون الفنانون والمثقفون والكتّاب هم من يعرفون الأمة صحيح دينهم.

وصرحت الممثلة إلهام شاهين، عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي”فيس بوك”: “أحب أبشركم وأبشر نفسي.. الزعيم السيسي بعتلنا دعوة لنقابة الفنانين عشان نناقش كيف نغير الموروثات المقدسة القديمة للمسلمين عن طريق الفن، وهذا يحتاج إلى تفكير وتخطيط لأن هذه الموروثات “خللت” في عقول الناس”.

وأضافت: “هروح أنا وليلي علوي والفنانة سما المصري والمخرج خالد يوسف ومنة شلبي وهانى رمزي، أدعولنا”.

هذه الدعوة ليست الأخيرة، فقد دعا السيسي الكتاب والمثقفين والأدباء، خلال اجتماعه بهم إلى تصحيح صورة الإسلام لدى المواطنين، وهذا ما كشفت عنه مؤخرًا الكاتبة الصحفية فاطمة ناعوت- خلال مداخلة هاتفية لها على “قناة صدى البلد” الفضائية الأسبوع الماضي- “هو قال علينا نحن المثقفين دورًا مهمًا جدًا .. لتصحيح صورة الإسلام لدى المواطن البسيط الذي ارتبك”.

“السيسي” دعا خلال كلمة له في احتفال سابق بالمولد النبوي الشريف، رجال الدين إلى تصحيح ما وصفها بالمفاهيم الخاطئة التي ترسخت في أذهان الأمة الإسلامية، موضحًا أن هناك بعض الأفكار تم تقديسها لمئات السنين وأصبح الخروج عليها صعبًا للغاية.

ولم يكف السيسي هذا العام، خلال كلمته بالمولد النبوي عن هذه النغمة، بل زاد عليها، والغريب في الأمر أن السيسي وجه كلمته هذه بحضور رجال الأزهر وطالب منهم القيام بثورة دينية، الأمر الذي ضغط على شيخ الأزهر للرد على جهله هذه المرة من خلال كلمته التي ألقاها بالاحتفال بالمولد النبوي.

شيخ الأزهر يرد على جهل السيسي

وهاجم شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، الصيحات التي تقترب من السنة النبوية، والتي يترأسها السيسي نفسه، وتطالب بتنقية مروياتها، أو التشكيك فيها والطعن في رواتها من الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم والمطالبة باستبعاد السنة النبوية جملة وتفصيلاً من دائرة التشريع والأحكام، والاعتماد على القرآن الكريم وحده، بأنها دعوات تضرب أركان الإسلام.

وقال شيخ الأزهر عن القرآنيين، الذين لا يعترفون بالسنة النبوية: إنه «في هذا الاتجاه سار كثير من المقربين من أجهزة الاستعمار في الهند، فأنكروا آيات الجهاد وأفتوا بحرمة التصدي للمستعمرين، وأنكروا كل ما تنكره الثقافة الغربية ولو كان دينا، وأثبتوا ما تثبته هذه الثقافة حتى لو جاء صادما للإسلام وإجماع المسلمين».

وأضاف الطيب- في كلمته خلال الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف أمس الإثنين- أن هذا النبي العالي القدر العظيم الجاه الذي يحتفل بمولده اليوم نحو مليار ونصف المليار من أتباعه في مشارق الأرض ومغاربها، له في رقابنا- نحن المؤمنين به وبسنته وتعاليمه وتوجيهاته- أكثر من حق وأكثر من واجب، لأنه لم يكن عظيما في باب واحد من أبواب العظمة الإنسانية يشد الأنظار ويدهش العقول، ولكنه كان مجمع العظمة في كل أبوابها التي تستوجب الاحترام والتوقير في كل عصر وقبيل.

وأضاف شيخ الأزهر أن الصيحات التي دأبت على التشكيك في قيمة السنة النبوية وفي ثبوتها والطعن في رواتها من الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم، والمطالبة باستبعاد سنته الشريفة جملة وتفصيلا من دائرة التشريع والأحكام، والاعتماد على القرآن الكريم وحده في كل ما يأتيه المسلم من عبادات ومعاملات وما لم نجده منصوصا عليه في القرآن.

ومضى شيخ الأزهر يقول «إنهم ضربوا بذلك مثلا.. الركن الثاني من أركان الإسلام وهو الصلاة، فمن المعلوم أن الصلاة ثابتة في القرآن لكن لا توجد آية واحدة يتبين منها المسلم كيف يصلي ولا كيفية الصلاة ولا عدد ركعاتها ولا عدد السجدات، ولذلك لا يمكن معرفتها إلا من السنة النبوية التي هي المصدر الثاني من مصادر التشريع في الإسلام».

وأضاف «حين طلب من أحد كبرائهم في مناظرة بإقامة الدليل على هيئات الصلاة من القرآن فقط حتى يتبعه المسلمون، قال إن القرآن لم يأمرنا إلا بإقامة الصلاة أما كيفية أداء الصلاة فهو أمر متروك لرئيس الدولة يحدده بمشورة مستشاريه حسب الزمان والمكان، ولكم أن تتخيلوا وضع الصلاة في هذه الدعوات».

وتابع الدكتور الطيب، «وذلك من خلال بحث دقيق متفرد وعجيب في تاريخ الرواة وسيرهم العلمية والخلقية ومنزلتهم في الصدق والضبط والأمانة ومن المعدل ومن المجروح، حتى نشأ بين أيديهم من دقة التعقب والتقصي والتتبع علم مستقل يعرف عند العلماء بعلم الإسناد أو علم الرجال، وهو علم لا نظير له عند غير المسلمين لا قديما ولا حديثا، وقد شهد بذلك الأفذاذ من علماء أوروبا ممن توفروا على دراسة السنة النبوية، حتى قال مستشرق ألماني: إن الدنيا كلها لم تر ولن ترى أمة مثل المسلمين، فقد دُرس بفضل علم الرجال الذي صمموه حياة نصف مليون».

ولفت شيخ الأزهر إلى أن المستشرق الإنجليزي الكبير مارجيريوس قال عن هذا العلم: «رغم أن نظرية الإسناد عند علماء الحديث قد سببت كثيرا من المتاعب؛ نظرا لما تطلبه البحث في توثيق كل راوٍ من رواة الحديث، إلا أن قيمة نظرية الإسناد فيما يتعلق بدقة الحديث النبوي لا يمكن الشك فيها.. ومن حق المسلمين أن يفتخروا بعلم الحديث من علومهم».

واختتم شيخ الأزهر كلمته قائلا: «بالعودة إلى رحاب صاحب هذه الذكرى، صلوات الله وسلامه عليه، لأسأل تساؤل تعجبٍ ودهشةٍ بالغةٍ: من أنبأ هذا النبي الكريم قبل 14 قرنًا من الزمان أن أناسًا ممن ينتسبون إليه يخرجون يوما من الأيام ينادون باستبعاد سنته والاكتفاء بها عن القرآن؟ ليحذرنا من صنيعهم وهم لا يزالون في غياهب الظلمات».

السيسي صهيوني

ولعل من أكثر الأسباب التي تثير الشك في محاولات السيسي لتجديد الخطاب الديني، هو قربه الشديد من الصهاينة، باعتراف نتنياهو رئيس حكومة إسرائيل نفسه، الذي يقابله في السر والعلن.

حتى إن الأكاديمي الصهيوني إيدي كوهين، أثناء استضافته على فضائية “فرنس 24″، للتعليق على العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، وصف فيه عبد الفتاح السيسي بأنه أكثر صهيونية منه، وقال: “المصريون يكرهون حركة حماس ويحاصرونها أكثر منا. حركة حماس جزء من الإخوان المسلمين، والسيسي عدو الإخوان ويكره حماس”.

وتابع: “السيسي في شهر أكتوبر لم يهدّد إسرائيل، بل هدد الإخوان المسلمين. السيسي صهيوني أكثر مني، كيف يهدد إسرائيل؟”.

تصريحات كوهين أثارت جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، واتفق معه ناشطون، وربطوا بين حصار نظام السيسي لغزة وغلق المعابر، وحصار إسرائيل لها.

لا مكان للإسلام في تربية الأجيال القادمة

يسعى دائما نظام السيسي إلى إلغاء القيم الإسلامية في مناهج الاجيال القادمة حتى يقطع أي صلة بها، فبعد أن نفى ذلك في مايو الماضي، عاد وزير التعليم بحكومة الانقلاب الدكتور طارق شوقي إلى الكشف عن إلغاء مادة التربية الإسلامية، وأنه سيتم دمج كتاب مادة التربية الدينية للتلاميذ المسلمين والمسيحيين معًا لأول مرة، وتدريسه اعتبارًا من العام المقبل!.

الوزير برر هذه الخطوة المشبوهة بأنها تستهدف ترسيخ القيم والأخلاق لدى جميع الطلاب،  مدعيًا عدم وجود اعتراضات على كتاب التربية الدينية الجديد في نظام التعليم الجديد للصف الأول الابتدائي، واعتبر ذلك إنجازًا لم يحدث من قبل!.

وأعلن شوقي عن حذف السور والآيات القرآنية التي تدرس للتلاميذ، مشددًا على “أهمية التركيز على فكرة القيم والأخلاق المشتركة بين الأديان خلال تدريس مادة التربية الدينية، بشكل يتجاوز التركيز على النصوص القرآنية والإنجيلية محل الخلاف”، لافتا إلى أن الوزارة ستنظم تدريبا مكثفًا لمعلمي مادة الدين الإسلامي والمسيحي معًا، في قاعة واحدة مشتركة، خلال ديسمبر المقبل، لتبيان أهمية ترسيخ القيم والأخلاق لدى التلاميذ.

إلغاء العقيدة

تصريحات شوقي تعني شيئًا واحدًا، هو إلغاء المعتقدات الأساسية التي يؤمن بها التلاميذ المسلمون باعتبارهم يمثلون أكثر من 95% من مجموع التلاميذ في المدارس، وإذا كانت الكنيسة تستطيع احتواء أطفالها عبر مدارس الأحد والجمعة من كل أسبوع، فإن كثيرا من التلاميذ المسلمين لا يذهبون أصلا إلى المساجد ولا يتعلمون من آبائهم شيئا عن الإسلام سوى ما يتم الإشارة إليه في المدارس وكتب التربية الإسلامية، فلا حديث بعد اليوم عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن ذلك من العقائد الخلافية التي يستهدف الوزير حذفها، ولن يتعلم التلاميذ المسلمون أن المسيح عليه السلام هو رسول الله؛ لأن ذلك أيضا من العقائد الخلافية.

استرضاء الكنيسة

وتأتي خطوة وزارة التعليم بحكومة العسكر استرضاء للكنيسة والغرب عموما، وتماهيًا مع الشروط والأوامر الأمريكية باعتباره نوعًا من تجديد الخطاب الديني، وتجفيفًا لمنابع ما يسمى بالإرهاب.

وقد أكدت قيادة الكنيسة باستمرار أنها تمثل الظهير الشعبي للنظام حتى لو كان ذلك يخالف غالبية معظم الأقباط، ويعمل السيسي على استرضاء الكنيسة باستمرار من خلال قانون بناء الكنائس وزيادة “كوتة الأقباط” في البرلمان والوزارات والمحافظين والمناصب الحكومية.