إسرائيل تخشى على السيسي من ثورة شعبية.. دراسة عبرية: ادعموا السيسي في ملف المياه

- ‎فيتقارير

دائمًا ما تلح وسائل الإعلام ومراكز البحث الصهيونية على ضرورة حماية نظام الجنرال عبد الفتاح السيسي في مصر بشتى الوسائل؛ خوفًا عليه من ثورة شعبية تطيح به، باعتباره كنزا للصهاينة لا يجوز أبدا التخلي عنه أو تركه يسقط وحيدا. وكان آخر هذه الصيحات دراسة “إسرائيلية” دعت حكومة الاحتلال إلى تقديم مساعدات عاجلة لنظام السيسي؛ لتمكينه من مواجهة تداعيات أزمة نقص المياه الخانقة التي تعاني منها مصر حاليا، مشددة على أن هذه الأزمة يمكن أن تتسبب في توفير بيئة تُفضي إلى انفجار ثورة شعبية تهدد استقرار نظام الحكم الحالي في القاهرة، وتمس الاستقرار في المنطقة، على غرار ما أسفرت عنه ثورات “الربيع العربي”.

وبحسب الدراسة التي صدرت عن “مركز أبحاث الأمن القومي” الإسرائيلي، ونشرها موقعه الجمعة 24 أغسطس الجاري، فإن المساعدات الإسرائيلية التي يمكن أن تقدم لمصر ستساعد في إحداث تحوّل كبير على مسار التطبيع مع القاهرة، مشيرة إلى أن تقديم تل أبيب خبراتها “العلمية والعملية” في مجال اقتصاديات المياه، والتحلية، والزراعة الصحراوية، ستوفر فضاءات تسمح بتعميق علاقات السلام بين الجانبين.

رعاية صهيونية متواصلة

وكان يوسي إليعاز، الكاتب الإسرائيلي بموقع “نيوز ون” الإخباري، قد انتقد في أغسطس العام الماضي 2017، قرار الإدارة الأمريكية تقليص مساعداتها الاقتصادية المقدمة إلى نظام السيسي، محذرا من مصر إذا سقطت مجددا في أيدي الإخوان المسلمين (يقصد الديمقراطية) فسوف ينهار ما وصفه بالتوازن النسبي في المنطقة. محذرا من نشوب حرب حال تحولت مصر إلى الهوية الإسلامية، معتبرا أن المساعدات الأمريكية المقدمة إلى نظام السيسي تعتبر أقل بكثير من النفقات المتوقعة إذا سقط نظام الجيش في مصر. ودعا دوائر صنع القرار في إسرائيل إلى القيام بحراك سياسي ودبلوماسي داخل الولايات المتحدة، من أجل ممارسة تأثير عليها للحيلولة دون تنفيذ القرار الأمريكي، وعدم الوقوف مكتوفي الأيدي حيال هذا التطور السلبي. وهو ما تحقق بالفعل خلال الشهور الأخيرة، وعلقت إدارة ترامب تجميد هذه المساعدات، ما يؤكد نجاح الجهود الصهيونية في دعم نظام السيسي في أروقة الإدارة الأمريكية.

كما أوصت ورقة بحثية إسرائيلية- أعدها الخبير الإسرائيلي في الشئون العربية يوني بن مناحيم، صدرت في منتصف سبتمبر 2017- بضرورة حماية نظام السيسي، مؤكدة أن مصلحة “إسرائيل” تكمن في بقاء نظام السيسي، وأنه لا يوجد أحد أفضل منه لهذا المنصب بالنسبة لمصالح إسرائيل!.

وأضافت الدراسة- التي نشرها المعهد الأورشليمي للشئون العامة والدولة- أن الحافز الذي يدفع إسرائيل لتفضيل بقاء السيسي يكمن في أن مصر هي أكبر دولة عربية ترتبط معها بمعاهدة سلام، ولدى إسرائيل منظومة تعاون أمني ممتازة معها، بجانب التنسيق معها في المجال السياسي.

خطورة ملف المياه

وبالعودة إلى دراسة “مركز أبحاث الأمن القومي” الإسرائيلي، والتي أعدها الباحثان عوفر فنتور ويوغف بن يسرائيل، فإن الوزارات والمؤسسات الرسمية الإسرائيلية ذات العلاقة بإمكانها أن تعد تصورات للتعاون مع مصر في مجال المياه، تستند أيضا إلى إشراك كل من السعودية والأردن والسلطة الفلسطينية، مشيرة إلى أن هذا التحول سيعزز من مكانة إسرائيل الإقليمية ويرفع من قيمتها الاستراتيجية.

وأعاد معدا الدراسة إلى الأذهان حقيقة أن إسرائيل استغلت مشكلة نقص المياه في الأردن من أجل تعزيز علاقاتها بنظام الحكم الملكي هناك، مشيرَين إلى أن مبادرة تل أبيب بتقديم المساعدات لمصر ستساعد نظام السيسي على تسويق فوائد السلام مع إسرائيل.

وتحذّر الدراسة من تداعيات جيوسياسية وديموغرافية لأزمة المياه الخانقة في مصر، وذلك نتيجة المس بالأمن الغذائي وبسبب تراجع الزراعة، وتوجيه الموارد لتحلية المياه، متوقعة أن يسهم هذا الواقع في تعاظم مستويات الهجرة الداخلية إلى المدن المصرية.

وتوقعت أن تفضي الهجرة الكبيرة إلى المدن المصرية إلى انهيار البنى التحتية هناك بسبب محدودية جاهزيتها لتقديم الخدمات، مما قد يمهد أمام تفجّر احتجاجات جماهيرية داخل مصر تؤثر على الإقليم بأكمله.

وأشارت إلى أن لكل من مصر وإسرائيل تجربة غنية في التعاون في المجال الاقتصادي، لافتةً بشكل خاص إلى “النهج المنفتح” الذي يتبناه السيسي، والذي لا يبدي حساسية من تلقي الدعم الخارجي.

وأوضحت الدراسة التي ترجمها صالح النعامي، المتخصص في الشأن العبري، أنه سبق لإسرائيل أن قدمت مساعدة علمية وفنية لمصر في مجال الزراعة، علاوة على أن الطرفين قد تعاونا في مجال التصدير من خلال اتفاقات “QIZ”، إلى جانب صفقة بيع الغاز الإسرائيلي لمصر، والتي وُقعت في فبراير/شباط الماضي.

وبحسب الدراسة، فإن واقع المياه في مصر يسمح لإسرائيل بعرض الكثير من مجالات التعاون، مشيرة إلى أن المشكلة التي تواجه مصر لا تنحصر في تراجع حصتها من نهر النيل، بل تتمثل أيضا في تراجع جودة المياه، إلى جانب هدر كميات كبيرة منها بسبب عدم مواءمة شبكات نقل المياه.

وبينت أن المياه التي يتناولها المصريون غير صالحة للشرب، لافتةً إلى أن محطات التحلية توفر فقط 0.6 في المائة من مياه الشرب، في حين أن نسبة الفاقد من المياه تصل إلى 15 في المائة، بفعل الأعطاب التي أصابت منظومة نقل المياه. وأشارت إلى أن هذا الواقع يتكرس في الوقت الذي يتعاظم فيه النمو السكاني، مع وصول عدد السكان إلى 100 مليون نسمة.

وأوضحت أن ما يزيد الأمور تعقيدا حقيقة أن إثيوبيا لم تقدم أية تصورات حول كيفية تطبيق التفاهم الذي توصل إليه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، قبل شهرين، والذي التزم بموجبه الأخير بألا يفضي ملء خزانات سد النهضة إلى تقليص حصة مصر من المياه.

وبحسب الدراسة، فإن الاتفاقات التي توصلت إليها القاهرة وأديس أبابا تدلل على أن السيسي سلم بحق الإثيوبيين في بناء سد النهضة، على الرغم من الطاقة الكامنة فيه كتهديد وجودي على مصر.

وأشارت الدراسة إلى أن معضلة نقص المياه في مصر ستتفاقم، ليس فقط بسبب تداعيات بناء سد النهضة، بل أيضا بسبب تراجع منسوب نهر النيل، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، مشيرة إلى أنه في أواخر ستينيات القرن الماضي كان النيل يضخ 84 مليار متر مكعب من المياه سنوياً، في حين يضخ حاليا 56 مليار متر مكعب فقط.