زعمت أنها تشكل خطرًا على السيسي.. تقارير أمنية تحذر من “المقاهي”!

- ‎فيتقارير

شهد الشارع المصري، خلال اليومين الماضيين، حملة شرسة على المقاهي والكافيهات في كل ربوع مصر، خاصة الأحياء الشعبية، حيث تم اعتقال العشرات من رواد هذه المقاهي وتفتيش أغلب الجالسين، فضلا عن إعطاء أوامر بإغلاق المقهى فورًا وعدم الاكتفاء برفع المخالفات من الطريق، الأمر الذي أدى إلى خلو مقاهي وسط العاصمة وبعض الأحياء الشعبية الشهيرة من روادها طوال اليومين الماضيين.

وكشفت مصادر- في تصريحات خاصة لـ”الحرية والعدالة”- عن أن تقارير أمنية رفعت للنظام حذرت من تحول هذه المقاهي لكرة ثلج كبيرة؛ بسبب انتشار البطالة ومنع حضور مباريات كرة القدم، الأمر الذي جعل من المقاهي بديلا لمشاهدة مباريات الكرة والحديث في السياسة، حيث ساعدت على إنشاء بؤر سياسية أصبحت تعرف مكان تجمعها كل يوم، وشكلت مجالًا خطيرًا ضد السلطة؛ نتيجة دوائر الاتصال بين رواد هذه المقاهي التي تكونت على مدار أربعة سنوات كاملة.

كرة الثلج

وأضافت المصادر أن التقارير أكدت أنه بناء على انتشار مجموعات من المخبرين ورجال الأمن المتخفين، وسط ربوع القاهرة وباقي المحافظات، كانت تقاريرهم كلها تدور حول حالة من الامتعاض والحديث عن إخفاقات السيسي في الشارع المصري، خاصة على المقاهي، موضحة أنه طوال الأربع سنوات الماضية، وجدت الأجهزة الأمنية والمخابراتية أن المقاهي أصبحت بمرور الوقت تشكل بؤرًا خطيرة نتيجة تواصلهم اليومي، وهي أخطر من بؤر التواصل الاجتماعي.

وأكدت أن التقارير حذرت من خطورة انفجار هذه البؤر في أي وقت، وصعوبة التعامل معها أمنيا، نتيجة عدم مركزيتها، والانتقال من مقهى لآخر، الأمر الذي أدى إلى توصيات بإغلاق هذه المقاهي ليلا، خاصة وأن تجمعات هؤلاء الشباب تبدأ من بعد الساعة الثامنة.

فيما كشف “ر. محمد”، صاحب أحد المقاهي بوسط المدينة، لـ”الحرية والعدالة”، أنه اضطر لكتابة ورقة تحذر من الحديث فى السياسة في المقهى، وقام بالتوقيع على محضر في قسم الشرطة، بالإبلاغ عن أي مجموعات تقوم بالحديث عن السيسي أو التحريض عليه.

في الوقت الذي تم اعتقال عدد كبير من الشباب بصورة عشوائية من على عشرات المقاهي بوسط البلد وفي بعض الأحياء الشعبية.

قانون بالغلق

كانت حكومة الانقلاب قد أعدت مشروع قانون لغلق المقاهي ليلا، بعد أن تجدّدت المطالبات بوضع مواعيد لإغلاق المقاهي، وعددها نحو 2.5 مليون مقهى، وفقا لإحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إضافة إلى المحال التجارية في كافة محافظات المحروسة. ووصل الأمر بالبعض إلى المطالبة بفرض ضرائب ورسوم جديدة على تلك المحال، ما أثار غضبا واستياء من قبل أصحابها.

وعرضت حكومة الانقلاب مشروع القانون على برلمان العسكر، وهو القانون الذي تناقشه في سرية تامة لجنة الإدارة المحلية في البرلمان، باسم مشروع قانون “المحال العامة”، الذي يحدد قواعد وشروط وإجراءات منح التراخيص المحال، بالتعاون بين وزيري التنمية المحلية محمود شعراوي، والداخلية محمود توفيق، والمحافظين، باعتبار أن المقاهي تعيق المرور وتزيد نسب التحرش وتجارة المخدرات، كما تؤدي إلى هروب التلاميذ من مدارسهم للتسكع فيها. وترى الحكومة المصرية أن إغلاق المحال بصفة عامة ليلاً سيؤدي إلى ترشيد استهلاك الكهرباء.

حصر المقاهي

وتشير تقارير إلى أن “شعراوي” التقى عددا من المحافظين، من بينهم محافظو القاهرة الكبرى (القاهرة، الجيزة، القليوبية)، كونه يرأس المحافظين إداريًّا، وطلب من المحافظين حصر المقاهي، تمهيدا لفرض ضرائب ورسوم إدارية للترخيص، بحسب نوع ونشاط المحال، على غرار عربات الطعام المتنقلة، تمهيدا لإصدار قانون بإغلاقها ليلا في وقت معيّن.

كانت حكومة الانقلاب قد حاولت إلزام كافة المحال الإغلاق في العاشرة مساء، في وقت كانت مصر تعاني فيه من أزمة كبيرة في الطاقة والانقطاع المتكرر في التيار الكهربائي لساعات طويلة يوميا. وعلى الرغم من محاولة الحكومة إغلاق المحال، وإعلانها فرض غرامات على الممتنعين، إلا أنها لم تنجح في تطبيق القرار، واستمر الحال على ما هو عليه حتى فوجئ الأهالي وأصحاب تلك المحال بتجديد تلك القرارات مرة أخرى.

مراكز الشباب

وقال عاطف مخاليف، عضو برلمان العسكر في تصريحات صحفية، إنه يجب تصحيح أوضاع مراكز الشباب قبل إغلاق المقاهي ليلا، وإيجاد فرص عمل للشباب، موضحا أن مشروع القانون هذا يحتاج إلى دراسة دقيقة وتقديم بدائل للشباب. يضيف: “يجب مراعاة عادات وموروثات المجتمع المصري”، مشيرا إلى أن وجود المقاهي في الشوارع، خصوصا في المناطق الشعبية، يمنح المواطنين شعورا بالأمان؛ بسبب وجود الناس فيها حتى الصباح.

ورفض عضو برلمان العسكر فتحي الشرقاوي إغلاق المقاهي ليلا، خصوصا أن أكثر من يقصدها هم المتقاعدون والعاطلون عن العمل. وفي حال عدم توفير بديل مناسب لهم، سيذهب هؤلاء إلى أماكن مشبوهة، ما سيؤدي إلى أضرار أكبر على المجتمع، وزيادة نسبة المخدرات والجريمة.

وانتقد صبحي إبراهيم، وهو صاحب مقهى، في تصريحات صحيفة، مشروع القانون الذي يناقشه برلمان العسكر وينصّ على إغلاق المقاهي ليلا، مؤكدا أنها مصدر رزق. وعادة ما يعمل في المقهى أربعة إلى ستة أفراد، ولدى هؤلاء عائلات، نافيا مزاعم الحكومة حول مسئولية المقاهي عن حدوث مشكلات وجرائم، موضحا أن معظم المقاهي تغلق ليلا، وتلك التي تبقى أبوابها مفتوحة يقصدها المتقاعدون. ويتّهم الحكومة بالعجز عن ضبط الشارع، لتلجأ إلى تحميل المقاهي المسئولية في “الاتجار بالمخدرات”. ويوضح أنّ بعض التجار يبيعون المخدرات علنا وفي شوارع معينة، والحكومة على علم بأماكن هؤلاء.

فيما قال سعد محمد، صاحب مقهى، إن المقاهي متنفس لكثير من الأهالي، لافتا إلى أن مزاعم الحكومة حول أن المقاهي مسئولة عن مشكلات العائلات، وهروب التلاميذ من المدارس كاذبة. ويوضح أن كثيرًا من المترددين علينا هم من أصحاب الدخل المتوسّط وأهل المنطقة.