ليست للفقراء.. لماذا يقيم السيسي أطول مائدة رمضانية في العالم؟

- ‎فيتقارير

وفقًا لتقدير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء التابع لحكومة الانقلاب، فإن نحو 28% من الشعب المصري لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية من الغذاء وغير الغذاء، ورغم تلك الإحصائيات إلا أن المواطن المصري دائمًا ما يجد نفسه أمام مطالبات مستمرة بالتقشف من جانب عصابة الانقلاب من الوزراء والبرلمان وحتى الإعلام.

وفي خطابات كثيرة وبشكل مُعتاد، يُطالب جنرال إسرائيل السفيه السيسي المصريين بقبول الفقر والصبر عليه وعدم الشكوى؛ تعبيرًا عن حب مصر والتضحية من أجلها، وكانت أبرز تلك التصريحات عندما قال: “إحنا فقراء أوي.. محدش قال لكم إننا فقراء أوي.. أنا بقول لكم إحنا فقراء”. ومن قبل ضرب السفيه بنفسه مثلًا على تحمّل الفقر حين قال إن ثلاجته ظلت فارغة إلا من المياه لعشر سنوات “ومحدش سمع صوتي”.

إذًا على المواطن المصري أن يتقشّف رغمًا عنه، في مقابل عصابة انقلابٍ ترتع في الثراء، ما بين السيارات والطائرات والقصور الفارهة، وليس ببعيدٍ إنفاق أكثر من 3 مليارات جنيه كأجور للممثلين في مسلسلات رمضان التي لن يجني الفقراء من ورائها شيئًا.

مائدة الانقلاب

في الوقت الذي يقبع فيه نحو 60% من المصريين تحت خط الفقر، حسب أحدث تقرير للبنك الدولي؛ حيث قررت إدارة العاصمة الإدارية الجديدة التي يبنيها جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي، منافسة مدينة دبي الإماراتية في إقامة أطول مائدة إفطار رمضانية في العالم.

وتستعد عاصمة السيسي لتنظيم تلك المائدة بالنصف الثاني من شهر رمضان، بمشاركة طوائف المصريين مع العاملين ببناء “العاصمة الإدارية”، وحضور ممثل من موسوعة “جينيس” للأرقام القياسية العالمية، سعيا لتحطيم الرقم القياسي لأطول مائدة إفطار رمضاني في العالم، تحت شعار “مصر بتفطر في العاصمة”.

وبحسب رصد المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام (تكامل مصر)، بلغ عدد موائد الرحمن هذا العام 8105 موائد، بانخفاض يقترب من الـ70٪ مقارنة برمضان 2012، بواقع 1853 مائدة في القاهرة الكبرى، و3311 مائدة بمحافظات الدلتا والقناة والإسكندرية ومطروح، و2941 مائدة في محافظات الصعيد والوادي الجديد والبحر الأحمر.

وأدت الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعاني منها مصر جراء سياسات العسكر، إلى إغلاق نحو 4 آلاف مصنع وتم تسريح العمال منهم، مع عزوف عدد كبير من رجال الأعمال بإقامة الموائد التي اعتادوا على إقامتها منذ عشرات السنوات.

كما اختفت الموائد التي كانت تقيمها الفنادق الفخمة في أحياء القاهرة الراقية، والتي كان يتزاحم عليها الفقراء ممن يرتادون هذه المناطق سعيا للرزق، مثل المتسولين والباعة الجائلين وعمال النظافة والعاملين في المنازل، وكانت تقدم أنواعًا فاخرة وشهية من الطعام، خاصة اللحوم التي لا يقدرون على ثمنها.

زفة كدابة

محمد زارع، عامل نظافة، يفتقد هذه الموائد، ويقول “كانت تنصب على شاطئ النيل، ويقوم نادل يرتدي حلة أنيقة بتقديم أشهى المأكولات والمشروبات لنا. وكانت زوجتي، التي تعمل أيضا في تنظيف الشوارع، وأطفالي الثلاثة يحضرون لتناول الإفطار معي”.

ويضيف “كنا نشعر أننا في نزهة وأننا نعيش في حلم، فإن ثمن الوجبة الواحدة كان يوازي راتب شهر كامل؟، ولكن منذ تراجع السياحة اختفت المائدة ولم يعد هناك سوى تلك التي يقيمها الجامع المجاور، ولكن شتان ما بين اللحوم والطيور وبين الوجبة المتقشفة التي نحصل عليها الآن”.

من جهته يرى أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، الدكتور صبري العدل، أن “أي نظام ديكتاتوري غالبا يفتقد التأييد الشعبي، ومن هنا يحاول أن يصنع هذا التأييد عبر فعاليات وهمية ذات مظاهر شعبوية مصطنعة بهدف التعبئة (الزفة الكدابة بالمصطلح الشعبي)”.

أضاف، في تصريحات صحفية، أنه “بدلا من دراسة المشكلات والبحث عن حلول علمية يلجأ الديكتاتور لصناعة إنجازات وهمية لا تفيد بحل أي مشكلة، بل على العكس تزيد من تفاقم المشكلات بسبب المصروفات والبذخ الذي يصاحب مثل هذه الفعاليات الوهمية”.

وأشار العدل إلى حالة مصر والمنطقة العربية عبر “بناء أكبر معبد وأكبر جامع وأكبر كنيسة وأطول برج وأكبر رغيف شاورمة، إلخ، وفعاليات وهمية ذات طابع دولي مثل إقامة أكبر مائدة رحمن للفقراء بدلا من حل مشكلات الفقر”.

وقال إنه “غالبا يحاول الديكتاتور أن يصل لموسوعة جينيس بطريق بحثه عن عولمة الوهم الذي يصدره لجهلاء شعبه، ونحن نرى ذلك واضحا في منطقتنا” مضيفا أنه “لا أمل من وراء مثل هذه الأعمال لأنها لا تحل مشكلة للشعوب وإنما تفاقمها”.