أسرار نووية.. هل قتلت الرياض خاشقجي بسبب معارضته فقط؟

- ‎فيتقارير

ما زال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي قُتل في مقر القنصلية السعودية بإسطنبول في أكتوبر 2018، يهدد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ويحوله إلى شخصية غير مرغوبة في أوساط المؤسسات والشركات الدولية والغربية، الأمر الذي يلقي بظلاله على المملكة كلها.

ونقلت صحيفة “إكسبريس” البريطانية عن خبير أمني أطلقت عليه اسمًا وهميًّا “أوين ويلسون”، لدواعٍ أمنية، قوله إن مقتل الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي في مبنى قنصلية بلاده في إسطنبول، في شهر أكتوبر الماضي، كان بسبب المحادثات النووية السرية للغاية بين الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” والحكومة السعودية.

وقالت الصحيفة: إن “خاشقجي”، كاتب العمود بصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، قتل داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، وسط اتهامات لولي العهد الأمير “محمد بن سلمان” بأنه هو من أرسل فرقة القتل التي نفذت العملية، ومع ذلك قالت الصحيفة البريطانية إن “أوين ويلسون” أوضح بشكل مفصل في كتاب جديد، كيف أن السعوديين كانوا يشعرون بالقلق إزاء كتابة “خاشقجي” في صحيفة أمريكية معروفة بموقفها المعارض من “ترامب”.

ولفتت إلى أن عائلة “خاشقجي” كانت منخرطة (متواجدة) مع أصحاب النفوذ في السعودية، حيث كان جده طبيبًا شخصيا للملك “بن سعود”، مؤسس المملكة السعودية، والصحفي نفسه كان مصدرًا موثوقًا للمخابرات السعودية، وتأتي على “بن سلمان” أيام صعبة، في كل زاوية يطل عليه ظل خاشقجي مع عصا بيده يريد الانتقام لمقتل سيده جمال، آخر هذه الظلال السلبية التي عاشها ابن سلمان كانت في قرار وكالة تابعة للسينما العالمية في هوليوود المعروفة باسم “أنديفور”، إعادة إسهام قدمه لها “ابن سلمان” بقيمة 400 مليون دولار مقررة لتوسيع مقار عملها للسعودية.

حقيبة أسرار

وكتب “ويلسون”: “لقد كان (خاشقجي) مطلعًا على العديد من الأسرار السعودية باعتباره شخصًا موضع ثقة للأمير تركي الفيصل، رئيس المخابرات السعودية السابق الذي ظل لفترة طويلة في منصبه، وأيضا كان مستشاره عندما كان الفيصل سفيرًا للرياض في لندن ثم للولايات المتحدة الأمريكية”.

وتابع “ويلسون”: “كل هذا يثير التساؤلات إذا ما كان خاشقجي يعرف الكثير من الأمور أكثر من اللازم”، مضيفا: “هل كان طرفا لبعض الأسرار الخطيرة التي كان أصدقاؤه السابقون في الرياض يخشون أنه ربما يفشيها إذا لم يتم إسكاته؟”، ومضى قائلا: “إن هروب خاشقجي إلى الولايات المتحدة تسبّب في قلق السعوديين؛ لأن لديه نظرة ثاقبة لرغبة المملكة التي طال أمدها لتطوير قدرتها النووية، كثقل موازن لطموحات القنبلة النووية لإيران عدوها الأول”.

وأضاف “ويلسون”: “ربما أيضا كان (خاشقجي) يدرك حرص ترامب على بيع التكنولوجيا النووية لهم”، ما جعل خاشقجي عبئا على السعودية لا يمكن إزالته إلا بالقضاء عليه”، وتعتقد وكالات الاستخبارات الأمريكية أن “بن سلمان” أمر باغتيال “خاشقجي”، لكن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” رفض هذا الادعاء، في حين نفت السعودية أن يكون ولي العهد وراء عملية الاغتيال.

وفى فبراير، كشفت لجنة تحقيق تقودها الولايات المتحدة عن أن مسئولين بالدولة السعودية ارتكبوا مع سبق الإصرار والترصد القتل الوحشي للصحفي “جمال خاشقجي”، وعلى طريقة “القتلة المتسلسلين” الذين عُرفوا في التاريخ بقتلهم أشخاصًا وتقطيعهم، أو حتى حرقهم ونثر ما تبقى من عظامهم ورمادهم في كثير من الأماكن لمحاولة إخفاء طريقة القتل وملامح الشخص، حُرقت أجزاء من جثة الصحفي السعودي.

فرن القنصلية!

أحد الاحتمالات هو أن تكون جثة خاشقجي قد حُرقت في فرن كبير مثير للشبهة، صُمم بمواصفات محددة وغير معهودة، وُضع في بيت القنصل السعودي محمد العتيبي، ليزيد غموض الاختفاء، هذا الفرن الذي كُشف عن مواصفاته خلال حلقة من البرنامج الاستقصائي “ما خفي أعظم”، والتي تناولت جريمة قتل خاشقجي، بقنصلية الرياض في إسطنبول يوم 2 أكتوبر الماضي، على يد فريق اغتيال سعودي، أثار استغرابا من دوره في هذه الأحداث.

السلطات التركية تعتقد أنه من خلال هذا الفرن تم التخلص من جثة خاشقجي ومحو جميع آثارها، وأكد ذلك أكثر، ما كشفه البرنامج من شهادة للعامل الذي بنى الفرن بمواصفات محددة وبطلب مباشر من العتيبي، قبل وقت ليس بطويل من مقتل خاشقجي.

ورفض العامل، الذي كان يتحدث باللهجة السورية للبرنامج، الكشف عن هويته، وقال: “طلب مني القنصل السعودي العتيبي إنو نعملو فرن خبز ومندي، مشان يشوي خواريف في بيته بإسطنبول، ونحن بس بلشنا شغل إجا القنصل وأعطاني ورقة فيها المقاسات المطلوبة للفرن، أنا قلتلو يعني -طال عمرك- ما بدي لا ورقة ولا قياسات، أنا عندي القياسات وأنا بشتغل أفران.. أفران الخواريف معروفة يعني لها سيستم نعرفه نحن قياسات معينة وموحدة وكل شي”.

وتابع العامل: “قام قلي لا بتشتغل بهاي الورقة إنت، قلتلو أي متل ما بدك، لما شفت القياسات قلتله هاد مو فرن مندي، فرن صهر قوي جداً، فغضب مني وقلي إنت بتشتغل وما بتناقش، فأنا قلتلو خلص متل ما بدك ما بدي أناقشك، لأنه بالنهاية أنا عامل بدي أشتغل وأعيش، هلأ صارت مهمتي أصنع فرن صهر مو فرن خواريف”.

هذا الفرن، الذي قد يكون تم التخلص فيه من أجزاء من جثة خاشقجي حرقا، رصدته السلطات التركية مشتعلاً ثلاثة أيام بعد إدخال الحقائب التي حملت أجزاء الجثة، وكشفت التحقيقات أن طلبا تم من بيت القنصل يوم الجريمة لـ45 كجم من اللحم النيئ من أحد مطاعم إسطنبول المعروفة، تعتقد السلطات التركية أنها استُخدمت للتغطية على حرق الجثة والتخلص من آثارها.