الجزائر تستعد للجمعة الـ26.. وسط صراع قيادات “العشرية السوداء”

- ‎فيعربي ودولي

من المتوقع أن تكون الجمعة 16 أغسطس، ورقمها الـ26 من ثورة الشعب الجزائري، قوية جدا مع رفع شعار "الشعب يريد الاستقلال التام"، رغم سلسلة من الضغوط والتخويف والتضييق، ووسط صراع يتعمق لجنرالات العسكر الجزائريين، فخالد نزار- قائد انقلاب 92- يلقي خطابًا من فرنسا يدعو فيه ضباط الجيش للتحرك، وينتقد بشدة دون أن يسميه، الحاكم الفعلي للبلاد اليوم، الجنرال قايد صالح وزير الدفاع.

بالمقابل أصدر قايد صالح مذكرة دولية لتوقيف قائده السابق نزار، كما أغلق أكبر شركة للإنترنت عالية التردد التي يملكها نزار. ورغم دعم القوى الاستعمارية الذي تشرف عليه الإمارات، يصر الجزائريون على أن الحراك متواصل حتى رحيل كل رموز بوتفليقة، مع تخوفات من الاتجاه رويدا نحو ميلاد ديكتاتورية عسكرية جديدة على شاكلة السيسي وحفتر وغيرهما من الصناعات الإماراتية.

ويقول مراقبون، إن الجزائر بحاجة إلى إطارات شابة للخروج من الأزمة، إطارات متخرجة من معاهد وجامعات الجزائر، لا تحمل حقدا ولا تصفية حسابات قديمة، لا تفرق ما بين عربي وأمازيغي، أو ما بين مسلم وغير مسلم، همّها الأول والأخير بناء جزائر جديدة يبنيها الجميع ويعيش فيها الجميع دون إقصاء.

ويضيف المراقبون أنه لا أمل ولا مستقبل مع الحرس القديم كهنة الشرعية الثورية، يرفضون التوفيق وقايد صالح ونزار وحمروش والإبراهيمي وزروال.

لم يتحقق

يسود في الجزائر تيار يشير إلى أن المطلب الأساسي الذي وحّد الجزائريين حوله لم يتحقق بعد، وأن تغيير النظام لم نصل إليه على الرغم من أن أغلبية رموزه التي كانت على هرم السلطة أزيحت أو أدخلت السجن، فالشعب الذي سبق له وأن لدِغ من الجحر نفسه طيلة 57 سنة لا يريد أن يُلدغ من جديد ومن نفس الجُحر.

تقول افتتاحية صحيفة "الشروق" الجزائرية: "لذلك يرى أنه من المنطقي المطالبة بإزاحة جميع الأشخاص الذين كانوا حلقة رئيسية في نظام بوتفليقة قبل الحديث عن العودة إلى المسار الانتخابي، فالحراك لم يخرج لتغيير الأشخاص واستبدالهم بأشخاص آخرين، وإنما خرج لتغيير نمط التسيير المتَّبع منذ عقود والذي أوصلنا إلى ما نحن عليه من تفشٍّ للفساد، وأزمة اقتصادية خانقة على الرغم من الخيرات التي تنعم بها البلاد".

أسئلة مشروعة

المفكر الجزائري محمد العربي زيتوت، طرح 10 أسئلة توضح الموقف في الجزائر، فقال: "عندما تقوم ببحث علمي فإن أهم سؤال تطرحه على نفسك هو "لماذا"، وعند قيامك بالبحث ستصل إلى العديد من الحقائق بفضل ما يسمى بالاستنتاج، لماذا يجلبون فقط الفاسدين مثل وزير العدل السكِّير وممثل الحراك؟ ولماذا منذ 1962 والجزائر رديئة متخلفة رغم كل الإمكانيات الهائلة التي تملكها؟ ولماذا كل دولة تنشئ جيشًا ليحميها من المخاطر إلا في الدول العربية؟ ولماذا يتدخل الجيش في السياسة؟ أليس هذا ضد الدستور؟.

وعدد مساوئ تشهدها في الجزائر، تشمل الرداءة بجميع المؤسسات بالبلديات والدوائر ومركز البريد، وكل ما هو ملك للشعب، وتتمثل نتائجها في انقطاع المياه رغم امتلاك الجزائر لأهم ثروة مائية في العالم.

وعن مطالبات الثورة تساءل عن سجن المجاهد "لخضر بورقعة، وعدم مغادرة رئيس الحكومة رغم مطالبة الشعب بذلك، وبقاء عبد القادر بن صالح رئيس الدولة المؤقت رغم انتهاء مدته، وعدم وجود أي مادة دستورية تسمح بالتمديد له.

الهروب للأمام

وقال المحامي الدولي سفيان شويطر، المختص في العدالة الانتقالية: إن العسكر يتعمد الهروب من الاستحقاقات بالهروب للأمام.

وطالب، في حوار مع قناة المغاربية، الشعب الجزائري بالضغط الداخلي القوي، وأنه على الشعب مواصلة نضاله السلمي للتحرر من الاستبداد، وإذا كان هناك عقلاء (أذكياء ولديهم الحيلة) يؤمنون أن الجزائريين سيتحررون من الاستبداد فيتفاوضون على الاستقلال والحرية وسيتمسك العسكر أكثر بالسلطة مقابل هذه الضغوط، وهنا يبرز دور العقلاء. متحدثا عن استراتيجية السلمية المسار الوحيد الممكن بالنسبة للجزائريين.

صلف عسكري

وفي مقال لموقع "شهاب برس"، كتب الجزائري نصر الدين قاسم مقالة عن "الجزائر: بعد ستة أشهر من "الصراع" مع القيادة العسكرية"، أكد فيها أن قائد الأركان قايد صالح نجح في تنصيب نفسه الخصم الأول والأساسي للثورة الشعبية، فأصبح في عين الإعصار الثوري، وفي جوهر الشعارات المنددة والهتافات المستنكرة.

واعتبر أن تلك الخطوة سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الجزائر، رفع الغطاء عن حقيقة حكم العسكر للبلاد الذي ظل موضوعا مسكوتا عنه. فقد دأبت المؤسسة على تسيير مقاليد الحكم من وراء حجاب أو بالوكالة، أو عن طريق هيئة أو رئيس معين في أحلك الأوقات، كما حدث عقب انقلاب يناير عام 1992.