الجارديان تحذر قادة الغرب: الربيع العربي يعود أشد عنفًا بسبب القمع والفساد

- ‎فيعربي ودولي
FILE - In this Friday, Jan. 28, 2011 file photo, Egyptian anti-government activists clash with riot police in Cairo, Egypt. More Arabs are politically engaged than ever before, demanding to be heard. They're learning what it means to question everything and everyone after decades under heavy autocracies where discussion, innovation and public participation were discouraged or crushed. This week, as Egyptians prepare to mark on Friday the anniversary of the start of the revolution that swept aside Hosni Mubarak, the issue seems to come up at every panel that even tangentially touches on politics or strategy. (AP Photo/Ben Curtis, File)

كتب- كريم محمد:

 

لا يحتاج المراقب العربي لتحليلات غربية ليتكشف أن ثورة وربيع عربي جديد قادمة ستقتلع هذه المرة الفساد من جذوره وقد لا تكون بيضاء مثل موجات 2011، بعدما سفكت الثورات المضادة للحكومات دماء الابرياء، ولكن التقارير التي ترصدها صحف غربية من حين لأخر يبدو أنها تقرع الاجراس الي الحكومات الغربية قبل حكومات الانقلابين.

 

آخر هذه التقارير المحذرة من ربيع عربي جديد قادم لا محالة هي جريدة الجارديان البريطانية التي كتبت افتتاحيتها عدد 2 يناير 2017 بعنوان: "ستحدث مرة اخري" في إشارة للربيع العربي، معدده اسباب الانفجار مرة أخرى بالقمع الشديد واستشراء الفساد.

 

لذلك كان من اللافت أن يقول التقرير البريطاني في حديثه للساسة الغربيين في ختام التقرير: "ما من شك في أن سياستكم الخاطئة؛ ستدفع هؤلاء الذين يحال بينهم وبين تغيير مجتمعاتهم بالوسائل الديمقراطية لتحويل غضبهم "إليكم"، أي إلى الخارج مثلما سيوجهونه للداخل.

هيئة تحرير الصحيفة البريطانية قالت فيما يشبه جرس الانذار للجميع، "إن الأسباب التي فجرت الثورات لم تنته، بل إن بعضها أصبح أشد وأنكى، بسبب القمع وإغلاق أبواب الاحتجاج السلمي أمام الشباب العربي الذي ربما يدفعهم للثورة بأشكال مباشرة وأكثر عنفا، وانتشار الفساد".

 

عودة الدكتاتورية العسكرية 

 

"الجارديان"، التي كانت تشير لمرور ستة أعوام على بداية الربيع العربي، استعرضت بداية الربيع العربي في تونس بحادثة إشعال البائع التونسي المتجول النار في نفسه وموته في الرابع من يناير 2011، وانتقال الشرارة لدول عربية اخري أبرزها مصر التي تعاني ستة عقود من الاستبداد، ليسقط أربعة من حكام العرب.

 

وقالت إنه عقب الانقلابات المضادة وبعد مرور ستة أعوام قصيرة "باتت تلك الأحلام الآن في مهب الريح"، بعدما عادت "الدكتاتورية العسكرية" إلى الحكم في مصر، وانتهي الحال – بسبب التدخلات المختلفة – في كل من ليبيا واليمن وسوريا إلى حروب تحركها القوى الخارجية بالإنابة، باستثناء الحالة التونسية التي زعمت أن حزبها الاسلامي أوقف كافة نشاطاته الثقافية والدينية، وركز على السياسة متحولا بذلك إلى حزب ديمقراطي مسلم، على نسق الاحزاب المسيحية الأوروبية.

 

الأوضاع أكثر قابلية للانفجار 

 

"الجارديان" قالت في افتتاحيتها أن الأوضاع أكثر قابلية للانفجار في البلدان العربية الان مقارنة بعام 2011 لأن الأسباب التي فجرت الثورات لم تتبدد ولم تختف، بل أصبحت الظروف التي استدعت الثورات في السابق أكثر شدة وغضبا.

 

وتضرب أمثلة على هذا بما أسمته "خلق القيادة المعطوبة في مصر الأزمات تلو الأخرى"، وازمات السعودية الاقتصادية بعد تراجع أسعار النفط وتزايد هجرة العرب إلى أوروبا عبر قوافل الهجرة غير الشرعية هربًا من بلادهم.

 

ويشير التقرير لأن "ظهور أكبر جيل عربي من الشباب هو الأفضل تعليمًا والأعلى تمدنًا في تاريخ المنطقة، ويفوق في تدينه ما كان عليه أقرانه في مناطق العالم الأخرى بمراحل، يعطي انطباعا بأنه قوة تدفع باتجاه عدم الاستقرار والاضطراب".

 

وأنه بدلا من استيعاب الحكومات العربية هذا لجأت الي القمع؛ وسحق المعارضة، دون معالجة الأسباب التي أوجدتها، ولذلك ليس عجبًا أن تحذر الأمم المتحدة (في تقرير التنمية الإنسانية الأخير) من "تراكم المطالب وعودتها إلى الظهور بأشكال أكثر عنفًا".

 

الإنفاق على السلاح لا الزراعة

 

وتري افتتاحية الجارديان أن من الأسباب التي ستولد دورة جديدة من الاحتجاجات لجوء الحكومات لتكديس وشراء السلاح بدلا من التركيز على التنمية والزراعة والصناعة، وإنفاق ما يقرب من 75 مليار دولار سنويا على التسلح العربي في الـ 25 عاما الماضية.

 

ومن الاسباب الأخرى للانفجار القادم: "سيطر النخب العائلية على السلطة، والواسطة والمحسوبية على الأنشطة التجارية، وإهدار الفساد كم هائل من الموارد؛ حتى أن الأمم المتحدة تؤكد أن ما يقرب من 11 تريليون دولار نهبت خلال نصف قرن، كان من الممكن أن تستثمر في إيجاد فرص العمل وتحسين الخدمات الأساسية". 

 

غياب المشاركة السياسية والمحاسبة

 

من اسباب الانفجار القادم الأخرى التي رصدتها الجارديان"، "سياسيا": عدم وجود آليات للمشاركة والمحاسبة بما يسمح بالاحتجاجات السلمية، ما سيدفع الساخطين للبحث عن وسائل مباشرة وعنيفة.

 

أيضا العالم العربي السني يعيش حالة من الغضب والقلق بسبب سقوط العواصم والمدن السنية الواحدة تلو الأخرى في أيدي خصومه الدينيين سواء في الموصل، أو حلب، القدس، بغداد ودمشق.

 

ويكرر التقرير عبارة أن "العرب باتوا مرة أخرى حجارة على رقعة الشطرنج"، من زاوية الجغرافيا السياسية، بعد الأحداث الأخيرة بدليل أن قرار الأمم المتحدة التاريخي الذي طالب بوقف الاستيطان الإسرائيلي في المناطق المحتلة لم تتقدم به دولة عربية واحدة، كما أن خطة السلام في سوريا، جاءت من روسيا وإيران وتركيا لا دول عربية.

 

وينوه التقرير لأن وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض سيزيد من إهمال حالة اليأس والإحباط في الشارع العربي، وهو نفس ما تفعله تريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا التي تهتم ببيع السلاح للسعوديين لقصف المدنيين في اليمن أكثر من اهتمامها بتفجر ينابيع الديمقراطية

في العالم العربي.