خبير بترولي: تخفيض دعم الطاقة يمص قوت الغلابة

- ‎فيأخبار

ولا مساس بمصانع رجال أعمال لا تدفع الضرائب

ريهام رفعت

أوضح المهندس عادل رزق –الخبير البترولي وأمين عام نقابة المهندسين سابقا- فيما يخص موازنة الدولة الجديدة للعام المالي الجديد الذي يبدأ في 1 يوليو 2014 وينتهي في 30 يونيو 2015 أنه تم تخفيض قيمة الدعم للطاقة فيها لتخفيض العجز في الميزانية، حيث تم تخفيض دعم الطاقة بحوالي 4,2 مليار دولار بما يعادل 30 مليار جنيه مصري، وقد كان الدعم المخصص للطاقة في ميزانية الدولة حوالي 135 مليار جنيه، وتخفيض دعمها بهذه القيمة يعني أن الدعم المخصص للطاقة انخفض إلى 105 مليار جنيه أي تم تخفيضه بنسبة 25% من مخصصات دعم الطاقة.

 

وأضاف في تصريح خاص لـ"الحرية والعدالة" ويترتب على ذلك ارتفاع أسعار كل المحروقات البنزين والسولار والديزل وأنبوبة البوتاجاز بنسبة ستكون في المتوسط بنسبة 25% وهذه النسبة المفترضة للزيادة، أما الواقع وفقا لتحركات الأسعار بالسوق في ظل غياب آليات ضبط ورقابة ستكون الزيادة في أسعار المحروقات وجميع الأسعار لجميع السلع أكبر من 25%، فكل سلعة يستخدم فيها وسيلة نقل ستزيد وكل المواصلات ستزيد بنسب مرتفعة سيتحكم فيها التجار، محذرا من أن كل تاجر أو سائق سيرفع السعر ليس فقط بمقدار الزيادة التي يعلمها ويتحملها بل بأكثر منها ليجني ربحا ما.. مستغلا الأوضاع.

 

وتظل نسبة الزيادة 25% بذاتها غير محتملة، مشيرا إلى أن رفع أسعار الطاقة نتيجة تقليص الدعم سيؤدي لارتفاع الأسعار سيشمل كل السلع الخبز والخضراوات والفواكه وكل شيء لأن الطاقة سلعة استراتيجية مؤثرة في كافة عناصر الحياة اليومية ولكل ما هو منقول، بمعدلات أكبر من معدل الزيادة الأصلي للسعر في ظل حالة من السيولة بلا ضوابط أو رقابة.

 

وحذر "رزق" من أن حكومة الانقلاب تتجه لتطبيق "زيرو دعم للطاقة" أي صفر للدعم خلال أربع سنوات كما أعلنت أي أنها تستهدف إلغاءه تماما تدريجيا، وستقل سنويا بمعدل 25% ثم نفاجأ بعد أربع سنوات أن سعر لتر البنزين يباع بالسعر العالمي أو أكثر، في حين تظل منظومة المرتبات كما هي، وحتى لو تم تطبيق الحد الأدنى للأجور بـ1200 جنيه فإنه لن يستطيع مواجهة الارتفاع المرتقب بالأسعار، ولا بد من حد أدنى للدخل متحرك وفقا للأسعار ومع الوقت قد يحتاج 5000 جنيه دخل بحسب معدلات التضخم والأسعار.

 

تهرب ضريبي لرجال أعمال

وأشار "رزق" إلى أن حكومة محلب تستهدف توفير قيمة دعم الطاقة على حساب الفقراء ومحدودي الدخل، فيما لو طبقت الضرائب على رجال الأعمال ستحصل ما قيمته أعلى بكثير، فمثلا "ساويرس" عليه ضرائب قيمتها 14 مليار جنيه من شخص واحد، فهؤلاء أكلة الوطن ومصاصو دماء الشعب، وكان الرئيس مرسي يحصلها منهم ولكن بعد الانقلاب تم إلغاء القضية، فبمنتهى الاستخفاف يتم رفع سعر الغاز رغم أن البيوت وسيارات الغاز تستهلك فقط 3% من الاستهلاك اليومي للغاز، فيما يباع الغاز والطاقة بسعر مدعم للمصانع وأصحابها من رجال الأعمال لا يريدون دفع ضرائب ويبيعون بسعر السوق، وتبيع المصانع منتجاتها من الحديد والصلب والأسمنت والسيراميك تكسب بنسبة 100 إلى 200% وبسلع أخرى مكاسب تصل لـ1000% أي مكاسب فاحشة، فيما يقلص الدعم من قوت بائعة الجرجير.

 

فيما يجب أن يؤدي كل ما عليه من حقوق للدولة، فالدولة تحصل الضرائب لتسد نفقاتها، ثم تستثني رجال أعمال من دفعها وهي بالمليارات الكفيلة في إفاقة الوطن وإنعاشه.

 

ودلل "رزق" بأنه على سبيل المثال لو أن رفع الدعم بجل أسعار المحروقات أغلى من ثمنها بجنيه لسعر اللتر فإن البائع والسائق لن يغلي على المستهلك بسعر جنيه بل أكثر، وسائق التاكسي سيجعل تكلفة المشوار بدلا من 10 جنيهات سيجعلها 15 جنيها وأكثر والتاكسي ضروري وليس رفاهية، أي أن تقليص دعم الطاقة يمس كل طرف في المجتمع، وكل ارتفاع سيتحمله ويتضرر منه بالأساس المستهلك العادي والمواطن البسيط.

 

وتابع: فتخفيض قيمة الدعم للطاقة لن تستهدف شريحة بعينها من أصحاب المصانع وسيارات المرسيدس ومن له قدرة مالية من غير المستحقين بل تستهدف الغني والفقير، وعامة الناس من الموظفين ومحدودي الدخل والفقراء والعمال وهؤلاء هم الأكثر تضررا حيث سترتفع أي سلعة يشتريها، وتاجر التجزئة وسائق الميكروباس سيرفع السعر بما يعوضه –وليس بنسبة الزيادة الأصلية- حتى يواجه هو نفسه ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة لكل السلع كأننا في دائرة متصلة.

 

ونبه "الخبير البترولي" إلى أن ارتفاع الأسعار نتيجة تخفيض الدعم لن يتحمله الموظفين ولا حتى من يملك سيارة منهم، ولا العمال فما بالنا بالفقراء.

 

ركود

وحذر من أن زيادة الأسعار وجشع التجار والسائقين سيسبب المزيد من الركود في السوق، وستقل القوة الشرائية وستقل حركة التنمية، فحكومة محلب هدفها تقلل ميزان المدفوعات فتفكر بطريقة سهلة باستغلال أجواء سياسية يسودها منطق القوة والبلطجة على الناس في الشارع فتستغل هذا الوضع لفرض خفض الدعم، بالرغم من أنها بنفسها اعترفت أن مصر فيها 40% تحت خط الفقر، وبعد تقليص الدعم ستزيد هذه النسبة لتصبح 50% تحت خط الفقر، وتزيد شريحة غير القادرين، والناس لا تحتمل أي أعباء إضافية.

 

وكشف "رزق" أنه سيتضرر من ارتفاع الأسعار محدودو الدخل، حيث ترتفع أسعار اللحوم لو أن كيلو بـ60 جنيها سيصبح بـ70 جنيها فأكثر، وبائع الجرجير سيبيع الحزمة بـ50 قرش بدلا من ربع جنيه وإن كان ثمنها بعد الزيادة 35 قرشا.

 

ونبه "رزق" إلى أن مواد الطاقة سلع استراتيجية مثلها مثل سلعة الأسمنت فارتفاعها سيؤدي لرفع سعر متر المباني والشقق، مشددا على أن مرتبات الموظفين لا تكفيهم في الأحوال العادية ومنهم من يعمل عملا إضافيا وبعضهم يفتح الأدراج.. فما بالنا بحالهم بعد ارتفاع الأسعار المرتقب.

فكل طرف سيحملها على المستهلك الذي يليه، مما يتسبب في إرهاق شديد للناس حتى الموظفين، خاصة مع ما تم في الموازنة من تخفيض لدعم الصحة والإسكان الاجتماعي، لافتا إلى أن إجراءات تقليص الدعم تستوجب حزمة إجراءات مسبقة بحيث تتوازى مع رفع المرتبات على مستوى الدولة كلها ولكن هذا لم يحدث، وإصرار على تطبيق منظومة غذاء غير كافية ترفع الدعم عن الخبز وسعره سيرتفع أيضا، نتيجة ارتفاع سعر نقل شوال الدقيق وسيتحمله الزبون.

 

وحذر "رزق" من تأثير تخفيض دعم الطاقة على تكلفة الخدمات الصحية بالمستشفيات أيضا وسعر السرير ووجبة الطعام وغيرها.

وفيما يخص عمال اليومية والباعة البسطاء من عمال النجارة والسباكة والخضار لفت "رزق" إلى أنهم لمواجهة زيادة الأسعار لرفع تكلفة ما يقدمونه من خدمات على الزبون وعلى المقاول والضحية المستهلك، وكل شخص سيكون مستهلك ومقدم خدمة بنفس الوقت.