“مجزرة العودة” تكشف جرأة أردوغان وغياب عباس وخيانة السيسي

- ‎فيتقارير

بدا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مختلفا في رد فعله على جرائم الصهاينة التي تفاقمت في الأيام الأخيرة بمواجهة مسيرات العودة، وخلال قمة اسطنبول التي اختتمت أعمالها في تركيا مساء أمس الجمعة، قال “أردوغان”: “نعلم أن الإدانات والصراخ والغضب لم يضع حدا للظلم والاحتلال، ولن يوقفهما كذلك في المستقبل، إن لم يأخذ المسلمون حقهم بأنفسهم، لن يتفضل علينا أحد بحقنا على طبق من ذهب”.

وأضاف أردوغان خلال قمة منظمة التعاون الإسلامي، أن الحق كان مع المسلمين في البوسنة وسوريا وأراكان (ميانمار)، وأماكن أخرى في العالم، إلا أنّ المنتصرين كانوا دوما هم الظلمة الذين يمتلكون القوة بأيديهم، مؤكدا أن “النجاح الذي سنحققه في هذا الصدد، سيكون بمثابة نقطة تحول بالنسبة للمسلمين”.

ودعا أردوغان، الدول الإسلامية لاستجماع قواها، ومن ثم الاجتماع مع بعضها، امتثالا لأمر الله في القرآن الكريم: “واعتصموا بحبل الله جمعيا ولا تفرقوا”، كما شدد على ضرورة عدم تراجع المسلمين عن مطلب الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس ضمن حدود عام 1967.

وأضاف: “أنا على ثقة بأن الرسائل التي نبعث بها اليوم من اجتماعنا، سيتم تقييمها بجدية من كل العالم، والبيان الختامي الذي سنعلنه سيترك تأثيرا مختلفا في العالم الإسلامي والعالم بأسره”.

وقال إنّ “نصرة القدس هي نصرة للسلام والإنسانية، لأن القدس هي كرامة المسلمين وذاكرتهم وتراثهم المشترك”.

وأضاف: “مع الأسف كل خطوة تجري لإحقاق العدل بمجلس الأمن تُقابل بفيتو أمريكي”.

وتابع: “لذا سنحيل القضية (الفلسطينية) مجدداً إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وسنحصل على دعم الدول الإسلامية وأصحاب الضمائر”.

وجدد أردوغان، التأكيد على أنّ القدس هي قضية المسلمين كافة، قائلاً: “أريد مرة أخرى أن يعرف الجميع أن القدس هي قضية جميع المسلمين، وأنها مدينة مقدسة لا يمكن تركها تحت رحمة دولة إرهابية يداها ملطختان بدماء عشرات الآلاف من الفلسطينيين الأبرياء”.

وارتكب الجيش الإسرائيلي، الإثنين والثلاثاء، مجزرة دامية بحق المتظاهرين السلميين على حدود قطاع غزة، استشهد فيها 62 فلسطينيًا وجرح 3188 آخرين.

وكان المتظاهرون يحتجون على نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس المحتلة، الذي تم الإثنين، ويحيون الذكرى الـ70 لـ”النكبة” الفلسطينية المتزامن مع قيام إسرائيل.

أردوغان يحمل واشنطن المسئولية

وشدد الرئيس التركي، على مسؤولية الولايات المتحدة الأمريكية، “عن عواقب القرار الاستفزازي (الخاص بنقل سفارتها للقدس المحتلة) الذي يقوض عملية السلام في المنطقة بأسرها”.

وقال الرئيس أردوغان: “الولايات المتحدة الأمريكية هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن عواقب القرار الاستفزازي الذي يقوض عملية السلام في المنطقة، وهي بذلك تعاقب الجانب الفلسطيني الذي أثبت مرارًا أنه ينشد السلام”

وأضاف قائلا “رغم كل تحذيراتنا للإدارة الأمريكية، إلا أنها طبقت قرارها غير القانوني في 14 مايو (افتتاح سفارتها في القدس)، لكننا لم ولن نقبل بهذه الخطوة، ونرفض قرارها في هذا الصدد”.

الرئيس التركي ذكر كذلك أن “القرار الأمريكي في حكم العدم بالنسبة لنا، والقدس خط أحمر”

وأوضح أن “(الرئيس الأمريكي الأسبق) جورج بوش(الإبن) الجمهوري سألني عن رأيي في حل الدولتين في فلسطين فأجبته بنعم، أما جمهوري اليوم (الرئيس الحالي دونالد ترامب) فيلعب في صف الاحتلال، وهذا يعني وجود أزمة داخل ذلك الحزب”.

وأكد أردوغان أن “إسرائيل تحركت حتى اليوم وفق عقلية (أنا قوي، إذًا أنا محق)، والمجتمع الدولي سمح لها بذلك، لكن الوقت حان لنوقف هذه العقلية المنحرفة، ونرفع صوتنا ضد هذه البربرية الممنهجة”.

ولفت أنه “من الواضح للجميع أن الجرائم التي ترتكبها إسرائيل تتم بدعم أمريكي”، مشددًا على ضرورة إيفاء مجلس الأمن الدولي بالتزاماته القانونية تجاه القضية الفلسطينية.

وأكد أن محاسبة إسرائيل على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني بات أمرًا ضروريا، مضيفًا “لذلك نحن ندعو العالم أجمع للتحرك في ضوء التزاماته القانونية والأخلاقية من أجل تحقيق هذه المحاسبة”.

رئيس فلسطين.. غياب!

على الجانب الأخر، أثار غياب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عن حضور القمة الإسلامية بإسطنبول بشأن الأوضاع في القدس وغزة، العديد من علامات الاستفهام حول أسباب الغياب، ودور السيسي ومحمد بن سلمان ومحمد بن زايد في هذا الشأن.

المثير للسخرية أنه في الوقت الذي غاب فيه “رئيس فلسطين” عن حضور القمة الطارئة لمناقشة الأوضاع في فلسطين، حضر الرئيس الإيراني حسن روحاني، والرئيس الأفغاني أشرف غني، والملك الأردني عبد الله الثاني، والرئيس السوداني عمر البشير، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وأمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح.

ويرى مراقبون أن غياب عباس قد يعود لعدة أسباب، منها وجود ضغوط عليه من جانب نظام الانقلاب في مصر والنظام السعودي والإماراتي لعدم الحضور؛ بسبب موقفهم العدائي من تركيا ورغبتهم في إفراغ القمة من مضمونها بضعف التمثيل فيها.

ويؤكد هذا السبب رفض سلطات الانقلاب في مصر والكيان الصهيوني، السماح بهبوط طائرات تركية لنقل جرحى قطاع غزة لعلاجهم في تركيا، وقال مساعد رئيس الوزراء التركي السيد بكير: إن “إسرائيل ومصر لم توافقا على هبوط طائرات تركية في بلادهما، لنقل جرحى غزة إلى تركيا للعلاج”.

السبب الثاني وراء غياب عباس والسيسي وأولاد زايد وسلمان، هو خشية هؤلاء من صدور قرارات قوية تغضب الصهاينة وتفسد العلاقات الودية بين الجانبين، خاصة أن كافة هذه الأطراف ترى في رضا الصهاينة ضمانَا لاستمرار حكمهم وعروشهم.

فيما يتمثَّل السبب الثالث في الحرص على عدم إغضاب ترامب؛ خاصة أن الأهداف وراء عقد القمة لا يقتصر على الجرائم الصهيونية بحق الفلسطينيين، وإنما يشمل أيضا رفض القرار الأمريكي نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة.

ويكمن السبب الرابع في مخاوف هؤلاء من صدور قرارات تصب في مصلحة قطاع غزة، وبالتالي حركة المقاومة الإسلامية حماس، التي يعمل هؤلاء جاهدين على تشديد الحصار عليها، وإجبارها على رفع الراية البيضاء والقبول بالشروط التي تُملى عليها لتمرير “صفقة القرن”.

السيسي: مقدرش أعمل حاجة!

ودعا عبد الفتاح السيسي، أول أمس الأربعاء، إسرائيل والفلسطينيين إلى “الامتناع عن اتخاذ خطوات قد تؤدي إلى سقوط مزيد من الضحايا الفلسطينيين”، وذلك في أعقاب المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل، الإثنين، على الحدود مع قطاع غزة المحاصر، وسقط على إثرها 62 شهيدا فلسطينيا وأصيب الآلاف.

وزعم السيسي خلال مشاركته في جلسة بعنوان “إسأل الرئيس″ بالمؤتمر الدوري للشباب بالقاهرة، الأربعاء، “قلنا إن هذا الأمر (نقل السفارة) ستكون له تداعيات سلبية على الرأي العام العربي والإسلامي وسيؤدي إلى شيء من عدم الرضا والاستقرار (…) وستكون له تداعيات على القضية الفلسطينية وهذا هو الذي نراه الآن”.

وتابع السيسي الانحناء قائلا: “أتمنى أن تصل الرسالة لإخواننا الفلسطينيين، أنه يجب ألا يؤدي التعبير والإحتجاج على هذا القرار إلى إجراءات تؤدي إلى سقوط المزيد من الضحايا”.

وأضاف “أرجو أن يتفهم الإسرائيليون أن ردود أفعال الفلسطينيين تجاه هذا الموضوع ردود أفعال مشروعة وأن يتم التعامل معها في إطار من الحرص الشديد على أرواح الفلسطينيين”. ثم تساءل السيسي “هل نقدر نعمل أكثر من كدة؟ لا ما نقدرش.. ما نقدرش!”.

وأثار موقف السيسي استنكار الأوساط الفلسطينية والعربية الداعية إلى اتخاذ موقف عربي حازم بشأن الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل بحق المتظاهرين الفلسطينيين في قطاع غزة، ووصف البعض موقف الرئيس المصري من خلال منصات التواصل الاجتماعي بالموقف “العاجز″، بينما راح آخرون لمقارنته بموقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من نقل السفارة الأمريكية للقدس ومجزرة غزة.

وكانت المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل، الإثنين، أثارت موجة استنكار عالمية، وعمدت بعض الدول إلى استدعاء سفراء إسرائيل لديها تعبيرا عن احتجاجها، ودعا الأمين العام للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى إجراء تحقيق مستقل.