تغيير أنماط التفكير بمصر وفق الرؤى الغربية.. كارثة منظومة التعليم الجديدة

- ‎فيتقارير

لعل حالة الهياج الاعلامي والسياسي التي تشهدها الاروقة المجتمعية في مصر مؤخرا، حول نظام التعليم الجديد ونظام الثانوية العامة الجديد، تخفي الكثير من دقائق امور حول ابعاد النظام التعليمي الجديد، الذي يتشدق به وزير التعليم طارق شوقي، بوصفه من بينات افكاره وبايد وعقول مصرية…يستهدف التطوير والتقدم، دون الاشارة لا من قريب او بعيد بان تلك المنظومة الجديدة خطط لها خبراء دوليون مرتبطون بالقوى العالمية، عبر البنك الدولي، الذي يبدو دوره كأنه ممول فقط، بينما الخطط التربوية والتعليمية والثقافية، هي من وضعها البنك الدولي وخبرائه، لتغيير انماط التفكير في مصر المستقبل وفق الرؤى الغربية، التي غالبا ما تتدخل بقدر كبير فيها المؤسسة الكنسية والدوائر المقربة من الصهاينة والامريكان.

يشارإلى أنه  خلال الفترة الماضية، بدأ طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، في طرح النظام التعليمي الجديد، الذي أكد أن تطبيقه سيبدأ من سبتمبر المقبل، موضحًا أن هذا النظام الجديد تم وضعه بأيدٍ مصرية، وأنه سيتم تمويله من البنك الدولي بقيمة نصف مليار دولار.

ونشط الوزير في لقاءات إعلامية مختلفة؛ لطرح منظومة التعليم الجديدة، وعقد اجتماعا مع مجلس النواب لمناقشتها، ورغم الاعتراضات من أولياء الأمور وأعضاء البرلمان؛ إلا أن الوزير «صدم» الجميع بقوله إن النظام التعليمي الجديد سيتم تطبيقه من العام المقبل مهما كانت الاعتراضات، وأن السيسي يدعم النظام الجديد، وذلك لتخويف المعارضين للنظام من ابناء نظام السيسي.

ورغم أن النظام التعليمي الجديد لم يخضع للحوار المجتمعي، ولم يوافق عليه مجلس النواب، ولم يتم كذلك إعلانه بشكل كامل؛ إلا أن تطبيقه أصبح أمرًا محسومًا، وذلك لأن مصر وقّعت على تعهد واتفاقية بتطبيقه، وحصلت بموجبه على تمويل من البنك الدولي بقيمة نصف مليار دولار.

ورغم أن وزير التعليم دائما ما يكرر أن المنظومة من «بنات أفكاره»، وبخبرات من الوزارة، إلا أن وثيقة للبنك الدولي تم تداولها مؤخرا، يعود تاريخ إصدارها إلى الرابع من فبراير الماضي، وقبل حديث الوزير عن أية تغييرات في التعليم، بأكثر من شهرين.

وبمضاهاة، تلك الوثيقة بتصريحات وزير التعليم نجد أن الوزير نقل ما تضمنته الوثيقة بشكل دقيق، فيما تحدث عنه بشأن مرحلة رياض الأطفال والابتدائية والمرحلة الثانوية، إلا أن أسرارا جديدة كشفتها الوثيقة لم يعلن عنها الوزير حتى الآن، تشمل تطويرًا لنظام التقييم في الإعدادية والقبول بالمدارس الثانوية، وكذلك الصف الرابع الابتدائي، فضلًا عن الثانوية العامة.

وتكشف الوثيقة التي أعدها كل من “خوان مانويل مورينو أولميديال رئيس فريق العمل، وكبير أخصائي التعليم بـ«البنك الدولي»، وأميرة محمد إبراهيم كاظم، أخصائي أول عمليات بالبنك، والمهتمة بالتعليم في دول الصراع”، تفاصيل النظام التعليمي الجديد المقرر تطبيقه في مصر.

وصمم «أولميديال» من قبل برنامج مساندة إصلاح التعليم في الأردن، والذي موله البنك الدولي عام 2015 بقيمة 200 مليون دولار للمساعدة في توسيع نطاق الحصول على التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، وتحسين تقييم التلاميذ، وظروف التدريس والتعلُّم للأطفال الأردنيين واللاجئين السوريين، ويبلغ عدد المستفيدين من المشروع حوالي 700،000 تلميذ أردني ولاجئ سوري.

كما ساهمت أميرة كاظم، في مشروعات التعليم في مجالات تنمية المهارات والتعليم الأساسي والعالي وخاصة في مصر والأردن، ولها خطة بحثية لتطوير التعليم في اليمن.

تم إقرار المشروع الجديد لتطوير التعليم المصري من قبل خبراء البنك الدولي ووافقت عليه مصر، وشمل تمويلا للمشروع مقداره مليارا دولار، يساهم البنك الدولي بنصف مليار دولار في حين تتحمل الدولة الجزء المتبقي، وتم التوقيع بالموافقة على المشروع من وزيرة التعاون الدولي، سحر نصر كطرف مقترض، وطارق شوقي، وزير التعليم كجهة تنفيذ، ويتركز المشروع على المدارس الحكومية، ولا يتعرض لأي نوع آخر من المدارس، كما لا يتناول أي حديث عن التعليم الفني باستثناء دعم القطاع الخاص له.

وسيتم تقسيم التمويل المخصص للمشروع لخمسة أقسام: 1: تطوير التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة (100 مليون دولار). 2- الارتقاء بفاعلية المعلمين والمديرين التربويين (100 مليون دولار). 3- إصلاح نظام التقييم الشامل من أجل تحسين التحصيل العلمي للطالب (120 مليون دولار). 4- تعزيز مستويات تقديم الخدمات من خلال أنظمة التعليم القائمة على الربط الشبكي (160 مليون دولار). 5- تدعيم تقديم الخدمات من خلال مبادرات على مستوى المنظومة التعليمية (20 مليون دولار).

وستشمل التغييرات الجديدة الملتحقين بالصف الأول والصف الثاني في مرحلة رياض الأطفال والصفوف الثلاثة الأولى من المرحلة الابتدائية، والصفوف من الأول إلى الثالث الثانوي، بالإضافة إلى جزء لم يتم الإعلان عنه حتى الآن وهو ما يخص الصف الرابع والصف الثالث الإعدادي.
وبحسب مستهدفات المنظومة التي وضعها البنك الدولي، ويسير على خطاها وزير التعليم، ستكسر فكرة الفواصل بين الجنسين بدرجة كبيرة خلال المراحل التعليمية المختلفة..

ويضمن نظام التقويم الشامل الممتد ـ والذي ستشرف عليه إحدى الشركات الدولية، بوضع إجراءات للتقييم ترتكز على المدرسة، مع تنسيق خارجي لتسهيل وضع الدرجات أو تسجيلها.

وذلك مع عمل وإدارة تصميم خاص بالصف الرابع الابتدائي، يستند إلى نظام العينة لتحصيلهم في القدرات الرئيسية في إطار الاتساق مع المنهج الجديد، ومع التركيز على معرفة المهارات الأساسية للقراءة والكتابة والحساب.

وكذلك تطوير امتحانات الصف الثالث الإعدادي، والتي يتم حاليا تنفيذها على مستوى المديريات بالمحافظات، وتنظم الانتقال من المرحلة الإعدادية إلى المرحلة الثانوية، وتستخدم هذه الامتحانات لتحديد مكان الطالب إما في مدارس الثانوي العام أو الثانوي الفني (المهني)، سيعمل النظام الجديد على تصميم وتطوير امتحانات قدرات على مستوى الدولة للصف الثالث الإعدادي من شأنها إصلاح عملية تحديد مستوى الطالب ومكانه في التعليم الثانوي، ما يعكس المناهج التي تم تطويرها وإصلاحها في المرحلة الإعدادية.

وفي المحور الرابع الخاص بتعزيز مستويات تقديم الخدمات من خلال أنظمة التعليم القائمة على الربط الشبكي، سيشتمل على تعزيز التزام الحكومة بالاستثمار في البنية التحتية الجديدة لتكنولوجيا التعليم وخدماته، وهو ما سيتيح لشركات الجيش الولوج بقوة نحو التوسع في المشروعات التعليمية الخاصة، كما حدث في سلسلة مدارس بدر، التي يشرف عليها العسكر..

وسيتم كذلك إنشاء منصة إلكترونية لتقديم الخدمات وإدارة التقييم بمساعدة الحاسب الآلي، وستعمل المنصة على تصميم وإعداد وتطوير وطرح مجموعة من اختبارات تقييم الطلاب بمساعدة الحاسب الآلي على أن تجرى هذه الاختبارات مرتين في السنة للصفوف الأول والثاني والثالث الثانوي، كما سيتم استخدام هذه المجموعة لتقييمات الصف الرابع والصف الثالث الإعدادي على مستوى الدولة، وستعمل هذه المنصة إلكترونيا على تسهيل وتيسير وتأمين إجراء الاختبارات، وتحديد درجاتها، وتقديم شهادات (تقارير درجات الطلاب) للطلاب كل على حدة على نحو آمن، وذلكتحت سيطرة امنية كاملة في ظل ترسانة القوانين التي تشهدها الساحة المصرية للتضييق على حرية الانترنت واستخدام شبكات التواصل الاجتماعي وتقليص الحريات العامة في استخدام تكنولوجيا الانترنت والتواصل الاعلامي، وهو ما يضع الطلاب تحت دائرة المراقبة والتجسس الحكوميظن الذي قد يضعهم منذ البداية في سلة المغضوب عليهم من قبل النظام العسكري.

الثانوية العامة

وأعد نظام الانقلاب العسكري مشروع نظام التعليم الثانوي المعدل بنظام التقييم على 3 سنوات، والذي سيعلنه السيسي من جامعة القاهرة في يوليو الجاري.

ويقوم النظام الجديد على إلغاء التقسيم القديم “علمي وأدبي” وسيدرس الطالب في الصف الثاني الشعبتين “علمي وأدبي” وفي الصف الثالث سيدرس الشعبتين دون تقسيم إلى “علمي علوم وعلمي رياضة”.

على أن يجتاز الطالب عددًا من الامتحانات على مدار الثلاث سنوات، ويحتسب منها أعلى الدرجات بنسب متدرجة، تضمن حضور الطالب ونجاحه في كل الامتحانات، مع احتساب أفضل الدرجات في المجموع الكلي التراكمي النهائي، للتقدم لتنسيق القبول بالجامعات.

وسيكون الامتحانات على مستوى المدرسة وليس على مستوى الجمهورية مع وجود قواعد صارمة للغياب.

على أن يستخدم الطالب “التابلت” في المرحلة الثانوية، وسيرسل الامتحان إلى الطلاب عن طريق بنك الأسئلة المركزي، ويوضع ويصحح دون تدخل عنصر بشري به.

على أن يكون الصف الأول الثانوي في العام الدراسي الجديد سنة تجريبية لهذا النظام المعدل.
ويروج طارق شوقي للنظام الفروض عليه من قبل البنك الدولي، بأن بناء نظام تعليمى جديد، ينتج جيلا من المفكرين والأدباء والمبدعين ويزيل أسباب التوتر والتهديدات التى تعيشها الأسرة المصرية طوال مراحل التعليم قبل الجامعى…دون الاجابة عن مصير الالاف العلماء المصريين المغيبين في السجون او الذين اضطرطهم ظروف مصر المعيشية او السياسية لهجران اوطانهم وخدمة دول العالم بمعارفهم وعلمهم!!

كما لم يتحدث المسئولون عن من أفسد جودة التعليم بالمدارس؟ بل في راي كثير من الخبراء أن الأولى أن يطور المدارس ويرتقي بحال المعلمين ليتفرغوا للتعليم وتطوير ادائهم مع الطلاب بدلا من سياسات الهروب.

مفاسد مجتمعية أكبر

وبحسب اراء الخبراء، فإن النظام الجديد سيزيد انتشار المحسوبية والفساد، كما سيؤدي إلى زيادة معدلات تسريب الامتحانات، وزيادة الأعباء الاقتصادية والنفسية على الأسرة المصرية ، بل ان النظاك الجديد سوف يفضي إلى تكريس ظاهرة الدروس الخصوصية والسناتر والإسهام في انتشارها بدلا من حصارها.

والغريب في تصريخات نظام السيسي عن استعمال التابلت، أن عدد طلاب الثانوية العام القادم نحو 700ألف طالب، فكيف سيتم تصنيع 700 ألف تابلت عليهم في ظل تراجع نسبة المخصصات المالية للتعليم في الموازنة الجديدة؟؟؟

مخاطر القانون

-ارباك الأسر وفتح باب التجريب على الطلاب وتحويل ابناء مصر ومستقبلها لمجرد فئران تجارب، كما أن وضع الامتحانات وفق مستوى المدرسة سوف يؤدي إلى تفشي المحسوبية والمحاباة لأبناء كبار المسئولين الذين عادة ما يتركزون في مدارس معينة ، كما أن وضع الامتحانات بناء على مستوى كل مدرسة، سوف يسهم في مزيد من تسريب الامتحانات إما لأبناء أصحاب النفوذ أو من يقدرون على دفع الأموال. وكذلك فغياب التلاميذ من الفقراء وأبناء الطبقة الوسطى عن كليات القمة التي تتركز عليها الواسطة والمحسوبية، كما في الكليات العسكرية، لتسهيل عمليات السطو على كليات القمة لأبناء المسئولين التي سوف ينعم بها أبناء الجنرالات والأثرياء وأصحاب النفوذ

وبحسب تصريحات للخبير التربوي د.كمال مغيث، فإن مشكلة التعليم ليست في الثانوية العامة بل في النظام ككل فلا مدرس راض عن مستواه ودخله ولا مدارس معدة لذلك، كما أن النظام التراكمي او التحسين لا فائدة منه طالما تم الغاء مكتب التنسيق وقطع الصلة بين الجامعة والثانوية العامة
ويلخص مغيث رايه حول النظام الجديد، بقوله :”الوزارة عاوزة تتخلص من صداع الثانوية العامة “التسريب، الغش، التهديد للامن القومي…فارادت الوزارة التخلص نهائيا من نظام الثانوية”، مضيفا :”لدروس الخصوصية بدلا من سنة واحدة ستصبح دروس حصوصية في 3 سنوات”..

-ويكمن في تفاصيل المنظومة الجديدة، خطر امبر يتعلق بأن الدولة لن تكون مطالبة باستيعاب كل طلاب الثانوية العامة، ومن ثم تمهد للخصخصة وفتح المجال اوسع امام الراسمالية في التعليم ولا عزاء للفقراء أو ابناء الطبقة الوسطى الذين دهسهم قطار الغلاء والاسعار، وبذلك تتحول مصر لنظام الطبقات بحيث لن يتعلم او يتاخل لتعليم عال سوى ابناء المقربين من السيسي سواء الشرطة زالجيش والقضاء واعلاميي السلطة، أما الباقي فسيصبحون في ادنى الدرجات العلمية
شاهد..