استقالة الهلباوي من “حقوق الإنسان”..  الأسباب المعلنة والخفية

- ‎فيتقارير

جاءت استقالة كمال الهلباوي، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان المُعين من جانب سلطات  الانقلاب، لتثير كثيرا من التساؤلات حول أسباب الاستقالة وتوقيتها، في ظل الهجوم المتواصل علىى الرجل منذ أعلن عن مبادرته للمصالحة بين العسكر  والتيار الإسلامي.

ووفقا لمراقبين فإن الاستقالة تمثل تعبيرا عن يأس الرجل من  الأوضاع، وربما عدم قدرته الصحية على ممارسة دوره، في ظل فشل المجلس من الأساس في الدفاع عن حقوق الإنسان المنتهكة بصورة صارخة منذ انقلاب 30 يونيو 2013م.

وربما تأتي الاستقالة احتجاجا صامتا على اعتقال الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح، على خلفية تصريحاته المتلفزة على قناة الجزيرة مباشر ضد النظام السلطوي، وهو الذي تربطه علاقة وطيدة بالهلباوي.

وتقدم الهلباوي، باستقالته من عضوية المجلس مطالبا رئيس المجلس، محمد فايق بإقالته –حال عدم قبول استقالته.  ويبدو من ظاهر استقالة الهلباوي أنها جاءت كما ذكر هو “”تخفيفا للضغط على المجلس”، وإن كان ذلك لا يمنع من وجود أسباب أخرى للاستقالة لم يشأ الهلباوي الإفصاح عنها.

وكان رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، محمد فايق، قال في تصريحات صحفية الثلاثاء إنه “لا صلة ولا علاقة للمجلس بما يطرحه الهلباوي في وسائل الإعلام المختلفة بشأن تشكيل مجلس حكماء”، مؤكدا أن “ما يطرحه الهلباوي يمثل وجهة نظره الشخصية فقط، ولا صلة للمجلس من قريب أو بعيد بهذه التصريحات”.

وقال الهلباوي في خطاب رسمي بعثه إلى رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، الثلاثاء، بحسب موقع “عربي21”: “تحياتي لكم ولمعالي الأمين العام والسادة الأعضاء والعاملين بالمجلس. ويسرني أن أؤكد هنا أن ما أطرحه في وسائل الإعلام بخصوص مبادرة السلام الاجتماعي والسلم المجتمعي؛ التي تقدمت بها في نيسان/أبريل الماضي، هو على مسؤوليتي الخاصة ولا علاقة للمجلس بها ولا لعضويتي بالمجلس”.

وأضاف: “قمت بهذه المبادرة شعورا بواجبي الوطني نحو الوطن، لعلنا نخرج بذلك من الصراع إلى الحوار، ومن العنف والإرهاب إلى بناء المستقبل، وتوجيه كل الطاقات والإمكانات والثروات البشرية والمادية المدنية والعسكرية إلى مواجهة العدو الحقيقي للوطن والأمة، ولذلك كان الهجوم على المبادرة وعليّ شخصيا، دون فهم حقيقي، من الإخوان ومن بعض أنصار النظام الحاكم”.

واستطرد الهلباوي المقيم في لندن: “مرة أخرى أتقدم لكم باستقالتي أو طلب إقالتي تخفيفا للضغط على المجلس، ويؤسفني أن أسبب لكم أي إزعاج. شكرا لكم حسن اهتمامكم. وتقبلوا خالص التحية والتقدير”.

وأشار الهلباوي إلى أنه “لو سمح له الأطباء بالعودة إلى مصر لعدت على أول طائرة لأشكركم، وأقول ما أقوله من داخل الوطن”.

وكان الهلباوي كشف في وقت سابق عن انعقاد الاجتماع الأول لمجلس الحكماء الخاص بمبادرته التي أطلقها،  والتي “تهدف لمحاولة إنهاء الأزمة المصرية وأزمات الأمة”، في العاصمة اللبنانية بيروت خلال الشهرين المقبلين، مؤكدا أن “الاتصالات جارية بهذا الخصوص لترتيب إجراءات انعقاد الاجتماع الأول”.

ولفت، في تصريحات صحفية إلى أن “جدول أعمال الاجتماع التأسيسي لمجلس الحكماء جاهز، وتم الانتهاء منه بالفعل، وسيتضمن مناقشة التحديات، والأولويات، وتقسيم مجلس الحكماء إلى مجموعات وفرق عمل متناسقة ومقبولة ولها خبرة في الموضوعات التي ستتصدى لها”.

ونوه الهلباوي إلى أنه تواصل بالفعل مع بعض أعضاء مجلس الحكماء خلال الفترة الماضية بشأن حضور الاجتماع الأول، وسيتواصل مع الآخرين لاحقا لدعوتهم لحضور هذا الاجتماع، الذي أكد أنه سيتبعه خطوات أخرى “هامة” (لم يحددها) مستقبلا.

ولكن هذه الاستقالة تؤكد فشل مبادرة الهلباوي للمصالحة المزعومة؛ إذا كيف يتصالح القاتل “السيسي” مع أهالي القتلى “التيار الإسلامي”؟ وكيف يتصالح الطاغية مع شعبه، وقد تطبع بفرض الأوامر وفقا لتربيته العسكرية ، فما الذي يغريه لمصالحة هو لا يحتاج إليها؟ وما الذي يمكن أن يترتب على كذا تسوية سوف تفضي وفقا لموازين القوى لتكريس السلطوية العسكرية والحكم الشمولي الفاشي؟

ليس أمام الإسلاميين حاليا سوى الصبر وتحمل الأذي، والعمل على فضح النظام وكشف جرائمه وانتهاكاته وتوعية الجماهير التي باتت بالفعل أكثر وعيا وإدراكا على وقع الغلاء الفاحش والقمع المتواصل والأزمات التي لا تنتهي.

استمرار النظام الحالي بات مستحيلا؛ فمآله السقوط بثورة شعبية جارفة هو أول من يحرض عليها بقمعه وظلمه وطغيانه وفشله في كافة القطاعات خصوصا الديون الضخمة والضرائب الباهظة والغلاء الفاحش.