إخوان السودان يدعمون ويشاركون بمظاهرات “الخبز”: “عبّروا عن غضبكم دون تدمير بلدكم”

- ‎فيتقارير

أمران ميزا مظاهرات أو انتفاضة الخبز في السودان: (الأول) هو دعم جماعة الإخوان المسلمين هناك لمظاهرات الشعب وحقه في التعبير عن غضبه، على غرار موقف الجماعة في مصر من ثورة 2011 التي أطاحت بالنظام السابق، ولولا مشاركة الإخوان فيها ما نجحت، و(الثاني) هو تشابه شعارات وهتافات السودانيين مع هتافات وشعارات ثورة يناير المصرية، خاصة شعار “الشعب يريد إسقاط النظام”.

ومثلما وقفت جماعة الإخوان المسلمين في مصر مع الشعب في ثورة 25 يناير، ونزل أبناء الحركة للدفاع عن المتظاهرين في ميدان التحرير وموقعة الجمل حتى تحقق النصر وتنحى مبارك، أعلنت جماعة الإخوان المسلمين بالسودان وقوفها مع الشعب السوداني في المظاهرات الحالية ضد رفع أسعار الخبز وإلغاء الدعم، مؤكدة حق الشعب في التعبير عن رأيه، ولكن دون تخريب.

وأظهرت جماعة الإخوان المسلمين في السودان دعمها بوضوح، وساندت السودانيين في مظاهراتهم قائله لهم: “عبّروا عن غضبكم دون أن تدمروا بلدكم”، معلنةً وقوفها صفًا واحدًا مع المواطن، الذي قالت إنه “يعبر عن غضبه بصورة حضارية دون عنف أو إحراق للممتلكات الخاصة بالدولة أو المواطنين”.

ولكن الجماعة أكدت أنها ترفض رفضًا باتًا أحداث التخريب والاعتداء على الأرواح والممتلكات، وقال المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين بالسودان علي جاويش، في بيان له: إن الجماعة “تتابع عن كثب الأحداث التي تجرى في البلاد، وما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية من ضيق وعنت مسّ قوت المواطن وأثّر سلبًا على حياته المعيشية”، وتتابع “صفوف الخبز والوقود وانعدام السيولة وجنون الأسعار مع محدودية الدخل الشهري”.

واتهم “جاويش” الحكومة بعدم الجدية فيما يخص الحوار الوطني الدائر حاليًّا “ومحاولتها كسب الوقت والتشبث بالحكم، ورمي الفتات لبعض من شارك في الحوار”، مؤكدًا أن “هذا الوضع كان لا بد من أن يُحرك الشارع تعبيرًا عمّا آلت إليه الأوضاع”.

تشابه مظاهرات السودان مع مصر

وسعى السودانيون الذين خرجوا للتظاهر منذ يوم الخميس إلى استنساخ التجربة الثورية المصرية في هتافاتهم وشعاراتهم، خاصةً أن الأوضاع الاقتصادية والسياسية تتشابه؛ حيث تسعى حكومة الخرطوم لإلغاء دعم الخبز وسلع أخرى تدريجيا بسبب التدهور الاقتصادي، وهو نفس ما تفعله سلطة الانقلاب في مصر التي بدأت بعد رفع أسعار الخدمات وكافة السلع الاقتراب من رغيف الخبز عبر حيل عديدة لإلغاء الدعم وتسعى خلال عام 2019 لتحجيم الدعم للخبز عبر خطة استبدال الدعم العيني بدعم نقدي بحيث يرتفع سعر الرغيف تدريجيا.

كما يسعى الرئيس البشير وحزبه أيضا إلى تعديل الدستور للإبقاء على الرئيس السوداني فترات رئاسية مفتوحة بعد انتهاء فترة رئاسته الثانية والأخيرة وفق الدستور عام 2020، وهو نفس ما يسعى له قائد الانقلاب في مصر بتغيير الدستور وتمديد فترات رئاسته لتكون مفتوحة، برغم أن تمثيلية انتخابات 2018 أعطته الفرصة للبقاء حتى 2022 ولكنه زبانية الانقلاب مرتعبون من عودة الربيع العربي والثورة لمصر ويتشبثون بقائد الانقلاب مغتصبًا للسلطة.

وأحرق المتظاهرون في السودان مقر حزب المؤتمر الوطني الحاكم في مدينة عطبرة على غرار ما فعله ثورة مصر عام 2011 بحرق مقر الحزب لوطني الحاكم سابقا، كما طاردوا وضربوا سيارات الشرطة بالحجارة، وهتفوا: “الشعب يريد إسقاط النظام” و”ارحل”.

أسباب الغضب

وجاء الغضب الشعبي بسبب معاناة السودانيين من أوضاع معيشية صعبة وارتفاع الأسعار بصورة كبيرة وآخرها رفع سعر الخبز المدعم من جنيه إلى 3 جنيهات بدعوى أنه خبز تجاري ليس مدعما، بعدما لجأ السودان للطريقة المصرية في رفع أسعار الخبز ورفع الدعم جزئيا عن الدقيق، وتسليم حصص دقيق للمخابز بالسعر المدعوم وآخر بالسعر التجاري، ولم يجد أهالي غالبية المدن الخبز المدعم بوفرة، وأنهم مضطرون لشراء الخبز التجاري بـ3 جنيهات؛ فانفجروا في الشوارع غضبا.

ورغم أن الانتخابات الرئاسية المقبلة في السودان موعدها عام 2020، ولا يزال أمام البشير، الذي ظل رئيسا للبلاد منذ يونيو 1998 وانتخب عامي 2010 و2015، عاما آخر قبل انتهاء فترة ولايته، فقد بدأ الحزب الحاكم يطرح فكرة تعديل الدستور لبقائه فترات رئاسية أخرى.

وفي 4 ديسمبر الجاري 2018، رفع 294 نائبا سودانيا عريضة موقعة إلى رئيس البرلمان تطالب بتعديل الدستور للسماح للرئيس عمر حسن البشير بالترشح لولايات مفتوحة، بدلا من حصرها بولايتين كما هو وارد في الدستور حاليا.

وهو نفس ما تسير عليه سلطة الانقلاب في مصر بالترتيب لتعديل الدستور لتمديد رئاسة السيسي فترات رئاسية أخرى مدى حياته ليثبت كذبه حين قال إن الجيش لن يرشح أحدا للرئاسة وترشح، وحين قال إنه لن يجري تعديلا للدستور والآن يقوم بتعديله.

قلقون أكثر من البشير!

ويقول محللون: إن سلطة الانقلاب في مصر قلقة من انتقال مظاهرات السودان لمصر خاصة مع تشابه التجربة السودانية مع المصرية من حيث السعي لرفع الأسعار وإلغاء الدعم وتمديد رئاسة حكام البلدين.

ويرون أن دول مثلث الثورة المضادة (مصر والإمارات والسعودية) يعيشون أيامًا من الرعب وخائفون أكثر من الرئيس السوداني نفسه؛ لأن المظاهرات في السودان تتوسع يومًا بعد آخر، ويخشى من أنها ستشجع الشعوب العربية على إطلاق موجة جديدة من الربيع العربي ضد طغاتها، وبالتالي ستذهب المليارات التي أنفقها لإخماد الربيع العربي هباءً منثورا.

ويقول الدكتور محمد محسوب، وزير الشئون القانونية في حكومة الرئيس محمد مرسي: إن “أمتنا العربية مقبلة على تغيرات جذرية خلال العامين المقبلين، ولا يوجد بأي من حكوماتها عقلاء يستجيبون لمطالب التغيير، وإنهم ظنوا الربيع العربي انتهى بانقلاباتهم، بينما لم تكن الموجة الأولى إلا زلزالا بدأ، وستفرض شعوبنا مطالبها: حرية.عيش.عدالة اجتماعية، وسيصبح وجهها مشرقا ومتحضرا يفتخر به أبناؤه”.

فهل تفعلها السودان كما فعلتها تونس؟ فقد بدأت من تونس ثورات الربيع العربي ثم تبعتها مصر، فهل تأتي من السودان نسائم الحرية وشرارة جديدة تعيد التوهج للربيع العربي الذي سعى أنصار الثورة المضادة لإخمادها؟

يبدو أن الشعب السوداني يسارع الخطى للحاق بركب ثورات الربيع العربي ويطالب بإسقاط النظام، ويوسع نطاق احتجاجاته الشعبية الغاضبة إلى العاصمة الخرطوم.

فانتفاضة المدن السودانية شهادة أن الربيع العربي ما زال حيًا رغم كل حروب محور الثورات المضادة والاحتلال الروسي الإيراني لإخماده.