بالفيديو.. دلالات تمسح السيسي بالثقافة العربية لتبرير الإعدامات المسيسة

- ‎فيتقارير

برر زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي أحكام الإعدام المسيسة التي نفّذتها قواته بحق أنصار الرئيس المختطف في سجون العسكر بتهم ملفقة، الدكتور محمد مرسي، واعتبرها جزءًا من الثقافة العربية.

وقال السيسي، في رده على سؤال بشأن أوضاع حقوق الإنسان في مصر، في ختام فعاليات القمة العربية الأوروبية المنعقدة في مدينة شرم الشيخ: إن “الأولوية في البلدان الأوروبية تتمثل في تحقيق الرفاهية لمواطنيها، خلاف الأولويات في المنطقة العربية، والتي تتمثل في الحفاظ على الدولة من السقوط والانهيار والخراب، كما ترون في دول كثيرة مجاورة لنا”.

وأضاف السيسي: “أنتم تتحدثون عن عقوبة الإعدام، ونقدر ذلك. ولكن أرجو ألا تفرضوا علينا أمرا، فعندما يقتل مواطن بعمل إرهابي، تطالب أسرته بالقصاص له، ولو طالبنا الدول الأوروبية أن تراجع نفسها وتراجع عقوبة الإعدام لديها، فهذا يعني أننا غير متفهمين للوضع في أوروبا”، مستطردًا “أنتم مش هاتعلمونا إنسانيتنا، فلدينا إنسانيتنا وأخلاقياتنا كما لديكم، وعليكم أن تحترموها كما نحترمها لديكم”.

تمسُّح السيسي بالثقافة العربية لتبرير الأحكام المسيسة التي أدانتها منظمات دولية وحقوقية مرموقة، مثل “العفو الدولة”، و”المفوضية الأممية لحقوق الإنسان” و”هيومن رايتس ووتش”، جاء في سياق هجومه خلال مؤتمر صحفي عقده أمس الإثنين في ختام فعاليات ما تسمى بالقمة العربية الأوروبية، والتي نظمت في مدينة شرم الشيخ على مدار يومين، على الانتقادات الأوروبية لتلك الأحكام التي يصدرها النظام ضد معارضيه، وكان آخرها تنفيذ حكم الإعدام بحق 15 ناشطًا إسلاميًا خلال أقل من شهرين فقط.

وزعم السيسي أن حكم الإعدام هو من “ثقافة المنطقة العربية”، والتي تستدعي إصدار أحكام رادعة لتهدئة أهالي ضحايا الهجمات الإرهابية في مصر. وجزّأ السيسي مفهوم الإنسانية والأخلاق حينما خاطب الأوروبيين قائلا: “لنا أخلاقنا وإنسانيتنا التي تناسب مجتمعنا، ولكم أنتم أخلاقكم وإنسانيتكم التي تناسبكم”، مطالبًا باحترام الفروقات.

تدليس مفضوح

السيسي مارس التدليس؛ ذلك أن معارضي النظام العسكري وخصومه لم يدخلوا مطلقا في جدل حول مشروعية العقوبة في حد ذاتها، بل حول المحاكمات المسيسة التي افتقدت إلى أدنى معايير العدالة والنزاهة، حيث اعتمدت المحاكمات على اعترافات انتزعت من الضحايا بالإكراه تحت سياط التعذيب الشديد والصعق المؤلم بالكهرباء.

كما أن القضاة الذين أصدروا هذه “القرارات” انتقاهم النظام لنظر هذه القضايا تحديدًا تحت مسمى “دوائر الإرهاب”، وهو ما يخالف القواعد الدستورية والقانونية التي تحظر تخصيص قضاة معينين لنظر قضايا بعينها. إلى ذلك تؤكد منظمات حقوقية أن هؤلاء القضاة تجاهلوا عمدًا أدلة وقرائن البراءة، معتمدين فقط على تحريات الأمن الوطني التي تعصف بها الأدلة من كل جانب.

وأمام انعدام العدالة في ظل هذه الأجواء وخلال مرحلة ما بعد انقلاب 03 يوليو 2013م؛  ارتفعت مطالب ودعوات بضرورة تجميد هذه العقوبة مؤقتا حتى تتوافر ضمانات المحاكمات العادلة والنزيهة؛ ذلك أن التمسح بأنها جزء من الثقافة والدين هو نوع من التدليس والتوظيف السياسي للثقافة والأحكام الدينية التي يتم العصف بها غالبا، ولا يتم استدعاؤها إلا إذا كان في خدمة السلطة الباطشة التي تمارس أبشع صور الظلم والانتهاكات.

مغزى هذا التبرير

دلالات هذا التبرير من جانب رئيس الانقلاب أنه يبعث برسالة مفادها أنها ماض في تنفيذ هذه القرارات الظالمة التي شابها انعدام الأدلة وفساد الاستدلال وقصور في التكييف القانوني اعتمد على التصنيف  السياسي للضحايا باعتبارهم من خصوم النظام ومعارضيه، ولذلك جاءت القرارات مسيسة وغير مبررة.

مغزى ذلك أيضا أن السيسي ينظر إلى شعوب المنطقة، خاصة المصريين، على أنهم لا يستحقون ما تتمتع به الشعوب الأوروبية من حقوق وحريات تحسدهم عليها باقي شعوب الأرض؛ وفي ذلك تكريس للنظرة الدونية للمنطقة وشعوبها، وأن هذا الانتهاكات سوف تظل ما بقى السيسي مغتصبا للسلطة، ولن تنعم مصر بالأمن والاستقرار الحقيقي لا المزيف إلا بعد الإطاحة بالجنرال الطاغية والقواعد التي تأسس عليها نظامه الفاشي العسكري.

من التدليس كذلك أن السيسي كشف عن فساد تصوراته، بالزعم أن الحفاظ على الدولة مقدم على حقوق الإنسان، رغم أن أهم أساسات الحفاظ على الدولة ووظيفتها هو حماية شعبها واحترام حقوقه وحرياته، حيث يدعي السيسي أن “الأولوية في البلدان الأوروبية تتمثل في تحقيق الرفاهية لمواطنيها، خلاف الأولويات في المنطقة العربية، والتي تتمثل في الحفاظ على الدولة من السقوط والانهيار والخراب، كما ترون في دول كثيرة مجاورة لنا”!، ولو كان السيسي متزنا؛ لأدرك أن سبب انهيار هذه البلاد هو الظلم والاستبداد وانتهاك حقوق الإنسان.