خصام أم طلاق.. هل انفض الراقصون على السلالم من حول السيسي؟

- ‎فيتقارير

مشابهاً للمقابلة التي أجراها التلفزيون “العربي” مع الدكتور محمد البرادعي، أحد أعمدة انقلاب 3 يوليو 2013، جاء الجزء الأول من الحوار الذي أجراه موقع “عربي 21” مع الدكتور حسن نافعة، حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، المؤيد للانقلاب العسكري، وتنصل نافعة من ديكتاتورية السفيه قائد الانقلاب بالقول أنه لو كان يعلم ما في الغيب لاختار الانتظار حتى يكمل الرئيس المنتخب محمد مرسي، أول رئيس مدني للبلاد، ولايته الأولى، ثم أنه وقف على حافة مركب الانقلاب دون القفز منها محاولا إمساك العصي من منتصفها قائلاً أن السفيه السيسي ضعيف ولن يصمد أمام غضب يتجمع الآن، فهل هو تحريض للسفيه ليزيد من قبضته الدموية، أم تأييد مبكر لموجة ثورية تلوح في الأفق بوادرها، بعد خيانة الثورة في 30 يونيو 2013؟

الحوار كشف ازدواجية “نافعة” عندما يخرج بين الحين والآخر يغازل الانقلاب تارة ويهاجمه تارة أخرى، تحدث “نافعة” بعد خمس سنوات من الانقلاب سالت فيها الدماء وانتهكت الأعراض وشنق الأبرياء وبيعت أراضي الوطن في المزاد الصهيوني، وجف النيل وبورت الزراعة وبيعت الشركات، وتراكمت الديون على من حضر من الأحياء إلى القادمين في رحم الغيب بفعل القروض الدولية التي ينهل من السفيه السيسي كالعطشان المحروم من الماء، وعلى رأسها ديون البنك الدولي التي لا تأتي إلا مشروطة بشروط أدناها التفريط في السيادة وإشاعة البطالة وحرمان الشعب من موارده الطبيعية.

يحمل نافعة كغيره غصة ومرارة في حلقه فهو من الذين أيدوا الانقلاب ومع ذلك خرجوا من المولد بلا حمص، بل تعمد الانقلاب إهانتهم بشتى الطرق بسحلهم وضربهم كما حدث مع الكاتب الصحفي سليمان الحكيم، أو بهدم منازلهم كما حدث مع البرلماني السابق أبو العز الحريري، أو بالتفتيش المهين عقب كل عودة إلى المطار كما حدث مؤخراً مع نافعة، يقول الكاتب الصحفي سليم عزوز:” أمن مطار القاهرة يفتش حسن نافعة ويصادر كتب محمد عابد الجابري. انهم العسكر يا أبو علي الذين حذرنا من حكمهم، فظننتم أن تحت القبة شيخ، فلم تعلموا أن تحت القبة بيادة لا تعرف الفرق بين محمد عابد الجابري، وأبو بكر البغدادي. اشرب يا أبو علي!”.

حوار مالطة
وفي حواره مع “عربي 21” نفس “نافعة” عن غضبه من عصابة السيسي، في عدة محاور أهمها هجومه على قانون تحصين قادة عصابة الانقلاب من المحاكمات زاعماً أن القانون ربما جاء لإزاحة صف كامل من العصابة ؛ لينفرد السيسي بالحكم، وهو تفسير غاية في السطحية لرجل في وزن “نافعة”، وهل لا ينفرد السفيه الآن بالسلطة المطلقة حتى أنه يسن قوانين تخالف دستورهم حسن النية، ويوافقه عليها برلمان الدم وكل أعضائه يدينون بالولاء للأجهزة السيادية وعلى رأسها المخابرات الحربية!
وقال “نافعة” أن السفيه السيسي لا يفضل بقاء المسئولين بمناصب حساسة لفترات طويلة، وهذا ليس بجديد في عالم المافيا العسكري، ومعمول به في كل انقلابات العالم وليس بجديد، وزعم أن الخلافات داخل الأجهزة السيادية من بين أسباب إقالة صدقي وعبد الغفار، وهو ما يتعارض مع قوله السابق أن السفيه السيسي لا يفضل بقاء المسئولين بمناصب حساسة لفترات طويلة، فهل هذا استثناء على تلك القاعدة أم سقطت سهواً من أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة.

لم يعتذر “نافعة” للشعب ولا لأرواح الشهداء الذين سقطوا في الثورة او بعد الانقلاب، وقال أنه لو كان بوسعه أن يتنبأ بنية السفيه السيسي للترشح للرئاسة بعد الانقلاب على الرئيس مرسي، لما تردد في تأييد استمرار حكم جماعة الإخوان، وهو عذر أقبح من ذنب، فهل لو لم يترشح السفيه للرئاسة ويغتصب السلطة واغتصبها غيره ولو كان مدنياً، كان ذلك مبرراً لتأييد الانقلاب من الأساس، وما تلاه من الدماء التي سالت والأرواح التي قتلت، وآلاف المعتقلين في السجون؟
وعلى طريقة قدم في مركب الانقلاب والأخرى قريبة من مركب الثورة التي تناضل لتطفوا مجدداً في حرب حياة أو موت مع العسكر، بعد أن قصفتها مدافع الانقلاب وثقب بطنها ومزق أشرعتها نخبة 30 يونيو، قال “نافعة” والذي هو بالمناسبة من تلك النخبة “الثاقبة”، أنه لن يكون بمقدور السفيه السيسي أن يصمد في وجه غضب عارم تتجمع الآن مقدماته، وكالعادة نطرح السؤال وأين أنت الآن من ذلك الاصطفاف بين الثورة والانقلاب، هل ستفضل المربع الرمادي والوقوف مع أهل الأعراف؟

ويرى مراقبون أن حوار “نافعة” في “عربي 21″ رسائله موجهه للشعب المكوي بنار الانقلاب، أما رسائل نافعة للخارج المتحكم بذلك الانقلاب تختلف جملة وتفصيلاً، لأنه حين يهاجم الانقلاب الذي يصفه بـ”النظام الحاكم” يضع جماعة الإخوان المسلمين معه في سلة واحدة، ظهر ذلك جليا في حواره الأخير مع موقع دويتشه فيله الألماني، عندما قال بالنص:” د. حسن نافعة: المصريون بين مطرقة المؤسسة العسكرية وسندان الإخوان فكلاهما يخدم الآخر”.

آسفين يا مرسي!
ويعود “نافعة” ليقر ويعترف أن أغلبية الشعب تتمنى التخلص من السفيه السيسي وعصابته اليوم قبل الغد، فهل هذه رسالة مبطنة للسفيه السيسي، وهل يحمل “نافعة” وأمثاله مثل البرادعي وممدوح حمزة وجمال سلطان وغيرهم من النخبة “الثاقبة” الترياق للسفيه السيسي، وكلمة السرّ التي تمنع خروج الناس للشارع وتؤجل الانفجار العفوي المدفوع بالجوع أو الغضب من إهدار الكرامة والقمع والانتهاكات بالتعذيب والاغتصاب والاختفاء القسري والقتل خارج القانون والإعدام في محاكم تتطابق مع محكمة دنشواي.
يقول “نافعة” إن منطق “أنا ومن بعدي الطوفان” هو ما يحرك عصابة الانقلاب التي يسميها “النظام الحالي” ويقود دفته، ويمتنع عن تسمية المجرمين بأسمائهم ويعطيهم صفة “النظام” مع أنه انقلاب بشهادة سياسيين وأكاديميين أكثرهم أساتذة “نافعة” وبعضهم من تلاميذه، ويدعو إلى ثورة جديدة على مقاس وتوقيت النخبة “الثاقبة” لكنها ليست كثورة 25 يناير، بل يحدد طولها وعرضها تلك النخبة واهم ملامح تلك الثورة ألا تترك الخيار للشعب الذي اختار مرشح جماعة الإخوان المسلمين، لثقته فيهم وليس في غيرهم!
المفارقة انه ومن أول يوم في انقلاب 30 يونيو 2013، سبقت عقول صبية صغار وشباب وفتيات وامهات وكهول عقل “نافعة”، وأعلنوها أن ذلك انقلابا وليس ثورة، وبعد خمس سنوات وبسبب غضبه لنفسه، يقول حسن نافعة في تغريدة للتاريخ : “بعد إجراءات تفتيشي في مطار القاهرة بطريقة مهينة جدا..ومصادرة كمية من الكتب السياسية ..لا أجد حرجا أن أقول بأن مصر لم تشهد (حريات) إلا في السنة التي حكم فيها الدكتور مرسي”، وخلف هذه العبارة ضع عزيزي القارئ ما شئت من علامات التعجب، فهل يعلن “نفعة” تنصله من الانقلاب ويعود لصف الثورة قولا واحداً أم يرتب لشئ في نفس “يعقوب” ويجعل المتفائلين بعودته يقولون لدغنا من جحره مرتين؟