دراسة أمريكية: الإخوان باقون وضرورة تنحي قائد الانقلاب

- ‎فيتقارير

قبل عدة أيام، أعد “معهد واشنطن” دراسة بعنوان: “الواقعية الجديدة في مصر: التحديات في ظل السيسي”، شارك فيها كل من الباحثة “ميشيل دون”، من إدارة “برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، و”باراك بارفي” الباحث في “مؤسسة أمريكا الجديدة”، ركزت على طرح المشكلات التي يرى الأمريكان أنها تواجه مصر حاليا بعد 5 سنوات من الانقلاب.

الدراسة ركزت على المشكلات الاقتصادية وتدهور أوضاع المصريين، وتنفيذ السيسي سياسات تضر الاقتصاد ولا تفيد المصريين، مثل بناء مشروعات تأكل أموال المصريين ولا تفيدهم بشيء سوى حفنة من الأثرياء، مثل العاصمة الجديدة.

كما ركزت على المشكلات الأمنية وقمع حقوق الإنسان بدرجة لم تحدث في مصر من قبل، واعتقال كل أصحاب الآراء المعارضة للانقلاب وقتل وتعذيب وسجن المعارضين خاصة الشباب من جماعة الإخوان المسلمين، والقيود على الجمعيات الأهلية والحقوقية والخيرية.

ونوقشت أيضًا مشاكل مصر مع المياه وأضرار سد النهضة الإثيوبي الذي وافق السيسي علي بنائه متخليًا بذلك عن حصة مصر التاريخية في مياه النيل.

وكان أبرز ما قاله الباحثون خلال الدراسة أمران:

الأول): أن جماعة الاخوان المسلمين باقية وغير صحيح أن نظام السيسي قادر علي القضاء عليها، فقد حاول من قبله عبد الناصر وغيره من الحكام الديكتاتوريين ولكنهم فشلوا، وأن الجماعة قادرة على التأقلم مع القمع وخلق أجيال جديدة في الجامعات والعمل في المجالات الخيرية المختلفة.

(الثاني): أن الأمريكان يدركون أن مصر تتجه من فشل إلى فشل في ظل سيطرة السيسي على الأوضاع منذ انقلابه العسكري واغتصابه السلطة، ولهذا فهم ينصحونه ويضغطون باتجاه ان يتوقف عن محاولات تعديل الدستور للبقاء في السلطة مدي الحياة وأن يتنحى عام 2022 حين تنتهي فترة رئاسته الثانية للرئاسة المغتصبة بالقوة.

وفيما يلي أبرز ما قاله الخبيران الأمريكيان في الدراسة:

باراك بارفي: الإخوان باقون

أكد “باراك بارفي” أن “القضاء على جماعة الإخوان المسلمين لا يزال بعيدًا بالرغم من وجود عشرات آلاف الإسلاميين في السجون”، مؤكدًا أن هذا ما حاول فعله في الماضي، الأنظمة الاستبدادية في المنطقة كتلك التي ترأسها عبد الناصر ومعمر القذافي وحافظ الأسد بغرض القضاء على هذه الحركة، ولكنهم جمعا فشلوا.

الدراسة أكدت أيضا فشل التيارات السياسية المختلفة الأخرى من الحصول على دعم شعبي كي تصبح هي المعارضة السياسية ضد السيسي باستثناء الإسلاميين، وأن أحزاب مصر اليسارية لم تعد تلقى تجاوبًا منذ فترة طويلة، وكذا التيار الليبرالي، لتبقي التيارات الاسلامية صاحبة الشعبية الأكبر.

وقالت: “اليوم لا يزال الفرع المصري للإخوان المسلمين يتصرف كدولة داخل دولة ويقدّم خدمات الرعاية الاجتماعية للكثير من المواطنين ووفقًا لأحد الباحثين، تُدير الجماعة ما بين 1500 و2000 عيادة طبية في مصر، بينما تنتمي إليها نحو 20 في المائة من المنظمات غير الحكومية البالغ عددها 5000 منظمة”.

وتابعت: “من المرجح أن تعاود جماعة الاخوان الظهور عبر تشكيل جيل جديد من الأعضاء داخل حرم الجامعات، تمامًا كما فعلت في سبعينات القرن الماضي”.

وتوصي دراسة بارفي بأن تعمل الولايات المتحدة على الضغط على السيسي لكي يتنحّى عام 2022، مؤكده: “يجب على واشنطن أن تضع أيضًا سيناريوهات إذا لم يقم بذلك”.

وتضيف: “نظرًا للشكوك المتنامية التي يبديها الرأي العام المصري بشأنه، فقد يتمكن المسئولون الأمريكيون من ممارسة المزيد من النفوذ هناك في المرحلة المقبلة، وقد يقرر الكونجرس الأمريكي مجددًا وضع شروط على المساعدات، أو تغيير ميزان “التمويل العسكري الخارجي” و”صناديق الدعم الاقتصادي”.

وعوضًا عن زيادة المساعدة الاقتصادية، يجب على الولايات المتحدة النظر في إمكانية تغيير وجهة المساعدات نحو المسائل المتعلقة بالمياه والتنمية البشرية والتعليم.

وهناك خطوة مثمرة أخرى يمكن اتخاذها وهي تغيير وجهة المساعدات العسكرية من أنظمة الأسلحة القديمة الكبيرة إلى الأنظمة المتعلقة بمكافحة الإرهاب، وبالتالي تلبية أولويةً أكثر إلحاحًا.

وتطرقت الدراسة إلى المشكلات الاقتصادية التي تعانيها مصر ومشاركة “صندوق النقد الدولي” في حلها، ومشاكل السياحة التي تحتاجها مصر لتعظيم مواردها.

وبالإضافة إلى هذه المشاكل المالية، أشارت الدراسة إلى مشروع “سد النهضة الإثيوبية الكبرى” باعتباره “مصدر قلق كبيرًا للقاهرة”؛ لأنه سيؤدي إلى انخفاض كبير في منسوب المياه الذي تحصل عليه مصر، خاصة عندما يتم ملء خزان السد.

وقالت إنه “من أجل الحد من الوقع المترتب على إمدادات المياه السنوية في مصر، يجب على واشنطن أن تحث إثيوبيا على إعادة النظر في الجدول الزمني الذي وضعته لملء السد من أربع سنوات إلى سبع سنوات”.

وأكدت الدراسة أنه “لا يزال سجل القاهرة في مجال حقوق الإنسان مدعاة للقلق، فقد اتخذت حكومة السيسي إجراءات صارمة ضد كافة أشكال المعارضة، وربما بصورة أكثر قمعية مما كانت عليه أثناء نظام جمال عبد الناصر”.

كما أن القانون الجديد الذي أقرته الحكومة بشأن المنظمات غير الحكومية يطرح مشكلة كبيرة أمام المجتمع المدني.

ميشيل دون: “وحشية السيسي” لإعادة بناء جدار الخوف

وحرصت الباحثة الأمريكية على استعراض حجم القمع الامني، حتى إنها قالت إن دراسة باراك بارفي لمعهد واشنطن “تفتقر إلى المداولات الكافية حول حرية التعبير وحرية التنظيم”.

وأوضحت أن “حالة القمع في مصر أكثر قتامة مما تشير إليه الدراسة، وأسوأ بكثير مما كانت عليه خلال عهد حسني مبارك، كما أن معظم ضحايا العنف الذي ترعاه الدولة هم من الشباب، بينما لم تعد وسائل الإعلام المستقلة قائمة”.

وأضافت: “بعد الثورة، استخدم السيسي مستويات عالية جداً من الوحشية لإعادة بناء جدار الخوف، ومن الصعب تحديد الآراء الحقيقية للسكان المحليين بسبب عدم وجود استطلاعات جيّدة في مصر”.

وتابعت: “من المرجح أن تستمر سياساته القمعية لبعض الوقت، وتشير العديد من الدلائل إلى أنه يخطط لتعديل الدستور من أجل إلغاء الشروط التي تقيّد فترة الولايات الرئاسية لكي يبقى في منصبه إلى أجل غير مسمّى”.

وتشير إلى أن مشاريع ضخمة ومعالم باهظة كالعاصمة الإدارية الجديدة “يشكك معظم المصريين في فائدة هذه الأنواع من المشاريع”.

وأنه “من خلال التركيز على مشاريع ضخمة مشكوكٌ فيها والسماح للجيش بالتوغل عميقاً داخل الاقتصاد، فإن الحكومة لا تترك أمام القطاع الخاص مجالاً كافياً للنمو مع أنه قادر على تأمين أعداد هائلة من الوظائف”.

كما اشارت “دون” الي مشكلة زيادة عدد سكان مصر وتوقع ارتفاعهم الي 128 مليون بحلول عام 2030، وتأثير هذه الأرقام على مشكلة كبيرة فيما يتعلق بنقص المياه، وتري أنه حتى لو لم يكن سد النهضة موجودًا أساسًا، فستبقى مصر تواجه تحديات حقيقية في كمية المياه على المدى البعيد بسبب نموها السكاني وأساليب الريّ المختلّة.