انتخابات الجامعات.. صناديق فارغة وعزوف طلابي غير مسبوق

- ‎فيتقارير

كشفت المرحلة الأولى من انتخابات اتحاد الجامعات عزوفًا طلابيًا واسعًا عن المشاركة؛ وهو ما يتسق مع الثقافة الشعبية العامة في كل ما جرى من مسرحيات انتخابية بعد انقلاب 30 يونيو المشئوم الذي أجهض المسار الديمقراطي وكرّس السلطوية العسكرية وحكم الجنراالات الاستبدادي.

العزوف الطلابي بدأ مبكرًا مع فتح باب الترشح؛ حيث كان أكبر عدد للمرشحين بجامعة جنوب الوادي بنسبة 6.8% مقارنة بإجمالي عدد الطلاب.

ومع بدء اليوم المخصص لانتخابات الجولة الأولى كان المشهد أكثر فتورًا ومتشابهًا في معظم الجامعات.. اللجان شبه فارغة من الناخبين، ومعظم المقاعد حسمت بالتزكية والتعيين.

معالم الفضيحة كانت بارزة في كلية التجارة بجامعة القاهرة؛ حيث كان معقل المنافسات الانتخابية الشرسة بين طلاب الإخوان المسلمين والطلاب الموالين للأجهزة الأمنية، أما في مسرحية اليوم، فقد تزاحمت ساحة كلية التجارة جامعة القاهرة بأعداد الطلاب، لكنهم لم ينشغلوا بانتخابات الاتحاد، فمع غلق باب الاقتراع، أعلنت اللجنة أن 128 طالبًا فقط أدلوا بأصواتهم، ما يمثل “0.02% فقط من نسبة الطلاب بالكلية! الذي يبلغ 51500 طالبًا، لم يهتم منهم سوى 0.2% وهي نسبة ضئيلة بالطبع.

إعادة الانتخابات

في كليات جامعة المنصورة أيضًا كانت الصناديق شبه فارغة، فالجامعة التي تضم 18 كلية ستُعيد الانتخابات في 12 منها، في حين حسمت 5 كليات بالتزكية والتعيين. ولم يكتمل نصاب الناخبين في جامعة المنصورة سوى في كلية رياض الأطفال فقط.

الوضع في معظم الجامعات شبيه بجامعة المنصورة، فمصير الانتخابات في معظم الكليات ستكون الإعادة لضعف إقبال الطلاب، وهو ما يعكس سلبية واسعة لم تشهدها مصر طوال تاريخها كله.

ففي جامعة الإسكندرية، التي تعد معقلاً لأسرس مشاهد الانتخابات، أجريت الانتخابات في 10 كليات، لكن لقلة أعداد الناخبين ستعاد الانتخابات فيها مرة أخرى؛ لأن اللائحة الطلابية التي أقرتها حكومة العسكر تشترط لحسم الانتخابات دون إعادة، حضور 50% + طالب من إجمالي من لهم حق التصويت.

الصورة كانت غريبة في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، هذه الكلية التي يفترض أنها تعلم الطلاب أصول السياسة وممارستها، لكن هذه الانتخابات لم يشارك فيها سوى 12 طالبًا فقط. وتقول المشرفة على انتخابات الفرقة الثانية، شيماء رضا، إن صندوق الانتخابات وضع به صوت واحد من إجمالي 765 لهم حق التصويت.

وانشغل طلاب كلية الطب البيطري جامعة أسيوط بالتدريب العملي في المستشفى، ما أدى لانعدام حضور الناخبين للجان. ويؤكد المشرف على صناديق الانتخابات، محمد سيد، أن الكلية ستوفر أتوبيس خاصًّا بصناديق الانتخاب للذهاب للمستشفى حتى يتمكن الطلاب من الإدلاء بأصواتهم، بحضور وكيل الكلية ومدير رعاية الشباب.

أما في كلية التجارة التي تعد من الكليات صاحبة الكثافة الكبيرة في جامعة أسيوط، فلم تشهد حضورًا يناسب الأعداد الكبيرة للمنتسبين لهذه الكلية. فثمة عدد قليل من الطلاب توافدوا على صناديق الفرقة الأولى والثالثة، بينما شهدت لجان الفرقة الثانية والرابعة هدوءًا على مدار اليوم.

انتقادات للنظام

وانتقد طلاب الجامعات في مصر قرار وزير التعليم العالي بحكومة الانقلاب الدكتور خالد عبد الغفار؛ أن تكون الدعاية الانتخابية لانتخابات طلاب الجامعات يومًا واحدًا فقط، مؤكدين أنه “قرار سياسي”، ويصبّ في مصلحة بعض الطلاب ضد آخرين.

وكان النظام العسكري قد ضغط أيام الانتخابات حتى لا يتمكن الطلاب من المشاركة ما يفضي إلى تعيين معظم الاتحادات من جانب الأجهزة الأمنية.

وانطلقت الدعاية الانتخابية يوم الخميس الماضي ليوم واحد فقط، وأجريت الجولة الأولى اليوم الأحد وسط عزوف طلابي واسع، وانتقد الطلاب نزع العديد من اللافتات الانتخابية، وإحالة أصحابها للتحقيق بتهم من بينها تكدير الأمن العام، وهو الأمر الذي اعتبره الطلاب تدخلاً في حرية اختيار من يمثلهم، فضلاً عن منْع استخدام ملصقات الحوائط، ومنع استخدام مكبرات الصوت.

تدخل أمني

وشهدت فترة الطعون الانتخابية، شطب واستبعاد عدد من المرشحين من خلال التدخل الأمني، وسط توقعات بفوز الطلاب “المرضي عنهم” أمنيًا وإداريًا بالتزكية، ما قوبل بتهديدات من الطلاب بالعزوف عن المشاركة في الانتخابات، فضلاً عن محاولات لبعض التيارات السياسية التحايل على حرمان أفرادها من الترشح، بتكوين كيانات موازية مثل الاتحاد الحر.

وظهر التدخل الأمني واضحًا في استبعاد المرشحين في جامعة الفيوم، إذ يتعامل الجهاز الأمني مع المحافظة باعتبارها معقلاً لعدد من التيارات الإسلامية، وخاصة جماعة “الإخوان”، كما قرر رئيس جامعة حلوان، الدكتور ماجد نجم، استبعاد ما يقارب من 140 طالبًا من الترشح لوجود ملاحظات أمنية وإدارية عليهم، مبررًا قرار استبعادهم بعدم استيفاء الأوراق، أو قلة نشاط الطالب بالكلية.

وقال طالب في الفرقة الثالثة بكلية الصيدلة بجامعة القاهرة: إن هناك تعمّدًا للتدخل في الانتخابات الطلابية، مشيرًا إلى أن مئات الطلاب لم يستطيعوا الترشح؛ لأن سحْب الاستمارات كان يوم الخميس، وليوم واحد فقط، وكان الإعلان مفاجئًا، ولم يستطع غالبية الطلاب استخراج الأوراق اللازمة، ودفع رسوم المالية السنوية.

وأوضح أن اختيار يوم الخميس يومًا وحيدًا للدعاية يشير إلى أنّ الحكومة الانقلابية لها رأي في العملية الانتخابية، وخاصة أن يومي الجمعة والسبت إجازة رسمية، والانتخابات تُجرى الأحد.