جريمة جديدة للعسكر.. مصر تتصدر المركز الخامس عالميًّا في استهلاك الحشيش

- ‎فيأخبار

أثار تصدر مصر المركز الخامس عالميًّا في استهلاك الحشيش لعام 2018 بكمية بلغت 32.59 طنًا، وفق مؤشر الأعشاب Weed Index 2018، الصادر عن وكالة “إيه بي سي دي” الألمانية للخدمات الإعلامية، موجة من الاستياء والتعجب للحالة التى وصل إليها المواطن فى دولة الانقلاب العسكرى.

هذه الكارثة دفعت خبراء التربية والقانون وعلم الاجتماع إلى بحث خطورة الأمر، حيث تعد مصر من أكثر الدول العربية والإفريقية استهلاكًا للحشيش، ويصل أعداد متعاطيه بالملايين، بحسب صندوق مكافحة وعلاج الإدمان.

كانت وكالة “إيه بي سي دي” الألمانية للخدمات الإعلامية، قد أصدرت مؤخرًا مؤشرات لتداول وتعاطى مخدر “الحشيش” لعام 2018، والذي يقيس وضع مخدّر الحشيش في 120 مدينة حول العالم، كان من بينها مدينة عربية وحيدة؛ هي العاصمة المصرية القاهرة، التي حازت مراكز متقدّمة في ترتيب المؤشّر ومعدّلات الاستهلاك، وسط جدل مصريّ بشأن تلك الأرقام، وإمكانية تقنين الحشيش.

وتصدّرت القاهرة المؤشّر بجدارة، بإمكانية جمعها 384.87 مليون دولار سنويًّا إذا ما قنّنت الحشيش، وحلّت القاهرة ثانيًا إذا ما قُنن الحشيش وجُمعت ضرائبه، وفقًا لمتوسط ضرائب الماريجوانا في أمريكا، بإجمالي تحصيل متوقع للضرائب يبلغ 98.78 مليون دولار.

غادة والي تعترف

يأتى هذا متطابقًا مع ما أكدته الدكتورة غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي فى حكومة الانقلاب، بأن الإدمان أخطر من الإرهاب على المجتمع المصري.

وقالت إن 10% من المصريين يتعاطون المخدرات، وهو ما يمثل ضعف المعدل العالمي، كما أن 27% من الإناث في مصر يتعاطين المخدرات، لافتة إلى أن سن تعاطى المخدرات انخفض إلى 10 و11 عاما، وبرزت ظاهرة تدخين الشباب المخدرات أمام والديهم داخل المنزل.

جدير بالذكر أن عمرو عثمان، مدير صندوق علاج الإدمان التابع لوزارة التضامن الاجتماعي بحكومة الانقلاب، كشف عن وجود حوالي 10 ملايين شخص يتعاطون المخدرات، بنسبة 10.4%.

وقال “عثمان”، فى تصريحات صحفية مؤخرا: إن تعاطي المخدرات هو الخطوة الأولى للإدمان، مشيرا إلى أن تعاطي المخدرات يضرب جميع الفئات الاجتماعية داخل مصر.

وأضاف أن المخدرات مرتبطة بجرائم السرقة والتحرش، مشيرا إلى أن 79% من مرتكبي الجرائم كانوا تحت تأثير المخدرات.

المركز الأول

كانت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية قد كشفت عن أكثر الدول استهلاكا للحشيش، حيث حلت مصر في المقدمة على مستوى الدول العربية بنسبة 6.24% من السكان، وتلتها الإمارات نسبة 5.35%، والمغرب في المركز الثالث بنسبة 4.22%.

الانحدار الثقافي الذي يعاني منه المجتمع هو السبب الرئيس في وصول القاهرة إلى هذه المرتبة عالميا، هذا ما قاله الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي والإدمان بالأكاديمية الطبية، حيث أكد أن القاهرة أصبحت أكبر تجمع للعشوائيات في العالم، مما أدى إلى اختفاء القيم وحدوث كل ما هو مخالف للآداب وانتشار المخدرات، وزيادة معدل القتل في المجتمع، بجانب وجود حملة ممنهجة لتدمير الثقافة المصرية من قبل أعداء الوطن.

وتأتي قلة الوعي الديني في المجتمع من أهم أسباب زيادة تعاطي الحشيش بين الشباب في القاهرة، حسبما أكد أستاذ علم النفس، أن البعض يعتبر “الحشيش” نباتًا حلالًا يتم زراعته من الأرض الذي خلقها الله، سبحانه وتعالى، منوها بأن معظم المتعاطين للحشيش يشربون بمبدأ “لو حلال أدينا بنشربه، ولو حرام أدينا بنحرقه”، وهذا يعتبر أمرًا كارثيًا، لاختفاء الوعي الديني بين الشباب.

وعن أضرار تعاطي “الحشيش”، يوضح “فرويز” أن تعاطي الحشيش أدى إلى زيادة نسبة الأمراض العقلية حوالي 8% عما كانت عليه سابقًا، لافتا إلى أن الحشيش يؤثر على الأشخاص الذين لديهم جينات مرضية واستعداد للمرض، وبمجرد استخدام الحشيش يظهر عليهم المرض مباشرة، ويصاب بأحد الأمراض العقلية مثل الفصام والاضطراب الوجداني.

تقنين الحشيش

فى حين اتجهت بعد الآراء لشرعنة وتقنين تداول وتعاطى وتجارة الحشيش، حيث طالب أحد المحامين المحسوبين على سلطة العسكر- يدعى مصطفى محسوب- بوضع قانون يسمح بتداول الحشيش تحت إشراف وزارة الصحة.

بدوره علّق الباحث مصطفى عبد الظاهر بأنّ دعوات تقنين الحشيش تصاعدت بمبرّرات الحرية الشخصية أو التشابه مع الخمور، وبالطبع لا يخلو الأمر من الادعاء بقلة الأضرار الصحية الناجمة عن تناوله مقارنة بالخمر، وهناك عدة تجارب في الأوروجواي والبرتغال وكندا مؤخرًا، وظهرت دعوات عربية مشابهة في مصر ولبنان.

وقال عبد الظاهر: إن فكرة تقنين الحشيش تحمل أرباحًا اقتصادية، مثلما يمكن لتقنين الدعارة والاتجار في البشر أن يدر ربحًا جيدًا، لافتًا إلى أنّ المستفيدين من تقنين الحشيش في الدول اللاتينية مثلًا هي شركات السجائر وبعض السياسيين المرتبطين اقتصاديًّا بهذه التجارة، وأشار إلى وجود «منافع اجتماعية تعود على الدول السلطوية والمفتّتة من تعاطي المواطنين لمواد تشعرهم بالسعادة والنشوة.

وماذا عن الترامادول؟

فى حين يؤكد خبير مكافحة الإدمان يسري أبو النصر، أن المشكلة ليست في الحشيش فقط وإنما في باقي المواد المخدرة، خاصة الترامادول الذي انتشر بين مختلف الفئات بشكل مرعب، ويمثل المحطة الأولى لتناول باقي أنواع المواد المخدرة مثل الحشيش والهيروين.

ويستند أبو النصر إلى العديد من الإحصائيات الكاشفة للكارثة التي أصبحت عليها مصر، حيث أكد التقرير السنوي لصندوق مكافحة الإدمان التابع لجامعة القاهرة، أن معدل الإدمان في 2018 قفز ليصل إلى 10 بالمئة من عدد السكان، متجاوزا المعدل العالمي الذي أقرته منظمة الصحة العالمية وهو 5 بالمئة، منهم 73 بالمئة “ذكور” و27 بالمئة “إناث”.

ويشير إلى أنه وفقا للتقرير السابق فإن الترامادول يحتل المقدمة بنسبة 51.8 بالمئة، يليه الهيروين 25.6 بالمئة، ثم الحشيش 23.3 بالمئة، موضحا أن هناك إحصائية أخرى لوزارة التضامن الاجتماعي أجرتها على المتصلين بالخطوط الساخنة لمواجهة الإدمان، تشير إلى أن نسبة تعاطى الترامادول بلغت 76 بالمئة، والحشيش 54 بالمئة، والهيروين 35 بالمئة.

أوضاع اجتماعية

ويوضح أبو النصر أن هناك عدة أسباب لزيادة تعاطي المخدرات، منها المتعلق بالأوضاع الاجتماعية وأخرى مرتبطة بالأوضاع الأمنية، مشيرا إلى أن أكثر من ثلثي المتعاطين للمخدرات، إما بسبب الاكتئاب أو الهروب من المشاكل الحياتية، مثل البطالة وتفاقم الأزمات الاقتصادية.

ويرى خبير مكافحة الإدمان أن تعاطي الحشيش في السابق كان من أجل المزاج، وكان رواده فئات محددة من الحرفيين والعاملين في المجالات الإبداعية، ولكن في الأعوام السابقة انتشر تعاطيه في مختلف الأوساط، وخاصة بين متعاطي الترامادول الذي يفقد مفعوله بعد فترة، ما يدفع المتعاطين لدخول مجال المواد المخدرة الأكثر فاعلية وأولها الحشيش.

يوافقه د.أحمد الشحات، والذى أكد أن التعاطى هو وسيلة للهروب من حجيم الحياة التى يعيشها ملايين المصريين فى عهد عبد الفتاح السيسى.

ويكمل: مصر باتت أفقر دولة بالعالم برغم الثروات الطبيعية والإمكانات الموجودة بها، إلا أن سطوة الحكم فى مصر دفع البسطاء والأميين لتعاطى الحشيش لتغييب العقل ولو بـ”مزاجه”؛ حتى لا يطير الدخان، على مبدأ فيلم “عادل إمام” الشهير، ولكى ينسى همومه والمطالبات اليومية من أموال للدروس الخصوصية والطعام والشراب والملبس والمأكل وخلافه.

توجه انقلابى

من جانبه، يحمل الخبير الأمني حمدي الشعراوي، السلطات الأمنية المسئولية الأولى عن انتشار المواد المخدرة بمصر، موضحا أن تركيز وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية مثل المخابرات العامة والحربية على الأمن السياسي ومواجهة معارضي النظام الحاكم، منح تجار المخدرات مساحة كبيرة من العمل داخل المجتمع المصري.

ويضيف الشعرواي، أن الأمن استخدم تجار المخدرات و”المسجلين خطر” منذ ثورة 25 يناير ضد المتظاهرين، ثم استخدمهم بعد انقلاب يوليو 2013 كرأس حربة في مواجهة معارضي قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي من المصريين، وخاصة أعضاء جماعة الإخوان، وعرفوا وقتها بالمواطنين الشرفاء.

وبحسب تأكيد الخبير الأمني، فإنه مقابل مشاركة “المسجلين خطر” في مواجهة أنصار الرئيس المختطف د. محمد مرسي، تم غلق معظم القضايا التي كانوا متورطين بها، ومنحهتم الداخلية الحرية في تجارة المخدرات، مقابل الخدمات التي يقدمونها، كما تورط العديد من قيادات الداخلية في تهريب وتجارة المخدرات، بالإضافة إلى تغاضي المخابرات الحربية باعتبارها المعنية بضبط الحدود عن شحنات المواد المخدرة، التي كان يتم تهريبها باعتبار أن تعاطي الشباب للمخدرات أفضل لديهم من تعاطيهم للسياسة.

ولا يستبعد الشعراوي أن تشهد مصر تقنينًا لتداول الحشيش، ليس فقط من أجل فرض ضرائب عليه، ولكن لتورط الكثير من السياسيين والكتاب البارزين وحتى نواب بالبرلمان ورجال الشرطة، في تعاطيه كنوع من الوجاهة والمزاج، وفي حال تقنينه فإنه سيمنحهم حرية التعاطي، كما أنه يتماشى مع أهداف النظام العسكري بمحاربة التدين بمختلف الطرق، وربما يكون تقنين الحشيش من بينها، وهو ما يحقق للدولة العديد من الاستفادات سواء السياسية أو الاقتصادية.