أسرار اتجاه العسكر للاستيراد من روسيا

- ‎فيأخبار

كتب- أحمدي البنهاوي:

 

تبقى العلاقة روسيا هي كلمة السر في أغلب الصفقات والقرارات التي يتخذها السيسي على مستوى المحاصيل الزراعية بداية من القمع ووصلا لقصب السكر مرورا بالدواجن المجمدة.

 

فإذا كانت مصلحة الإنقلابيين المرجوة من صفقة الدواجن المجمدة كبيرة فإن المستفيد الأكبر هو بالتأكيد 12 شركة روسية تعاقدت معها الشركات المصرية منذ أبريل الماضي، وبنفس المنطق مع الشركات الحكومية العاملة في إمداد مصر بالقمح المسرطن فالشحنات المصابة بالأرجوت لن يمررها بهذه الكميات أي دولة في العالم ولكن مصر – المستورد الأول في العالم- تمررها، وبنفس المنطق يرفض السيسي والرز شراء محصول القصب من المزارعين ب800 جنيه للفدان واشتراه من روسيا ب٤١٠ دولار، وفي خلال شهر نوفمبر الماضي وصل نحو 400 ألف طن سكر من روسيا.

 

قرار الدواجن

 

وفي 22 من نوفمبر قرر السيسي أن «تُعفى من الضرائب الجمركية كميات الدواجن المجمدة التي ستستورد أو تم استيرادها خلال الفترة من 10/11/2016 حتى 31/5/2017».

 

وزعم المتحدث باسم مجلس الوزراء، أشرف سلطان، قد قال إن قرار الحكومة يأتي لدعم المواطن البسيط، وإن الحكومة حريصة على البعد الاجتماعي. مضيفا أن "القرار تم دراسته من كافة الجوانب، وهو قرار مؤقت يتم إلغائه في حال كفاية الإنتاج المحلي لاحتياجات السوق".

 

أما كلمة السر فكانت واضحًا منذ شهور حيث أن عمليات استيراد الدجاج المجمد كانت مخططًا لها الانتفاع من قرارات الإعفاء الجمركي الواقعة في يد الحكومة، فقد ظهرت في اعتماد وزارة الزراعة 12 شركة روسية لتصدير الدواجن المجمدة إلى مصر، بعد تقديمهم ضمانات لاعتماد الشريعة الإسلامية في الذبح من خلال 3 مجازر محددة بالإسم، لاتباع المعايير التقنية.

 

وفي أغسطس الماضي، قالت شركة «تشيركيزوفو» الروسية إنها أرسلت بالفعل شحنة من الدجاج المجمد، في يونيو، إلى مصر مكونة من 270 طنًا. وأكدت أن الكمية المصدرة من هذه الشركة وحدها إلى الجانب المصري، ستبلغ 10 آلاف طن نهاية العام الحالي!.

 

وكان التخطيط منذ 2015، حيث كانت وزارة التموين والتجارة الداخلية قد تعاقدت على استيراد دواجن روسية، استعدادًا لاستقبال شهر رمضان الماضي. وقال خالد حنفي، وزير التموين السابق، في تصريح خاص لـ«الوفد» إن الكميات المتعاقد عليها تصل إلى السوق المصري في مايو، بمعدل ثلاثة آلاف طن شهريًا، ثم دفعات شهرية، لسد احتياجات السوق.

 

القمح 1963

 

الكاتب محمود الخميسي أعتبر ان القمح بحسب عناوين "الأهرام الزراعي" في صيف 2015، وأشار إلى أن مصر بدأت تستورد القمح من عام1963، وكان الهدف  من استيراد القمح من روسيا مجاملة لها على وقوفها مع العسكر".

 

وفي 2015، أعترف منير فخري عبدالنور وزير الصناعة في حكومة الإنقلابي ابراهيم محلب، أن مصر تستورد من روسيا 50% من إجمالي واردات مصر من القمح.

 

وجاءت تصريحات عبد النور على هامش زيارة السيسي إلى روسيا، ولقائه مع العاهل الأردنى وولى عهد الإمارات بموسكو له دلالة كبيرة على أهمية الزيارة.

 

وفي 16 سبتمبر الماضي قررت الهيئة الفيدرالية الروسية للرقابة البيطرية والصحة النباتية، منع الاستيراد من مصر بسبب فضيحة الخضروات المرويّة بمياه الصرف الصحي، بالأخص الحمضيات والطماطم والبطاطس وغيرها من المنتجات.

 

بالمقابل حظرت مصر استيراد القمح المصاب بالأرجوت وأغلبه من روسيا، فشددت روسيا في زيادة المنتجات المصرية الواقعة تحت قرارها بحظر الاستيراد، فما كان من مصر إلا أن نقلت اعتماد شحنات القمح إلى وزارة الصناعة بدلا من الزراعة التي اعترضت معاملها على القرار، وأقيل مسؤول الحجر الصحي الذي رفض الشحنات المسرطنة لخطورتها على صحة المصريين وزراعتهم، كما أقرت دخول شحنات القمح الروسي مجددا!

 

الميسترال والوزير البولندي

 

وفي فضيحة من العيار الثقيل، باتت عناوين أغلب الصحف والدوريات العربية والغربية "هل تنازلت مصر عن “الميسترال” إلى روسيا مقابل دولارٍ واحد!".

 

وذلك بعدما قال وزير الدفاع البولندي، أنتوني ماتشيريفيتش، أنه يظن أن مصر قد باعت حاملتي المروحيات “الميسترال” إلى روسيا مقابل سعرٍ رمزي قدره دولارٌ أميركي واحد، في نفس الوقت نفت القاهرة هذه الأخبار، ولم تنفها روسيا.

 

وصرح الوزير البولندي في كلمة ألقاها، الجمعة 21 أكتوبر الماضي، في جلسة استماع بالبرلمان البولندي، مكتفياً بالقول إنه يملك معلومات عن عملية تسليم السفينتين إلى روسيا "من مصادر جيدة".

 

وكانت فرنسا بنت حاملتي المروحيات من طراز “ميسترال” من أجل روسيا، لكنها تراجعت وقرّرت بيعهما لمصر بسبب خلاف حول ضم روسيا جزيرة القرم إلى أراضيها.

 

المحافظة على كرسيه

 

ووصف موقع عبري قرارات السيسي حيال روسيا بأنه "يريد المحافظة على كرسيه بأي ثمن"، ونقل موقع "ويللا" الإخباري مقالا ل"غيا أليستر" إن ذلك برز مؤخرا من خلال سعي مصر لتعزيز العلاقات مع روسيا وسوريا، حيث قام السيسي بتعزيز العلاقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يسعى لتوسيع تحالفاته الإقليمية في المنطقة.

 

وأوضح أن دخول روسيا على خط تحالفات المنطقة جعلها تبحث عن موطئ قدم في مصر، التي كانت إلى عهد قريب خاضعة للنفوذ الأميركي منذ عهد الرئيس الراحل أنور السادات، لكن بسبب الدور الكبير الذي تقوم به مصر في عهد السيسي بمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية فقد واصلت الولايات المتحدة دعمها العسكري له.

 

وأشار الكاتب إلى أنه في حين يرحب السيسي بالدعم الروسي له، فقد سبق أن أعلن تأييده بقاء الرئيس الأسد في الحكم بسوريا، في ظل وجود قواسم مشتركة بينهما؛ فالاثنان يحاربان الجماعات الإسلامية، وهما يقمعان شعبيهما، مما يؤكد أن هناك تحالفا بينهما.

 

انتصار وهمي

 

ومع إرهاصات العلاقة بين السيسي وبوتين رأى المفكر القومي نادر الفرجاني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ومحرر تقرير التنمية البشرية العربية الأول، على ضرورة وضع العلاقات المصرية – الروسية في سياقها "الاستراتيجي السليم"، حال كان من الممكن "توظيف هذه العلاقة المستجدة لمصلحة مصر وشعبها"، بحسب قوله.

 

وفي منشور له عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، بعنوان: ماذا يمكن أن يريد الدب الروسي من مصر وبأي مقابل؟، أشار إلى ضرورة اللجوء إلى تحليل استراتيجي رصين، لفهم طبيعة المستجدات في العلاقة المصرية – الروسية، بعيدًا عن ما وصفه بـ"الطنطنة الجوفاء بانتصارات ضخمة وهمية على الأغلب".

 

وأكد الأستاذ الجامعي، أن مصالح ما وصفه بالطرق الأقوى، دائمًا تقضى أولًا، ملمحًا إلى أن ما أعلنته الصحف المصرية، من أن الهيئة الفدرالية للرقابة البيطرية والصحة النباتية الروسية، أعلنت، منذ شهور، أن مصر مستعدة للبدء في توريد منتجات الألبان واللحوم والأسماك والمأكولات البحرية لروسيا، موضحًا أن الغرض من استيراد روسيا لهذه السلع، هو تفريج ضائقة روسية، نتجت عن أزمة في العلاقات التجارية مع الدول الغربية بسبب الخلاف حول قضية أوكرانيا، لافتًا إلى أن أسعار هذه السلع يعتبر مرتفعًا نسبيًا في مصر، ما يمثل بالضرورة عبئًا آخر على المواطن المصري، الذي عليه الاستعداد لدفع أسعار أعلى في نوعيات أردأ من هذه السلع".

 

ولفت إلى أن روسيا، وفيما يخص قضية السلاح، لن تتعامل مع مصر إلا كتاجر، أو "طامع في ميزات استراتيجية"، منبهًا إلى أن روسيا لا تختلف كثيرًا في توجهاتها السياسية عن الولايات المتحدة.