حذف 1,2 مليون مصري من “التموين”.. دعم الغلابة على مقصلة السيسي

- ‎فيتقارير

كشف مصدر مسئول بوزارة التموين أمس الخميس 12 يوليو إن عملية تنقية البطاقات التموينية من غير المستحقين للدعم تسير بشكل جيد خلال الفترة الماضية، خاصة بعد اكتشاف الوزارة لعدد كبير من المقيدين على قاعدة البيانات ليس لهم حق في الدعم، بحسب مزاعم المسئول..

مشيرا إلى أن الوزارة حذفت ما يقارب 1.2 مليون فرد خلال شهري مايو ويونيو الماضيين فقط..

ذبح المواطن

ومنذ انقلاب السيسي العسكري على الرئيس #محمد_مرسي في 2013 ، ويسعى السيسي لتقليص الدعم الحكومي، عبر قرارات \يصفها كثيرون في الداخل والخارج بـ”المؤلمة”، ولا سيما الفقراء الذين لا يستطيعون مواجهة عاصفة القرارات الحكومية التي لا تتوقف تقريباً.

ومن ضمن تلك القرارات، حرمان كل من يزيد راتبه الشهري عن 1500 جنيه ، ومعاشه عن 1200 جنيه، من الحصول على بطاقة تموينية..

ويأتي استثناء هاتين الفئتين من الحصول على بطاقات تموينية لحرمان أصحاب هذه الدخول من الدعم الحكومي، وهو ما يتعارض مع تقرير “التنمية البشرية لعام 2016″، الذي أصدرته وزارة المالية المصرية، والذي قدّر خطّ الفقر المدقع الغذائي -الذي يمثّل كلفة البقاء على قيد الحياة- بنحو 2570 جنيهاً في عام 2012 – 2013، معتبراً أن كل من هو دون هذا الحد في الإنفاق فقير فقراً مدقعاً، وفق ما نشرته الصحف المصرية.

وخط الفقر المدقع (خط الفقر الغذائي) هو تكلفة سلة سلع غذائية تتوافق مع السلوك الغذائي للفقراء، وتوفر الحد الأدنى من السعرات الحرارية والبروتينات اللازمة لقيام الفرد بالنشاط الطبيعي، وذلك وفقاً للمفاهيم العالمية لمنظمة الصحة العالمية وصندوق الغذاء العالمي، وتختلف هذه التكلفة تبعاً لاختلاف المناطق الجغرافية والحضر والريف.

التقرير أضاف، أن خط الفقر القومي الذي يتكوّن من الإنفاق غير الغذائي للأسرة القادرة بصعوبة على بلوغ احتياجاتها الغذائية ولكنها تختار ألا تفعل ذلك من أجل الحصول على ما هو أساسي من الحاجات غير الغذائية، بجانب خط الفقر الغذائي المدقع ليكونا معاً خط الفقر الأدنى، أو خط الفقر القومي، الذي يقدر على مستوى الجمهورية بنحو 3920 جنيهاً.

ويستهدف السيسي حذف 40% من مستحقي الدعم التمويني، كما رفع الدعم عن الوقود والماء والكهرباء إلى حد كبير.

كما أعلنت وزارة التموين والتجارة الداخلية أنها ستسرع في تنقية البطاقات التموينية، وحذف غير المستحقين.

فلسفة الدعم

ويعد الدعم هو الوسيلة الفعالة لعلاج سياسات الحكومة الخاطئة لتحقيق العدالة الاجتماعية، والمساواة في توزيع الثروة، وإنصاف سكان الريف، والتخفيف من آثار البطالة، وبسط الاستقرار الأسري، ويعزز الأمان المجتمعي، والسلامة والصحة النفسية، ويقلل جرائم الفقر والعنف، والسرقة بالإكراه.
وفي مصر، يرفع دعم السلع التموينية ورغيف الخبز 22% من المصريين فوق خط الفقر، وفق تقارير صندوق النقد الدولي.

وبعد شهر واحد من استيلاء السيسي على السلطة، فى يوليو 2014، التزم بخطة واضحة لتخفيض عجز الموازنة، وإنهاء كل صور الدعم على الوقود، والكهرباء، والخبز، والسلع التموينية، ومياه الشرب، بحجة أن الدعم لا يصل إلى مستحقيه، ومن أجل التمهيد للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.

دعم الكهرباء

ورفعت الحكومة أسعار الكهرباء المخصصة للاستهلاك المنزلي 5 مرات بنسبة 200%، منذ مجيء السيسي إلى الحكم، مقابل 85% للمصانع، ما يؤكد أن النظام يزيد الفقراء فقرًا والأغنياء غنى، ما يكذب ادعاءه بتوجيه الدعم لمستحقيه.

وكانت المرة الأولى في أغسطس 2014، بعد شهرين من مسرحية رئاسيات 2014، إذ رفعت الحكومة أسعار الكهرباء للاستهلاك المنزلي للمرة الأولى بنسب 20%. وفي أغسطس 2015، رفعت الحكومة أسعار الكهرباء للمرة الثانية بنسبة 19%.

وفي يوليو 2016، رفعت الحكومة الأسعار للمرة الثالثة بنسب بين 17% و46%. وفي يوليو 2017، رفعت الحكومة الأسعار للمرة الرابعة بنسب بين 18% و70%، ووصلت على الاستهلاك المنزلي إلى 70% وللمصانع 41% فقط.

وفي يونيو 2018، رفعت الحكومة الأسعار للمرة الخامسة بنسب بين 18% و70%. وكالعادة، كانت الزيادة الأكبر من نصيب الشريحة الأولى للاستهلاك المنزلي، بواقع 70%، بينما كانت الزيادة الأقل من نصيب الشرائح العالية في المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة وبنسبة 7.5% فقط.

وتطبق الحكومة خطة لرفع الدعم تدريجيًا عن الكهرباء حتى عام 2020، ونهائياً بداية من عام 2021، وكان مقررًا له في 2019، وفق اشتراطات صندوق النقد، لكن النظام أجل القرار خوفًا من الاصطدام بغضب الجماهير.

دعم الوقود

وخلال سنوات السيسي العجاف وصلت الزيادة في أسعار الوقود إلى 520%، بالمقارنة بأسعار 2013. وبواقع 400% على السولار، و511% للبنزين 80، و264% للبنزين 92، و900% لأسطوانة غاز الطهي، ووصل سعر أسطوانة غاز المنازل إلى 50 جنيها، وهو مبلغ كبير لا تستطيع كثير من الأسر أن تدفعه.

ورغم أن النظام يعلن عن أن الهدف من رفع دعم الوقود هو أن الأغنياء يحصلون على 80% منه، ولا يتبقى للفقراء سوى 20% فقط، ويرفع شعار “توجيه الدعم لمستحقيه”، لكن الواقع أن السيسي يحمل الفقراء فاتورة الطاقة كاملة، ويجامل الأغنياء ورجال الأعمال المقربين من النظام.

ولا سيما أن الحكومة خفضت سعر الغاز لمصانع الحديد والصلب في مارس 2016، من 7 دولارات إلى 4.5 دولارات للمليون وحدة حرارية، بالرغم من استيراده بسعر 12 دولارا للمليون وحدة حرارية، وزاد سعر أسطوانة الغاز المنزلي بنسبة 900%. وسوف ينهي النظام دعم الطاقة في 2019.

دعم رغيف الخبز

بعد أيام من الانقلاب في الثالث من يوليو 2013، خفض النظام العسكري دعم رغيف الخبز بنسبة 31%، بطريقة ملتوية، إذ قام بتخفيض وزن الرغيف من 130 غراما، إلى 90 غراما.

ثم حدد النظام حصة المواطن من الخبز بخمسة أرغفة، وابتكر نقاط الخبز لإغراء المواطن بالاستغناء عن جزء من حصته في الخبز مقابل 10 قروش لكل رغيف، يحصل عليها في صورة سلع مجانية.

وفي يوليو 2017، ادعت وزارة التموين أنها أجرت بحثا إحصائيا كشف عن أن المواطن يستهلك الخبز المدعم بمعدل بين 2.5 إلى 3.8 رغيف/ يوم، وهي محاولة لتخفيض حصة الفرد إلى 4 أرغفة بدلًا من خمسة، وقد تطرح للتنفيذ مرة أخرى.

ويتداول النظام حاليًا فكرة إنتاج رغيف خبز بديل وبوزن 100 غرام، وبسعر 25 قرشا للرغيف، وهي حيلة قديمة كان يتبعها المخلوع مبارك في رفع سعر الخبز، بحيث يحل الرغيف الجديد تدريجيًا محل الرغيف الموجود حاليًا، وهو ما يحاول النظام تطبيقه في المستقبل.

ذلك الاقتراح كان قد رفضه الرئيس محمد مرسي في أغسطس 2012، فكرة طرح رغيف جديد يزن 140 غراما بدلًا من الرغيف القائم، والذي يزن 130 غراما، على أن يباع بـ10 قروش، ورفض المساس بسعر رغيف الخبز أو وزنه، واعتبر ذلك إخلالا بالعدالة الاجتماعية، والتفافا على حق للمواطن.

دعم السلع التموينية

زادت أسعار السلع في نظام البطاقات التموينية بواقع 70% للأسر المكونة من 4 أفراد، وبواقع 170% للأفراد الذين يزيدون عن 4 في الأسرة. وحتى 2013، كانت السلع التموينية تحمي نسبة كبيرة من الأسر المصرية من الوقوع في براثن الفقر. وكان الفرد المقيد بالبطاقات التموينية يدفع 10 جنيهات يحصل مقابلها على 2 كلغ سكر بسعر 1.25 جنيه للكلغ، و2 كلغ أرز بـ1.5 جنيه للكلغ، و1.5 كلغ زيت بـ3 جنيهات للكلغ.

بعد الانقلاب العسكري، حول النظام دعم السلع التموينية من الدعم العيني إلى النقدي العيني المختلط، وخفض عدد أفراد الأسرة المستفيدين من دعم السلع التموينية بحد أقصى 4 أفراد.

وحتى يحصل المواطن على الكميات نفسها عليه أن يدفع 17 جنيها، بزيادة 70% عن الكلفة في 2013، وتصل الزيادة إلى 170% للأفراد الذين يزيدون عن 4 في الأسرة نفسها، بعد حسم 50 جنيها المقررة للفرد في الشهر. ومن المتوقع أن يحول النظام دعم السلع إلى الدعم النقدي، الذي تتآكل قيمته بمرور الوقت، مع ارتفاع أسعار السلع في السوق.

دعم مياه الشرب

وصلت الزيادة في أسعار مياه الشرب ورسوم الصرف الصحي إلى نسبة 125%، بالمقارنة مع العام 2013. استهلت الحكومة الزيادة في أسعار مياه الشرب ورسوم الصرف الصحي في أغسطس 2014، بزيادة طفيفة. وفي يناير 2016، زادت الأسعار للمرة الثانية بنسبة 25%، وفي أقل من عام رفعت الحكومة الأسعار للمرة الثالثة 46.5%. وفي أغسطس 2017، رفعت الحكومة الأسعار للمرة الرابعة 50%. والزيادة الأخيرة كلفت المواطن مليار جنيه.

ومن المتوقع زيادة الأسعار عدة مرات في السنوات القادمة، تنتهي بالتخلص من كل صور الدعم البالغ 2 مليار جنيه، ولا سيما أن الحكومة وقعت في 2014 اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي للحصول على مساعدات ضمن برنامج سياسات الجوار. وتضمنت الاتفاقية زيادة سنوية على تعرفة مياه الشرب للاستخدامات المنزلية والتجارية بشكل تدريجي لمدة خمس سنوات متتالية.

دعم المواصلات

رفعت الحكومة أسعار تذاكر مترو الأنفاق بنسبة 350%، بالمقارنة بأسعار 2013. ومن المتوقع أن ترفع أسعار تذاكر القطارات، والتي يركبها الفقراء من العمال والموظفين، بنسبة 140%، وهي الزيادة التي تم تأجيلها بسبب الاحتياطات الأمنية. أما أسعار تذاكر القطارات المكيفة، والتي يركبها القضاة، ووكلاء النيابة، وضباط الجيش والشرطة، فسوف تزيد بنسب بين 15% و40%.

ولن تكون هذه الزيادات الأخيرة، ولا سيما أن الحكومة تدعي أنها تدعم تذكرة المترو بعشرة جنيهات، وأن ايرادات هيئة السكة الحديد تمثل 50% من تكاليف التشغيل بعد الزيادة المرتقبة، وأن خسائر الهيئة تقترب من 50 مليار جنيه.

وبذلك يتخلص السيسي من كل الدعم تاركا الفقراء امام مسئولية انفسهم، حيث سيكون الجوع مفجرا لكل الازمات المجتمعية الطاحنة.