خبراء: تدخُّل المنقلب في ليبيا أجندة إماراتية سعودية ضد مصالح مصر

- ‎فيتقارير

حذر خبراء استراتيجيون وسياسيون من توريط عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب الدموى للقوات المسلحة المصرية فى تدخل عسكرى فى ليبيا، مؤكدين أن نتائج هذا التدخل ستكون كارثية على مصر والاقتصاد المصرى.
وقال الخبراء إن نتائج الحروب التى خاضتها مصر طوال تاريخها لم تكن فى صالحها، مشيرين إلى أن تدخل جمال عبد الناصر فى اليمن فى فترة الستينيات تسبب فى كوارث كان أقلها هزيمة 5 يونيو 1967 أمام الجيش الصهيونى واحتلاله سيناء سنوات طويلة.
وانتقدوا تحذيرات السيسي في 16 يوليو الجارى بأن مصر سترد في حال ما هاجمت قوات حكومة الوفاق الليبية، مدينتي سرت والجفرة وزعمه خلال مؤتمر مشايخ وأعيان ليبيا أن الدولة المصرية لن تقف مكتوفة الأيدى حال تجاوز خط سرت–الجفرة، ولن تقبل بزعزعة أمن واستقرار المنطقة الشرقية في ليبيا، وادعاءه أنه إذا تدخل العسكر في ليبيا سيتغير المشهد العسكرى بشكل سريع وحاسم وفق تعبيره.
كان ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة قد انتقد تصريحات السيسي وقال فى تصريحات صحفية: من المهم ألا يقوم أي من الأطراف بأي شيء يجعل الموقف أسوأ مما هو عليه حاليا.
وأكد دوجاريك أن آخر ما تحتاجه ليبيا هو المزيد من القتال والوجود العسكري الأجنبي، وأعرب عن قلق الأمم المتحدة إزاء استمرار التحركات العسكرية في وسط ليبيا، لا سيما نقل الأسلحة من الخارج واستمرار تجنيد المرتزقة.

إعلان حرب
من جانبه وجّه طاهر السني مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة انتقادات لتدخلات مصر والإمارات في شئون بلاده.
وقال السنى في كلمته مساء أمس الثلاثاء أمام جلسة لجنة العقوبات بمجلس الأمن في نيويورك، إن الدول التي وردت أسماؤها في تقارير اللجنة الخاصة بانتهاك حظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا مشاركة في هذه الجلسة، معتبرا ذلك فرصة لكشف الدول التي تورطت فيما العدوان على ليبيا وخرق القرارات الأممية. كما انتقد تدخلات نظام السيسي واتهمه بممارسة التحريض العلني بتفويضات مزيفة للتدخل في الشأن الليبي.
وتساءل السني مستنكرا: كيف ما زلنا نسمع إلى الآن تصريحات تساوي بين الحكومة الليبية الشرعية، والخارجين عن القانون والشرعية المسئولين عن عدوان إبريل2019 (في إشارة لعدوان مليشيات حفتر على طرابلس؟. وتابع: كيف تتم مساءلة دولة ذات سيادة عن الاتفاقيات التي وقعتها مع آخرين (في إشارة إلى تركيا) للدفاع عن شعبها وأرضها ضد المعتدين ومن يدعمهم، وهو حقها المشروع حسب ما جاء في ميثاق الأمم المتحدة؟.

وأوضح السني أن مجلس الأمن دعا الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى مساعدة الحكومة الليبية في بسط سيادتها على كامل أراضي البلاد، وعدم التعامل مع أي أجسام موازية تدعي الشرعية. وأضاف: لكن كم دولة معنا اليوم (في إشارة لممثلي الدول المتورطة في دعم العدوان على طرابلس) تتعامل علنا مع المؤسسات الموازية ودعمت بالسلاح والمال المعتدين والمرتزقة لقتل الليبيين؟

مؤكدا أن نظام السيسي دعا مجموعة من الليبيين الى مصر ومارس التحريض العلني بتفويضات مزيفة للتدخل في ليبيا، والتهديد بتسليح قبائلنا وتجنيدهم والمساهمة في قتل الليبيين.
واعتبر السنى هذا التحريض بمثابة إعلان حرب وتهديد للأمن والسلم الدولي وخرق مباشر لقرارات مجلس الأمن؟ ودعا لاحترام سيادة ليبيا، ووحدة أراضيها واحترام إرادة شعبها في اختيار مصيره الذي يرتضيه وفقا لإرادته الحرة.

كارثة
وحذر الخبير الدولى مايكل روبين من أن عواقب التدخل العسكرى من جانب السيسي فى ليبيا قد تكون كارثية بالنسبة لمصر، مؤكدا أن تدخل السيسي قد يزعزع الوضع المتقلب بالفعل، خاصة في ضوء السجل "غير الجيد" للتدخلات المصرية العسكرية في الخارج.
وقال روبين فى مقال منشور على موقع "ناشيونال إنترست" الأمريكي إن تدخل مصر في اليمن كان "كارثة"، كما أن "سجلها في الحروب العربية-الإسرائيلية أبعد ما يكون لتتفاخر به،لرغم ما يقوله نظام العسكر في متاحفه العسكرية.
وأكد أن نظام السيسي فشل فى القضاء على التمرد في شبه جزيرة سيناء، موضحا أنه لذلك، ليس هناك ما يضمن أن السيسي سسكون قادرا على تحقيق أهدافه بسرعة وبتكلفة يتحملها الاقتصاد المصري المتدهور.
وأشار روبين الى أنه رغم محاولة الولايات المتحدة والمجتمع الدولي حاليا لإثناء السيسي عن التدخل عسكريا في ليبيا، إلا إن الوقت قد مضى، خاصة بعد التدخل التركي في ليبيا الذي بدأ منذ عام 2018. وكشف أنه خلال إدارتي أوباما وترامب، كانت الشكوى الأمريكية الرئيسية فيما يخص مكافحة الإرهاب، هي أن مصر لم تستغل ثقلها الإقليمي ونشرت قواتها خارج حدودها للمساعدة في مكافحة الإرهاب، مشيرا الى أن الإدارتين تفهمتا تردد نظام الانقلاب فى إقحام نفسه في اليمن، إلا أن ترامب وأوباما قد استاءا من إحجام السيسي عن مساعدة التحالف الدولي لمحاربة داعش في سوريا بشكل مباشر.

القضية الأخطر
ووصف الخبير الأمني اللواء حمدي شعراوي، القضية الليبية بالأخطر في المنطقة، محذرا من أن التدخل المصري لن يكون قليل الخسائر نظرا لترامي أطراف الدولة الليبية واستبعد شعراوى فى تصريحات صحفية تدخل القوات المصرية في الدولة الليبية على الإطلاق إلا حال وجود تهديد للأمن القومي المصري.
وتساءل: ”الدولة الليبية غير متواجدة الآن فكيف تتدخل مصر وتتورط في صراع غير معروف الأهداف؟“.

عواقب وخيمة
وقال الكاتب الفلسطينى بكر السباتين إن التصعيد نحو مواجهة عسكرية بين مصر وتركيا في ليبيا عواقبه وخيمة، ويصيب العقول بالعمى.
وحذر السباتين فى تصريحات صحفية من وقوع مصر في الفخ المنصوب لها وأن تتصرف وفق المعطيات والمصالح المصرية الداخلية والتعامل بحذر مع كل الملفات التي تتعلق بأمنها القومي بدءاً من ملف سد النهضة وسيناء وصولاً إلى الملف الليبي، دون الانجرار إلى حرب مفتوحة مع تركيا سيذهب حصادها إلى الحلفاء غير المؤتمنين على مصالحها والذين يدفعونها للقيام بحرب ضروس بالوكالة عنهم.
وأضاف: النتيجة ستكون وخيمة على طرفي المواجهة.. خاصة مصر التي ستغرق في المستنقع الليبي من خلال حرب استنزاف خاصة في الغرب الليبي. وطالب السباتين بتكوين أجندة مصرية خاصة تتضمن حواراً مفتوحاً مع خصومها في ليبيا بعيداً عن الأجندة الإماراتية والسعودية في مواجهة الأحداث، داعيا نظام السيسي إلى عدم الاستجابة للتحريضات الخارجية الساعية لدفع مصر إلى الهاوية.