“20” مليار دولار.. كيف جندت الإمارات “السيسي” لحسابها قبل الانقلاب؟

- ‎فيتقارير

خفايا وأسرار جديدة بدأت تتكشف حول الدور الإماراتي القذر في مشهد انقلاب 30 يونيو 2013 على الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي، والمسار الديمقراطي الذي جاء ثمرة لثورة 25 يناير 2011م، حيث كشف تقرير نشره موقع “عربي بوست” بعنوان: (إسبرطة الصغيرة تتمدد.. الاستثمارات الإماراتية في مصر تغير شكل البلاد..كيف تحاول الدولة الخليجية الصغيرة أن تملأ الفراغ الكبير في مصر؟).

ووفقا للتقرير ، فبعد نجاح الموجة الأولى من ثورة الشعب المصري في 25 يناير 2011، أصيب حكام الإمارات بقلق بالغ انعكس على سلوكهم حيث قادوا حملة قمعية بطشت بعشرات من النشطاء الإسلاميين والإصلاحيين الإماراتيين، لكن هذا القلق تحول إلى رعب مصحوب بالغضب مع صعود الإخوان المسلمين إلى السلطة، وفوز الرئيس محمد مرسي في أول انتخابات رئاسية تشهدها مصر عبر تاريخها.

تجنيد السيسي لحساب أبو ظبي

وبحسب دبلوماسي أمريكي تحدث للصحفي المخضرم ديكستر فيلكينز من مجلة نيويوركر، «جُنّ جنون الإماراتيين والسعوديين بعد انتخاب مرسي». وبُعيد انتخاب عضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان رئيسًا، بدأ محمد بن زايد استثماره في مصر، لكن بشكل مختلف هذه المرة. فبالتعاون مع رئيس الاستخبارات السعودية في ذلك الوقت، بندر بن سلطان، تواصل محمد بن زايد مع وزير الدفاع المصري الفريق عبدالفتاح السيسي، والذي كان قد عُين في منصبه قبل ذلك بأسابيع. كان العرض الذي قدمه بن زايد للسيسي بسيطًا، ويبدو أنه كان من النوع الذي لم يمكن رفضه، 20 مليار دولار فورًا إذا أُطيح بمرسي.

لم يرفض السيسي، لكنه طلب وعودًا بالنجاح. بعد أن حصل عليها، وبعد أشهر من قيام الإمارات بالتنسيق لبناء حملة «تمرد»، التي وفرت الغطاء الشعبي لحركة السيسي، كان الفريق يتلو بيانًا يعلن فيه الإطاحة بمرسي وتعطيل العمل بالدستور، وعهدًا جديدًا في مصر مرسومًا بأقلام إماراتية.

احتلال مصر اقتصاديا

ووفقا للتقرير ، فإن عهدا جديدا قد بدأت مع بيان 03 يوليو 2013، لكنه عهد مرسوم بأقلام إماراتية، كما أن الجنرال الذي رقى نفسه مشيرا ثم سطا على الرئاسة لم يقصر في خدمة أسياده في أبو ظبي.
ويعزو التقرير أسباب الإصرار الإماراتي على الانقلاب إلى حجم الاستثمارات الإماراتية غير المسبوقة

في السوق الأكبر عربيًا، وأنه على الرغم من أن الجيش في مصر كان متدخلًا في الاقتصاد بشكل كبير منذ بداية عهد مبارك، إلا أن الإطاحة بمرسي وفرت فرصة لقادته كي يُحكموا قبضتهم على الاقتصاد بشكل كامل ونهائي. فمنذ صيف 2013، استطاع الجيش تقديم نفسه، ليس كمنافس للقطاع الخاص فحسب، ولكن كشريك لرجال الأعمال أيضًا.

وفورًا بعد الانقلاب العسكري، وقّعت حكومة الانقلاب ودولة الإمارات العربية المتحدة اتفاق منحة في تشرين أكتوبر 2013، تموِّل بموجبها الإمارات عدة مشروعات تنموية في مصر. ويعهد الاتفاق إلى الجيش على وجه التحديد الإشراف على بناء وتنفيذ عدد من هذه المشاريع الحيوية. وتبلغ قيمة المنحة عدة مليارات من الدولارات في شكل مساعدات اقتصادية وتنموية بقيمة 4 مليارات و900 مليون دولار.

وبحسب الباحث أحمد مرسي، الذي نشر تحليلًا في وقفية كارنيغي للسلام، ففي النصف الأول من عام 2014، وقّع الجيش عقدا لإقامة مشروعين إسكانيين مع شركات إماراتية، بمعزل عن المبالغ المالية الكبيرة التي تعهّدت حكومة الإمارات بتقديمها لمساعدة الدولة المصرية. تم توقيع المشروع الأول في فبراير، عندما وقعت شركة إعمار مصر، وهي شركة تابعة لشركة إعمار العقارية في الإمارات، اتفاقاً مع وزارات الدفاع والإسكان والتنمية المحلية لبناء مشروع «إعمار سكوير»، كجزء من المشروع الإسكاني «أب تاون كايرو». وتتضمّن صفقة «إعمار سكوير» نقل معسكرات تابعة للجيش إلى أماكن جديدة وتطوير مستوى البنية التحتية في المنطقة. وأعقب هذا الاتفاق توقيع عقد مشروع إسكاني آخر لذوي الدخل المنخفض بقيمة 40 مليار دولار، في مارس، مع شركة بناء إماراتية أخرى هي «أرابتك». وتتضمّن الصفقة بناء مليون شقة تغطّي 160 مليون متر مربع (1.722 مليون قدم مربعة) في 13 موقعا في مصر.

كما أن مشروع قناة السويس لم يكن سوى التتويج لعلاقة الإمارات بالجيش، فعلى الرغم من أن الإمارات كانت ثالث أكبر دولة من حيث الاستثمار في مصر عام 2013، والثانية عربيًا بعد المملكة العربية السعودية، غير أن أبوظبي تصدرت الترتيب بتصريحات لوزير الاقتصاد الإماراتي سلطان المنصوري في مارس من العام الجاري أكد فيها أن «استثمارات الإمارات بمصر هي الأكبر بين استثمارات الدول العربية، كما أنها الأكثر تنوعاً». وبحسب المنصوري فإن عدد الشركات الإماراتية العاملة في مصر يتجاوز حالياً 877 شركة تعمل في 15 قطاعاً اقتصادياً مختلفاً.

أكذوبة الأمن القومي

وعلى الرغم من الهجوم الذي تعرض له مرسي في السابق، برّر المدافعون عن الجيش عملية منح العقود غير التنافسية بالحاجة إلى الحافز السريع، رغم وجود رجال الأعمال المصريين والأجانب، مثل نجيب ساويرس الذي صرح لصحيفة وول ستريت جورنال، بأن الجيش يطرد المستثمرين بهذه الطريقة. يشير عدد من الباحثين الذين رصدوا أسباب الانقلاب العسكري في يوليو 2013، إلى أن أحد أعمق المشكلات التي واجهها تحالف الإخوان المسلمين والجيش كانت نية مرسي وحزب الحرية والعدالة عقد شراكات مع أطراف دولية وإقليمية (الهند إضافة إلى قطر وتركيا)، لتطوير محور قناة السويس، وهي النية التي تعامل معها الجيش بغضب لم يحاول أن يكتمه.

رفض الجيش حينها أي «تدخل أجنبي»، إلا أن الشراكات الاقتصادية التي عقدها السيسي لاحقًا، سواء مع جهات خليجية (سعودية وإماراتية بالتحديد)، أكدت أن التدخل الأجنبي أو الأمن القومي لم يكن هو سبب غضب الجيش، وإنما تنحية الجيش من مشروع بهذا الحجم. ففي صيف 2017، وافق السيسي على إنشاء شركة تنمية رئيسية مشتركة بين الهيئة العامة الاقتصادية لمنطقة قناة السويس ومجموعة موانئ دبي العالمية لتنفيذ مشروعات في منطقة قناة السويس الاقتصادية.