“التطبيع خيانة”.. هكذا زرع حكام العرب أوسلو فنبتت في بقية العواصم!

- ‎فيتقارير

تمت مراسم توقيع اتفاق التطبيع الإماراتي الصهيوني في 13 سبتمبر الماضي في البيت الأبيض بواشنطن، بالتزامن مع ذكرى إبرام اتفاق أوسلو بالعاصمة الأمريكية قبل نحو ثلاثة عقود من الزمن.
وتم اختيار تاريخ 13 سبتمبر لتوقيع اتفاق التطبيع، لأنه يتزامن مع الذكرى السنوية لتوقيع اتفاق أوسلو بين كيان العدو الصهيوني ومنظمة التحرير الفلسطينية في البيت الأبيض عام 1993.

وفي إشارة للإمارات ورعاة التطبيع بين أبو ظبي وتل أبيب، قال مراقبون"إنهم يريدون الاحتفال بتحقيق هدفهم الرامي إلى استحواذ الكيان الصهيوني على الأراضي الفلسطينية وضمها".
كيف جرت هذه التحولات الضخمة؟ وما حدود الدور المصري وأبعاده في هذا العار الأبدي؟ وهل يتوقف الدور المصري على نظامي السادات ومبارك، أم أن لعصابة انقلاب 30 يونيو وقائدها السفاح عبدالفتاح السيسي دورا قائدا في أوسلو الإماراتية؟

الجريمة..!
وقالت حركة المقاومة الإسلامية حماس إن الاتفاق لا يخدم القضية الفلسطينية ويشجع الاحتلال على التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني، وأكد حازم قاسم المتحدث باسم الحركة أن الاتفاق مع الاحتلال لا يخدم القضية الفلسطينية ويشجع الاحتلال على تنكره لحقوق الشعب الفلسطيني، واستمرار جرائمه بحقه،وشدد على أن مواجهة الضم الحقيقية تكون بالمقاومة الشاملة والاسناد العربي لها وليس عبر مقايضتها باتفاقات من هذا النوع.
وأضاف أنه كان المطلوب دومًا دعم نضال الشعب الفلسطيني المشروع لتحقيق أهدافه بالحرية وليس إقامة علاقات مع الاحتلال.

وبعد جريمة اغتيال الطفل محمد الدرة، برصاص جيش الاحتلال الصهيوني في سبتمبر 2000، ساد العالم العربي غليان واسع، وتفاعل كثير من الساسة والمثقفين والفنانين مع الرأي العام، تنديدا بالجريمة وتأكيدا على وحدة الدم العربي والمصير المشترك وأن قضية فلسطين هي قضية كل العرب وكل حر ونبيل على وجه الأرض، وعلى المستوى الفني، جرى ترجمة هذا الشعور الجارف بعملين كبيرين.

الأول، هو أوبريت "الحلم العربي" الغنائي، الذي شارك فيه مطربون ومبدعون من كل الوطن العربي تقريبًا، غير أن أكثر ما يلفت النظر في الأوبريت الذي صار من الممنوعات على الشاشات العربية، بعد خضوعها لقوانين الزمن الصهيوني، أن منتج العمل يخص بالشكر "دولة الإمارات العربية المتحدة متمثلة بهيئة الإذاعة والتلفزيون، التي ساهمت في تزويدنا بالمواد الأرشيفية"، حيث مدَّ التلفزيون الإماراتي القائمين على العمل بمشاهد البربرية الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني على نحوٍ جعل العمل الغنائي أقوى وأوسع تأثيرًا من آلاف الخطب والبيانات والتصريحات السياسية، إلى الحد الذي عرّى الكيان الصهيوني أمام العالم.

وصار يرى في إذاعة الأوبريت امتدادٌ لانتفاضةٍ مشتعلةٍ في الأرض المحتلة، ما يجعله عملًا عدائيًا يهدد سياسيات التطبيع التي تبنتها دول عربية وقّعت اتفاقاتٍ مشبوهة معه، ونجحت الضغوط الصهيونية في توقف بث الحلم العربي في الجماهير العربية، وامتنعت الفضائيات عن إذاعته، حتى باتت الأجيال الجديدة لا تعرف عنه شيئا.

عندليب الدقي
بعد ذلك بسبع سنوات، أنتجت السينما المصرية فيلمًا ضد التطبيع باسم "عندليب الدقي"، قدّم فيه الفنان محمد هنيدي شخصيتي شقيقين توأمين، أحدهما مصري من منطقة شعبية، والثاني إماراتي صاحب مؤسسات اقتصادية ضخمة، تفرّقت بهما السبل، ثم التقيا فجأة بعد أن أخبرت الأم المصرية ابنها بأن شقيقه التوأم يعيش في الإمارات، حيث أخذه والده وسافر بعد ولادته.
النقطة الجوهرية في الفيلم هي رفض التطبيع، في إطار قصصي مشوق، وحين عرض الفيلم في ذلك الوقت اعتبره بعض المتابعين دعاية سياسية للإمارات عن طريق السينما، لكنه نوع محترم وإيجابي من الدعاية، مما قيل وقتها ليت كل الدول العربية تسعى إلى صنع دعاية سياسية لنفسها بهذا الشكل.

وبدأت العلاقات الإماراتية مع الكيان الصهيوني على خجل في أعقاب ضلوع شابين إماراتيين هما مروان الشحى وفايز بنى حماد فى هجمات 11 سبتمبر والتى راح ضحيتها ثلاثة آلاف أمريكى.
تصورت الإمارات أن التعاون مع الكيان الصهيوني كان كافيا لمرورها إلى البوابة الملكية لواشنطن من خلال السماح بتعاون أمنى استخباراتى واسع مع الكيان الصهيوني واطلاع الدوائر الأمريكية عليه، ثم ضاعف الربيع العربى وما اعتبرته أبوظبى وتل أبيب خطرا وجوديا وتهديدا غير مسبوق لمصالحهما القومية، مثلت ديمقراطية الشعوب العربية خطرا لم يترك العلاقة بينهما إلا أكثر قوة وتنسيقا فاجأ حتى حليفهم الأمريكى.

وخلال السنوات الــ13 الماضية، جرت تحولات ضخمة قادها شيطان العرب ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، وتحولت أبو ظبي على يديه إلى أكبر عدو لدود للمقاومة الفلسطينية، وأمست عشيقة تمارس البغاء السياسي على فراش الصهاينة.
وبعد إشهار العلاقة الحرام بين “أبو ظبي وتل ابيب” بعد اتفاق التطبيع في 13 أغسطس 2020م، جرى انتهاك براءة أطفال العرب بإجبارهم على ارتداء قمصان تحمل علم الصهاينة في قلب دبي وراح خدمة النظام يسوقون للجريمة ويصفون عار بن زايد ونظامه بإنجاز يستحق الاحتفال!

العصابة
مسارعة عصابة السفاح السيسي إلى مباركة الاتفاق يؤكد أنه كان جزءا من الوصول لاتفاق التطبيع، وما مسارعته للتأييد والترحيب إلا تأكيد على بنية وأركان حلف الثورة المضادة الذي ترسخ بعد انقلاب 2013، والتطبيع بين الإمارات والكيان الصهيوني هو فقط تأكيد المؤكد، فالعلاقات بين النظامين لم تتوقف منذ الثورات الشعبية التي شهدتها الدول العربية.

وجدت الكيان الصهيوني في الإمارات الأداة المناسبة لها لضرب كل القوى الثورية والتيارات السياسية ذات المرجعية الإسلامية في المنطقة، ومن العبث الحديث عن اتفاق سلام بين الكيانين، لأن هذه الاتفاقات تكون بين الدول المتحاربة، كما أنه من العبث كذلك القول بأن هذا الاتفاق من أجل الدفاع عن الحقوق الفلسطينية ووقف خطة الضم الصهيونية، لأن هذا الاتفاق من شأنه ترسيخ وجود الكيان الصهيوني، وليس حماية الحقوق الفلسطينية.

دور عصابة السفاح السيسي لم يتوقف عند حدود المشاركة في إنتاج الاتفاق باعتباره عضوا في تحالف الثورات المضادة، بل امتد للقيام بدور احتواء توابع التطبيع وتسويق الاتفاق، وتحريض عواصم أخرى على اتباع خطوات شيطان العرب؛ يدلل على ذلك أن دوائر مصرية تجري حاليا اتصالات مكثفة لضم عواصم خليجية أخرى إلى اتفاق التطبيع الرسمي مع الاحتلال الصهيوني، وتستهدف جهود السفاح السيسي ضم البحرين وسلطنة عمان، بما يتيح استنساخ اتفاق التطبيع “أبراهام” الموقع بين أبوظبي وتل أبيب.

من جهة ثانية، وفي أعقاب إشهار بغاء التطبيع الإماراتي، تكفل السفاح السيسي بالقيام بدور الإطفائي للغضب العربي والعمل على تزيين الاتفاق وتسويقه إعلاميا وسياسيا عبر الأدوات المختلفة، بل ممارسة ضغوط على السلطة من أجل وقف الحملة ضد الإمارات واتفاقها بل القبول بالاتفاق والعودة إلى طاولة المفاوضات مع الصهاينة.
وللقيام بذلك زار وفد مخابراتي مصري رفيع المستوى أراضي السلطة الفلسطينية مرتين خلال الأسبوع الأول بعد إعلان الاتفاق؛ ويلعب السفاح السيسي دور الوسيط بين القيادة الفلسطينية وأبوظبي لـ”كبح” الغضب الفلسطيني ووقف المسيرات المناوئة في الضفة الغربية وقطاع غزة للاتفاق، خاصة أنه تخللها حرق علم الإمارات وصور محمد بن زايد، وحجة السفاح السيسي أن القطيعة مع الدول العربية والاشتباك السياسي والإعلامي معها يضر الفلسطينيين وقضيتهم لا غيرهم.

وبدت زيارة وفد السفاح السيسي إلى غزة ضمن محاولته إطفاء لهيب التصعيد الميداني أو احتوائه بين غزة والكيان الصهيوني دون حلول لمعاناة القطاع مع إبقاء الوضع الراهن على ما هو عليه، كأنها تحمل رسالة ضمنية بأن السفاح السيسي هو الوحيد الي يقرر لغزة قرارها، لا تركيا ولا قطر.