ارتفاع اللجوء والهجرة.. باحثة بـ”كارنيجي”: قمع الانقلاب أنشأ موجة كثيفة من المنفيين

- ‎فيتقارير

قالت ميشيل دنّ مديرة برنامج كارنيجي للشرق الأوسط وباحثة أولى فيه: إن الموجة الجديدة – التي حدثت بعد انقلاب يوليو 2013 – أكثر كثافة عدديًا، موضحة أنها تضم شبابا وفئات متنوّعة سياسيا وأيضا اجتماعيا واقتصاديا حين تقارن بالموجات السابقة التي حدثت بين الخمسينيات والسبعينيات.

وأسندت هذه الموجة الكثيفة إلى القمع السياسي الذي يمارسه النظام الانقلابي الراهن، والذي لا يقتصر على مجموعة سياسية واحدة بعينها أو مجموعتين، بل يمتد ليطال العديد من الفئات السياسية والاجتماعية.

وتخت عنوان “التدافع إلى مغادرة مصر” استعرض باب “ديوان” مقابلة تحدث فيها ميشيل دنّ، مع مايكل يونج، عن ظاهرة تصاعد أعداد المنفيين المصريين ومضاعفاتها.

دراسة المنفيين

وأعدت ميشيل دن دراسة بالاشتراك مع عمرو حمزاوي في مؤسسة كارنيجي تحت عنوان: “Egypt’s Political Exiles: Going Anywhere but Home.” وقالت إن ثمة موجة ضخمة من المنفيين السياسيين من مصر برزت منذ انتفاضة أوائل 2011، وإلى درجة أكبر منذ الانقلاب العسكري في يوليو 2013. بالطبع، من الصعب جمع معلومات شاملة عن أولئك الذين غادروا لأسباب سياسية (على غرار الملاحقة القانونية المُسيّسة أو إجراءات خارج نطاق القانون كالتهديدات أو المضايقات)، وليس لدواعٍ اقتصادية.

وكشفت عن أن الدراسة كانت من واقع صلة مُنتظمة مع المصريين وملاحظات وأمثلة توضيحية تثبت الارتفاع الشاهق والمفاجئ في طلبات اللجوء السياسي وتأشيرات الهجرة إلى بلدان معينة.

الإخوان المسلمين

واعترفت “دن” أن أعدادا ضخمة من أعضاء جماعة الإخوان وأنصارها وإسلاميين آخرين غادروا البلاد، موضحة أن هذه المجموعات بدت متنوّعة للغاية من حيث السن والوضعية الاجتماعية والاقتصادية.

وأشارت إلى أنه بدءًا من العام 2014 فصاعدًا بدأ ناشطون سياسيون علمانيون، ومدافعون عن حقوق الإنسان، ومثقفون، وصحفيون، وفنانون، يغادرون مصر زرافات ووحدانا مع تفاقم القمع ضدهم. وهذا لا يزال يحدث الآن وعلى قدم وساق، كما يمكن أن نرى خروج شخصيات بارزة كالممثلَين خالد أبو النجا وعمرو واكد.

وفي منهجية الدراسة أشارت “دنّ” إلى ثلاث موجات متداخلة من المصريين الذين يغادرون نحو المنفى الطوعي أو الإجباري.

في الفترة بين 2011 و2013، غادرت إلى المنفى مجموعة صغيرة من رجال الأعمال الأغنياء المرتبطين بنظام مبارك السابق، تلتها أعداد كبيرة من المسيحيين الأقباط الذين تخوّفوا من الصعود السياسي للإسلاميين. وبعد الانقلاب العسكري العام 2013.

هجرة الكفاءات

ورأت ميشيل دن أن هناك مخاطر على مصر في مجال نزف الأدمغة والكفاءات، إذ لا يقتصر الأمر على مغادرة شخصيات معروفة وأخرى بارزة سابقا في العديد من الحقول، بل ثمة أيضًا العديد من الفئات التي تعتبر أن بيئة ما بعد الانقلاب لم تعد ملائمة، وستخرج حين تسنح لها الفرصة.

وأوضحت أن مصر تعاني حاليًا من جسم أكاديمي ومجتمع مدني مُفقرين وبيئة إعلامية مُغلقة، كما كان الأمر قبل 15 إلى 20 سنة. وهذا لا يوفر للبلاد سوى قلة من الكفاءات التي يجب أن تعالج القضايا الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة.

وشددت على أن بعض المنفيين نشطون في مجال الإعلام وحقوق الإنسان، وهذا يفرض تحديات على “النظام”، فيما هو يحاول التفرّد بسرديته التبريرية داخل البلاد وأمام الأسرة الدولية.

معارضة جدية

وأشارت باحثة كارينجي إلى أن ما لم يفعله المنفيون حتى الآن هو إطلاق أي نوع من المعارضة السياسية الجديّة، وهذا لأنهم يعانون من حالة الاستقطاب نفسها كما باقي المصريين في داخل البلاد، ويفتقدون إلى الثقة المتبادلة.

وقالت: علينا أن ننتظر الآن لنرى ما إذا كان هذا الوضع سيتغيّر أم لا.

وختمت: تُظهر التعديلات الدستورية التي يجري إقرارها الآن، والتي ستُعزز سلطة الجيش وتسمح للسيسي بالبقاء في سدة الحكم حتى العام 2034 على الأقل، أن فرص وأقنية العمل السياسي تُغلق كليًا هذه الأيام. وهذا ما قد يدفع قدمًا احتمال بروز نشاط سياسي مصري أكبر في المنفى.