خلايا “حفتر” النائمة خسرت حرب طرابلس.. رغم دعم السيسي.. هنا التفاصيل؟

- ‎فيعربي ودولي

كشف سياسيون ليبيون عن تحول كبير في الحرب التي شنها الانقلابي خليفه حفتر علي طرابلس مستندا إلى “خلايا نائمة” من بعض العسكريين والقبائل الليبية علي تخوم طرابلس، دعمتها الإمارات، مؤكدة أن قوات حفتر وخلاياه النائمة تواجه هزيمة ثقيلة وأن قوات طرابلس انتهت من مرحلة الدفاع وانتقلت إلى الهجوم.

وأن هذا سبب مسارعة حفتر لطلب دعم قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي والإمارات وقوى دولية تدعمه، وأنه عقب زيارة حفتر وانتقال السيسي إلى قاعدة محمد نجايب على حدود ليبيا فيما يسمى “تفتيش حرب” بدأت طائرات مصرية وإماراتية تضرب طرابلس لوقف هزائم قوات حفتر ودعمها.

واعترف أحمد المسماري، الناطق باسم قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الخميس، بمشاركة ما أسماها “طائرات صديقة” – في إشارة لمصر والإمارات – في ضرب أهداف لحكومة الوفاق الوطني في منطقة السواني والعزيزية والسواني جنوب غرب طرابلس بعدما تقدمت وبدأت هجومها المضاد على قوات حفتر المهزوم.

وقال المتحدث باسم الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق الوطني محمد قنونو: إن قوات الجيش الليبي التحمت مع بعضها في المنطقة الممتدة من منطقة السواني إلى العزيزية، وكبدت ميليشيات قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر خسائر فادحة.

وأوضح قنونو أن قوات الجيش الليبي في منطقة سبها العسكرية في عملياتها الميدانية، ضد الميليشيات الخارجة عن الشرعية، تمكنت من تنفيذ أولى مهامها في مطار تمنهت، وهو مطار تتجمع فيه قوات حفتر ويتبادل الطرفان الإعلان عن السيطرة عليه.

وأضاف المتحدث باسم الجيش الليبي أن سلاح الجو الليبي نفذ ضربات جوية دقيقة، كان أهمها استهداف بعض منصات الصواريخ ومركبات عسكرية في ضواحي طرابلس، كانت تنطلق منها القذائف العشوائية، باتجاه الأحياء السكنية في العاصمة.

وأكد قنونو تواصل قوات الجيش الليبي في محوري عين زارة ووادي الربيع، إضافة إلى تأمينها للممرات وفتح طرق ومسالك، لإنقاذ العائلات العالقة في مناطق الاشتباك.

قصة الخيانة والخلايا النائمة

يقول سياسي ليبي متابع لخيانة الخلايا النائمة (مفسرًا كيف نجحت قوات حفتر في الوصول سريعا إلى طرابلس) إنه كان لحفتر اختراقات كبيرة في المنطقة الغربية لمكونات اجتماعية ومسئولين كبار في الدولة وتشكيلات مسلحة وضباط جيش سابقين وخلايا مدنية نائمة.

وكان الهدف هو أن تهب جميع هذه الخلايا النائمة لنصرته عند اقترابه من طرابلس عسكريا فيدخل طرابلس بسلم لا بحرب، لذلك أعلن بثقة أنه سيدخل طرابلس في 48 ساعة وأشاع هو وإعلام الانقلابيين الداعمين له في مصر والإمارات أنه يحارب إرهابيين وميليشيات في طرابلس لا جيش وقوات ثوار ليبيا الذين هزموا القذافي.

وكمثال على لجوء حفتر إلى الخلايا النائمة، سقوط مطار طرابلس الدولي، بسرعة في يد قوات حفتر، ما دفع قائد الأركان السابق يوسف المنقوش، في تصريح صحفي، بالقول إن “القوة التي تحركت إلى مطار طرابلس الدولي، قوة محلية من المنطقة الغربية، وأشار إلى منطقة السواني القريبة من المطار.

ورغم طرد هذه القوة من المطار القديم، إلا أنها سيطرت على منطقة السواني، التي تبعد عن وسط طرابلس، نحو 30 كلم، وتمكنت قوات قادمة، على الأغلب، من مدينة الزهراء، بمنطقة ورشفانة، من الالتحام بالقوة المحلية في السواني، حيث تجري حاليا معارك شرسة وينهزم حفتر.

أيضا نجح حفتر في نيل رضاء داعميه الإقليميين والدوليين بعدما اقتنعوا بعد التأكد من مدى انبثاثه وكثرة أتباعه، أنه قادر علي حسم الأمر، فوافقوا على الهجوم ودعموه، والآن بعدما تبين لهم هزيمته يسارعون لإعلان أنهم لم يوافقوا على الهجوم على طرابلس!

وعندما حاصر “حفتر” طرابلس وأعلن غزوها المفاجئ تكاتفت التكوينات العسكرية للثورة ودعمتها حكومة الوفاق واجتمعت بأسرع من تجمع أعوان حفتر بشكل لم يكن متوقعا، وحدث توحد للثوار والميليشيات التي كانت متفرقة، مما ألهب الأجواء العامة ضد حفتر فخنس اتباعه وخافوا من قوة وحماسة الهبة الشعبية في طرابلس وما حولها.

وقد بدأت الاجهزة الأمنية في طرابلس تقبض على المندسين منهم في طرابلس، وتصاعد القتال في محاور القتال ونزلت كتائب مصراته القوية (التي لعبت الدور الأكبر في الانتصار علي القذافي) بثقلها داعمة لأغلب المحاور.

وهكذا أصبح القتال على الأرض يشهد تراجعا يوما بعد يوم وبطئًا في هجوم قوات حفتر وبالمقابل هجوم لصالح كتائب حكومة الوفاق وقد سجلت تقدما ملحوظا.

ومع تراجع قوات حفتر من مواقعهم في أغلب المحاور أخذت هذه القوات منذ يومين تدك مدينة طرابلس بصواريخ الجراد ومدافع الهاوزر بشكل عشوائي مما خلف عشرات القتلى والمصابين، وهو تعبير عن فشلها عسكريا.

والآن بات واضحا أن استمرار الحرب ليس في صالح حفتر عسكريا، لذا من المتوقع أن تتم الاستجابة من مجلس الأمن لطلب المبعوث الأممي بإصدار قرار وقف إطلاق النار الذي هو ليس في صالح تشكيلات حكومة الوفاق؛ لأن ذلك يعني بقاء حفتر في مواقعه الحالية التي هي على تخوم العاصمة.

وفي نفس الوقت سيضع قوات الوفاق في مأزق دولي، إذ إنها إذا ما استمرت في القتال فسينظر إليها على أنها مخالفة لقرارات مجلس الأمن، وهذا لا يعد في صالح حفتر الذي لا يزال العالم ينظر إليه على أنه هو المعتدي حتى الآن.

وليس من المتوقع أن يكون هناك تدخل عسكري خارجي مباشر بطيران أو بغيره كما كان يتلقى حفتر في السابق وذلك لعدة أسباب أهمها:

1- التصريح الأمريكي بعدم موافقتهم على هجوم حفتر وضرورة إيقافه وتراجع المعتدي إلى أماكنه السابقة.

2- لأن أنظار كل العالم متجهة إلى ليبيا وقد ظهر حفتر كمعتدي، وليس من السهل مع هذه التعبئة العالمية تجاوز ذلك.

3- حجة حفتر في أنه يواجه الارهاب ليست مقبولة عالميا وأمميا لمعرفتهم ببطلان ذلك وخاصة مع دعم حكومة الوفاق المعترف بها دوليا للقوى التي يواجهها حفتر، وهم ثوار ليبيا.

4- ستضطر الاطراف الدولية لمراعاة التوازنات السياسية بين الدول المساندة لكلا الطرفين، فقد هددت إيطاليا بأنها لن تسكت عن أي تدخل فرنسي في ليبيا مثلا، وتركيا ليس من المتوقع أن تسكت عن أي تدخل إماراتي أو مصري.

وإذا ما حصل أي تدخل مباشر من أي دولة خارج ليبيا، فسيستجلب ذلك تدخلا مباشرا من الطرف النقيض بكل تأكيد مما سيجعل الحرب معقدة وأكبر من الليبيين ولا يعرف مداها حينها الا الله.

ومع ذلك من المتوقع إدخال أسلحة نوعية ودعم لوجستي – كما تفعل مصر والإمارات وفرنسا الآن مع حفتر – لكلا الطرفين مما سيعقد الحرب ويطيل أمدها.

توقعات سير المعارك

المفاجآت واردة في كلا الجانبين، ومنها احتمال توالي الانهيارات في قوات حفتر وخاصة إذا انسحبت قوات مدينة ترهونة القوية التي تجري الآن مباحثات معها للتراجع (اللواء السابع الذي سبق أن هاجم طرابلس في أكتوبر 2018 وانهزم ثم انسحب بعد مفاوضات).

ومنها احتمال اختراق قوات حفتر لأحد المحاور الضعيفة مثل محور عين زارة مما قد يهيج الخلايا النائمة داخل مدينة طرابلس لتحدث حراكا مدنيا قد يقلب كل الموازين، وهو ما يعول عليه حفتر ويسعي له.

ويبدو أن السياسيين الليبيين في حالة ذهول كامل والعقل السياسي مجمد من جراء ارتفاع أصوات المدافع وليس هناك أفكار خارج نطاق الحرب حتى الآن، والتفكير في مرحلة ما بعد الحرب يعتمد كثيرا على مؤشرات نتيجة الحرب، الأمر الذي ليس واضحا على الإطلاق.

ايضا الدور الأممي لا زال يميل بشكل واضح لدعم حفتر من خلال تعامله مع الطرفين واظهاره السواسية بينهما، فالمعتدي غير الشرعي عنده مثل المدافع الشرعي وهذا كله في إطار إعطاء الفرصة لحفتر لكي ينتهي من مهمته.

ولكن مع تراجع قوات حفتر ومع تصاعد الرأي العام ضد حفتر بسبب قصفه العشوائي بدأ الرأي العام يتجه إلى اتهام الممثل الأممي بأنه منحاز وليس محايدا مما بدأ يشكل ضغطا شعبيا عليه.

أي أن المشهد باختصار لا يزال غائما من الناحية العسكرية والسياسية على السواء برغم تراجع قوات حفتر البطيء، وليس من السهل التنبؤ بسيناريو واحد راجح خلال الفترة القادمة.

ولا بد أن يعود القرار السياسي بيد كتائب الثوار على الأرض، وإلا فإن نتائج المعركة الحالية ستكون في صالح حفتر، فالواجهة السياسية التي جاء بها اتفاق الصخيرات هي خليط من شخصيات موالية لنظام القذافي وحفتر وشخصيات ضعيفة رهينة لبعثة الأمم المتحدة والسفارات الغربية.

السيسي يتحرك

وبعد يومين على استقباله اللواء المتقاعد المنشق، خليفة حفتر، زار عبد الفتاح السيسي، قاعدة محمد نجيب العسكرية على الحدود الغربية مع ليبيا في إشارة لدعم حفتر أو التلويح بأنه سيدعمه عسكريا للتأثير على معنويات قوات طرابلس، أعلن المتحدث باسم قوت حفتر أن طائرات “دول صديقة” دعمت قوات حفتر وضربت طرابلس.

وقد أجابت صحيفة الأهرام المملوكة للدولة على سؤال طرحته عن دلالة حضور السيسي وقادة الدولة مراسم “تفتيش حرب” في قاعدة محمد نجيب العسكرية، ودلالة الزمان والمكان.

ونقلت الصحفية عبر موقعها الإلكتروني، عن اللواء المتقاعد، محمود خلف مستشار أكاديمية ناصر العسكرية وقائد الحرس الجمهوري الأسبق، قوله إن “تفتيش الحرب هو من الآليات العسكرية للتأكد من معايير الكفاءة القتالية التي تمكنها من أداء مهامها في حالة الحرب، وتتم في كافة الوحدات العسكرية”.

وقال الخبير العسكري المصري إن لحضور السيسي وقادة الدولة يحمل رسائل عدة وموجهة للداخل والخارج.

وكان لافتا قول أحمد الليثي منتج أخبار قناة سكاي نيوز الإماراتية في خبر نقله علي حابه علي تويتر أن “مطار القاهرة يستقبل مصابين من جيش حفتر في معركة طرابلس”، ما يطرح تساؤلات حول دور السيسي في دعم قوات حفتر.

أيضا قال رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي إن “الإمارات، وتحديدًا أبوظبي، تسعى فسادًا في كل الدول العربية لتخريب أية ديمقراطية، وهي تدعم الاقتتال عبر دعم حفتر”، قائلاً: “نحن غير راضين على المواقف الدولية. فهل هي تريد فعلاً تشجيع حكم العسكر؟ وإن كان هذا صحيحًا فسيجعلنا نراجع موقفنا”، مؤكدًا أن “تقارير الأمم المتحدة تبين ذلك”.

وقال إن “الرسالة الموجهة للداخل هي رسالة اطمئنان بجاهزية الجيش للدفاع عن الوطن ودحر الإرهاب وردع كل من تسول له نفسه المساس بأمن مصر”.

أما الرسائل الموجهة للخارج فهي وفق الخبير العسكري متصلة “بالموقف الملتهب بالمنطقة على الحدود الغربية والجنوبية، والشرقية.