حكومة الانقلاب وأكاذيب تراجع معدلات البطالة.. خبراء: هذيان وصناعة للأرقام المزيفة

- ‎فيتقارير
Striking Palestinian workers sit on the road near the Israeli industrial zone at the Erez Crossing, northern Gaza Strip, Wednesday, April 14, 2004. The industrial zone workers are holding a three day strike to protest security delays by Israeli authorities. (AP Photo/Kevin Frayer)

أثار إعلان وزيرة التخطيط بحكومة الانقلاب هالة السعيد تراجع مستويات البطالة في مصر خلال الربع الأول من العام الجاري 2020م، كثيرا من الجدل والسخرية؛ إذا كيف تتراجع معدلات البطالة في مصر رغم تفشي وباء كورونا وانهيار قطاع السياحة وتعليق الطيران وغلق المحلات والمقاهي ودور السينما والمسرح وتعليق معظم النشاط الاقتصادي؟! وكيف تتراجع معدلات البطالة في مصر وترتفع في كل بلاد العالم بسبب تفشي الوباء؟!

وقالت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية أول من أمس 16 مايو 2020م: إن إعلان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن انخفاض معدل البطالة لـ7.7 بالمئة بالربع الأول من 2020، مقارنة بـ 8 بالمئة خلال نفس الربع من 2019؛ يأتى متسقا مع معدلات النمو المرتفعة التي حققتها مصر بالنصف الأول من العام المالي 19/2020 والتي بلغت 5.6 بالمئة! وأضافت أن القوى العاملة زادت بنسبة 0.2 بالمئة لتصل 29.008 مليون فرد، ارتفاعا من 28.95 مليون بالربع الأول من 2020، بينما سجل العاطلون 2.236 مليون فرد، بانخفاض قدره 31000 مقارنة بنفس الربع من 2019.

وطرح الخبير الاقتصادي ممدوح الولي، عدة تساؤلات قائلا: "كيف يتسق ذلك مع ما تم من إغلاق جزئي للمطاعم والمقاهي والكافتريات الكافيهات والكازينوهات والمولات التجارية ووحدات الطعام المتنقلة وغيرها. وتعليق حركة الطيران. ومنع الحفلات الفنية والاحتفالات الشعبية والموالد والمعارض والمهرجانات خلال تلك الفترة؟".

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=10160033300959196&id=682669195

أسباب الهذيان الحكومي

ويعزو بعض الخبراء والمتخصصين أسباب هذا الهذيان الحكومي إلى أن "طريقة حساب معدل البطالة يتم فيها احتساب كل من اشتغل ولو مدة يوم واحد خلال أخر ستة شهور عمل وبالتالي يستبعد من أرقام البطالة"، مشيرا إلى أنه "سبق للخبيرين الاقتصاديين الدكتور إبراهيم العيسوي، والدكتور أحمد النجار، توضيح مشاكل هذه الطريقة في الحساب غير الدقيق لمعدل البطالة".

السبب الثاني هو أن "أكثر من 45 بالمئة، من المشتغلين بأجر يعملون في القطاع غير الرسمي، وعددهم أكثر من 10 مليون شخص، وعندما خططت الحكومة للمساعدة أعلنت أن من تم تسجيلهم حوالي 1.5 مليون من العاملين بالقطاع غير الرسمي كمشتغلين بأجر". وبالتالي فإن الكم الأكبر من المشتغلين بالقطاع لا تشملهم إحصاءات البطالة المعلنة والتي تركز أكثر على الخريجين الجدد والداخلين الجدد لسوق العمل".

فن صناعة الأرقام المزيفة

وتحت وطأة الديون الباهظة وقرض صندوق النقد الدولي وضع نظام الدكتاتور السيسي أمام اختبار قاس وانتظر الشعب تحقيق طفره اقتصادية هائلة بناء على هذه القروض الهائلة التي بلغت أكثر من 4 تريليون جنيه خلال 6 سنوات فقط وهي أكثر من ضعفي جميع القروض التي اقترضها جميع حكام مصر منذ ستين سنة.  لجأ النظام إلى تزييف الأرقام حتى يجمل من صورته فبات الشعب لا يرى نموا إلا في الأرقام الحكومية وصحف العسكر ، ولا يرى إنجازات إلا في إعلام العسكر وتصريحات مسئوليه.

وأدمن النظام  أفعل التفضيل فهذا أكبر انخفاض لمعدل البطالة في التاريخ الحديث، وهذا أكبر تراجع لمعدل التضخم في عشر السنوات الأخيرة، وذلك معدل النمو الأعلى في الشرق الأوسط، هذا الاستخدام المفرط لأفعل التفضيل قلب سحر الإنجاز على الساحر الديكتاتور، حتى انتقل الغمز والتندر من الشعب المصري الى وسائل إعلام عالمية رصينة، لم تجد بدا من الاعتماد على خبراء محليين للتعرف عن فن جديد ابتكرته السلطة المصرية وهو فن صناعة الأرقام المزيفة.

وفي إطار حملة صناعة الوعي الزائف كان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء أصدر  بياناً صحفياً في منتصف أغسطس2019م  للكشف عن معدلات البطالة في مصر، والتي بشر بتراجعها بوتيرة متسارعة بدايةً من الربع الأول للعام قبل  الماضي، لتنخفض أكثر من 3.8% خلال 18 شهرًا من 11.3% في ديسمبر 2017، إلى 7.5% في يونيو ا2018.

وبحسب  الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد ذكرالله فإن العجيب في بيان الجهاز أنه حمل العديد من المفاجآت كان أولها إشارته الى انكماش قوة العمل " كافة الأفراد القادرين والراغبين في العمل مع دفعات الخريجين الجدد من الجامعات"، إلى 28 مليونا و60 ألف فرد في يونيو الماضي مقابل 29 مليونا و40 ألفا في يونيو 2018، و29 مليونا و180 ألف فرد في يونيو 2017، مما يعني تراجع قوة العمل بنحو  مليون و120 ألف عامل خلال عامين، وبنحو 980 ألف فرد خلال 12 شهرًا فقط. ولم يبرر السادة في الجهاز كيف لدولة مثل مصر يشكو  مسؤولها من التزايد السكاني ان تتراجع فيها قوة العمل، وهل المليون الذين خرجوا عبر هذا التزييف أصبحوا فجأة زاهدين ومترفعين وغير محتاجين للعمل.

المفاجأة الثانية كانت خروج  مليون و400 ألف سيدة من قوة العمل، مما يعني أنهن قررن بشكل جماعي التوقف عن العمل، وهو أمر غير معقول ولا توجد له مبررات حقيقية لا سيما في ظل موجة التضخم العارمة التي اصابت البلاد في اعقاب تطبيق برنامج الصندوق، ليصل عدد النساء فى سوق العمل نحو 3 ملايين و900 ألف عاملة بنهاية مارس الماضي مقابل 5 ملايين و20 ألفا بنهاية يونيو 2018.

المفاجأة الثالثة أنه رغم التراجعات الكبيرة والمتسارعة فى معدلات البطالة إلا أن الاقتصاد لم يضف سوى 280 ألف وظيفة فقط خلال العامين الماضيين، وبما أن أنه يدخل إلى سوق العمل سنويا أكثر من 800 ألف شخص سنويا، فان ارقام الجهاز تفترض أنه تم استيعابهم بالكامل إضافة الي توفير وظائف لرقم مماثل من العاطلين أيضا، وهو ما يعكس بشدة ليس فقط انعدام حرفية وكفاءة المزيف بل انعدام معقولية مجمل الأرقام التي توصل اليها بحث الجهاز.

ويبدو أن هذه الانتقادات دفعت الجهاز إلى إعلان ارتفاع معدلات البطالة إلى 9.2% في إبريل الماضي، وأظهر بيان للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الخميس الماضي زيادة عدد العاطلين عن العمل في مصر خلال شهر أبريل إلى 2.7 مليون شخص مقابل 2.2 مليون شخص في مارس 2020. مشيرا إلى أن معدل البطالة بلغ 7.7 بالمئة في الربع الأول من العام الحالي، انخفاضا من ثمانية بالمئة في الأشهر الثلاثة السابقة، ومن 8.1 بالمئة مقارنة مع نفس الفترة قبل عام.

خلاصة الأمر،  أن نظام العسكر لا يجيد سوى الهذيان وفن صناعة الأرقام المزيفة،  ويطيل الثرثرة على مشروعات قومية عملاقة وإنجازات ضخمة ثم ينظر الشعب يمينا وشمالا فلا يجد سوى معدلات الفقر المرتفعة والبطالة المتفشية والقهر والفساد الذي ملأ أركان البلاد.