بلادي وإن جارت عليَّ.. هؤلاء طلبوا دفنهم في مصر

- ‎فيتقارير

كتب- إسلام محمد:

 

"وطني إن شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي" .. بيت من الشعر عبر به أمير الشعراء أحمد شوقي عن حبه للوطن ، وارتباطه الشديد به ، إلا أن هذا البيت يبقى حاضرا  في ذهن بعض الذين يموتون بعيدا عن أوطانهم ، الذين يعبرون عن حنينهم لبلادهم والرغبة في أن توارى أجسادهم تحت تراب مصر ، رغم أن إقامتهم كانت في الخارج سواء برغبتهم أو رغما عنهم .

 

ومن أحدث الذين أوصوا بالدفن في مصر ، الشيخ عمر عبد الرحمن ، الذي دفن ، الأربعاء، بناء على وصيته لأبنائه في اتصاله الأخير بهم قبل الوفاة ، كما سبقه العالم الحاصل على نوبل الدكتور أحمد زويل ، بالإضافة إلى الملك فاروق .

 

 وحول الحكم الشرعي في تنفيذ وصية الدفن في مكتن محدد أصدرت لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية فتوى أشارت فيها إلى أنه : "ينبغي أن يدفن الميت في المكان الذي أوصى أن يدفن فيه ما لم يكن في ذلك ارتكاب محظور كتعدٍّ على ملك الغير أو نحو ذلك، فإذا لم يدفن في هذا المكان لا ينقل إليه بعد الدفن، ولا إثم على الورثة في عدم الالتزام بهذه الوصية؛ لكن يستحب لهم الالتزام بها، وهذا هو المفتى به ..".

 

عمر عبد الرحمن

 

واتساقا مع قول الشاعر : بلادي وإن جارت عليَّ عزيزة ، فقد كانت الوصية الأخيرة للشيخ عمر عبد الرحمن قبل وفاته هي الدفن في مصر ، والتي أبلغها لأبنائه خلال اتصاله الأخير بهم . وهو ما أكده نجله محمد الذي أشار إلى أن الدفن في "الجمالية بالدقهلية" كانت الوصية الوحيدة لوالده الذي توفي في أحد سجون أمريكا، وجاء ذلك في مكالمة تلقتها الأسرة من الشيخ  منذ أسبوعين قال فيه والده: "ربنا يستر ويا تحقلونى يا متلحقونيش". وكان يشعر بدنو الأجل بعد أن داهمته الأمراض، ورفضت إدارة السجن نقله للعلاج في الخارج، مشيراً إلى أن نبرات صوت والده كانت متهدجة ومتقطعة ولم يكن يقوى على التقاط أنفاسه .

 

وأشار شقيقه إبراهيم : لم نرى والدنا منذ سجن قبل 23 عاما ، لافتاً إلى أنهم تقدموا بطلبات للسفارة الأمريكية في القاهرة للحصول على تأشيرات للسفر لرؤيته والاطمئنان على صحته، إلا أنها قوبلت بالرفض .

 

وتوفي الشيخ عمر عبد الرحمن عن عمر يناهز 79 عاما ، فيما كان يقضي فترة السجن مدى الحياة بتهم " التورط فى تفجير مركز التجارة العالمى فى نيويورك ، والتخطيط لشن اعتداءات أخرى بينها مهاجمة مقر الأمم المتحدة" .

 

وجاء طلب الشيخ عمر عبد الرحمن للدفن في مصر ، رغم المتاعب التي تعرض لها في بلاده ، وعلى رأسها السجن والوقف عن العمل ، والمنع من الخطابة ؛ حيث تم اعتقاله بسجن القلعة لثمانية أشهر حتى أفرج عنه في 10 يونيو 1971، وتم منعه من التعيين في جامعة الأزهر بسبب آرائه السياسية ، واعتقل في أكتوبر 1981 ، وبرأته المحكمة من قضيتين ، ليخرج في 1984 . وفي أمريكا كانت رحلة أخرى من الاعتقال ، حتى نوفي . وعقب وفاته لم يسلم من الظلم عن طريق الاتهامات التي وجهت له بالإرهاب ودعم العنف ، فيما تم تدشين هاشتاج لرفض دفنه في مصر .

 

أحمد زويل 

 

وقبل أن يرحل في 3 أغسطس 2016 ، عن عمر يناهز 7 عاما ، ظ  أوصى الدكتور أحمد زويل العالم المصري الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء ، بأن يدفن في مصر ، وبالفعل تم نقل جثمانه إلى مصر من أمريكا ، ودفن في مقابر الأسرة بمدينة 6 أكتوبر..

 

وأشار شريف فؤاد، المستشار الإعلامي للدكتور أحمد زويل إلى أن "زويل كان يتمنى أن يأتي مصر قبل وفاته؛ لاستكمال مشروع جامعته العلمية، وكان يحلم بأن يرى نهضة علمية بمصر".

 

وكان "زويل" يعالَج من مرض السرطان منذ سنوات، حيث كشف عام 2013 عن إصابته بورم سرطاني في النخاع الشوكي، وقال آنذاك إنه تخطى المرحلة الحرجة وإنه في المراحل النهائية من العلاج .

 

وكشف فؤاد أن أمنية "زويل" الوحيدة كانت أن يدفن في مصر، وبالفعل ، تم نقل جثمانه من لوس أنجلوس إلى المركز الإسلامي، ودفن ، بعد جنازة عسكرية ، في المقابر التي اشتراها قبل حوالي 6 أشهر من الوفاة .

 

الملك فاروق 

 

بعد أن أبعدته ثورة يوليو عن البلاد ، وغادرها على متن اليخت الملكي "المحروسة" ، متوجها إلى إيطاليا ، توفي الملك فاروق هناك ، في الواحدة والنصف صباحا من ليلة 18 مارس سنة 1965 ، وذلك بمستشفى سان كاميللو بروما بعد أن نقلته إليها سيارة الإسعاف إثر تناوله وجبة عشاء قيل إنها مسممة ، في مطعم "ايل دي فرانس» في روما .

 

وفي رواية أخرى ، فقد "قتل بسم الاكوانتين المدسوس فى كوب عصير الجوافة على يد جرسون كان يعمل بالمطعم اسمه إبراهيم البغدادي

ورفضت أسرة الملك السابق تشريح جثته مؤكدة أنه مات من التخمة .

 

كانت وصية الملك أن يدفن في مسجد الرفاعى إلى جوار أبيه وجده، إلا أن جمال عبد الناصر رفض هذا الطلب ، وحين توسط الملك فيصل وافق عبد الناصر على أن يدفن في مصر ولكن في مكان آخر ، وفى 31 مارس 1965 وصل الجثمان ليلا .. وتم دفن جثمانه فى مقبرة إبراهيم باشا بالإمام الشافعى فى تكتم شديد ، وبعد وفاة عبد الناصر سمح السادات بدفنه في مسجد الرفاعي حيث أوصى ، فنقل رفاته ليلًا تحت حراسة أمنية إلى المقبرة الملكية بالمسجد ، ودفن بجانب والده الملك فؤاد وجده الخديوي إسماعيل .