دراسة تتهم السيسي بتمرير صفقة القرن لإرضاء الصهاينة وبقائه في السلطة

- ‎فيتقارير

اتهمت دراسة سياسية نظام الانقلاب بقيادة عبد الفتاح السيسي بالعمل على تمرير صفقة القرن في مجاملة فجة للاحتلال الصهيوني، مشيرة إلى أن السيسي ما زال يلهث حول النظام الدولي والصهاينة للحصول على شرعية لانقلابه الدموي.

وقالت الدراسة التي أعدها الدكتور إبراهيم حمامي بعنوان "صفقة القرن.. الحلم القديم الجديد": إن إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترمب ما كان لها أن تتجرأ وتطرح مبادرات أو صفقات تنهي القضية الفلسطينية، وتتخذ خطوات كنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس واعتبار القدس عاصمة لـ"إسرائيل" لولا المشاركة العربية المباشرة في هذه الصفقة، والتي تصل لحد التواطؤ من جانب نظام السيسي إضافة إلى السعودية والإمارات.

وأشارت إلى أنه في بدايات القرن العشرين بدأ تيودور هيرتزل مؤسس الحركة الصهيونية تحركاته بحثًا عن أي مكان يبدأ فيه مشروعه الاحلالي العنصري، وكانت فلسطين في قلب مخططاته ولأن مشروعه مشروع احتلالي غير قائم على حدود بعينها، كان استيطان سيناء وتحديدًا شمالها في مركز مخططاته.

وذكر حمامي أن هرتزل التقى في لندن باللورد روتشيلد عام 1902 بهدف استيطان سيناء، واستمرت اتصالاته مع المسئولين البريطانيين ومنهم جوزيف تشمبرلين (وزير المستعمرات البريطاني) في رسالة موثقة أرسلها له بتاريخ 12/07/1902، وفي مذكرة لوزير الخارجية البريطانية في حينها الماركيز لانستون بتاريخ 24/10/1902 من أجل الحصول على امتياز باستيطان سيناء من الحكومة البريطانية.

بعثة فنية

وأشار إلى أنه لهذا الغرض تم إرسال بعثة فنية إلى مصر عام 1903 ومكثت في سيناء شهرا ثم أعدت تقريرها، لكن لأسباب اقتصادية وسياسية فشلت المساعي الصهيونية في إقامة مستعمرة بسيناء، رغم محاولات بعض رجال الجمعية الصهيونية، الذين وصلوا بالفعل إلى رفح واشتروا من أهلها بعض الأراضي بقصد تأسيس مستعمرة لهم هناك.

وأضاف حمامي: اليوم يتم الحديث والتمهيد الفعلي لما اصطلح على تسميته بـ"صفقة القرن"، وهو تكرار لمخططات قديمة جديدة لتغيير خارطة المنطقة برمتها جغرافيًا وسكانيًا وسياسيًا واقتصاديًا.

وأوضح أنه رغم محاولات البعض التشكيك بوجود "صفقة القرن" من الأساس، وأن الحديث هو اختراع فكري من أصحاب نظرية المؤامرة العرب، بل "خرافة" إلا أن الوقائع على الأرض تشير إلى أن هناك "طبخة" تطبخ تحت أي مسمى كان لافتا إلى أن أغلب ما تسرب عن "صفقة القرن" كان من مصادر صهيونية، إما في وسائل الإعلام أو تصريحات مسؤوليهم، لكن دون أن تطرح بشكل رسمي.

وتابع حمامي: الساسة العرب يتحدثون عن الصفقة بصيغة المبهم، تعليقًا أو رفضًا كل حسب مصالحه وظروفه مؤكدا ان صفقة القرن ليست إنهاء للقضية الفلسطينية فقط، وليست محصورة بالجانب السياسي للملف الفلسطيني – الإسرائيلي، بل تتعداه لجوانب أخرى ضمن تسوية شاملة للمنطقة وفرض حل/حلول ولو بالإكراه هو الهدف الأول والمباشر لتحقيق باقي الجوانب.

وأشار إلى أنه في هذا الشأن عرض كوشنر المكلف بالملف عدة أفكار جميعها تصل لنتيجة واحدة – لا دولة فلسطينية ذات سيادة – فكان الحديث عن كونفدرالية مع الأردن، دولة متدحرجة، دولة مؤقتة في غزة يلتحق بها ما يتبقى من الضفة الغربية، دولة بديلة، وغيرها من الحلول التلفيقية بجانب إنهاء ملف اللاجئين الفلسطينيين وإجهاض الربيع العربي نهائيا والتطبيع العلني الكامل مع دولة الاحتلال، وتنصيب "إسرائيل" زعيمة على المنطقة العربية بعد تقسيم دولها وتفتيتها لدول أصغر على أسس دينية أو عرقية أو طائفية أو قبلية أو مناطقية ودخول "إسرائيل" في حلف وشراكة مع باقي دول المنطقة خاصة مصر والامارات والسعودية لمواجهة القوى الإقليمية الأخرى في المنطقة وتحديدًا إيران وتركيا وإعادة تشكيل المنطقة بما يمنع أي ثورات على الحكام فيها، أو ضد "إسرائيل" وإعادة تأهيل الأنظمة السابقة – السيسي في مصر والأسد في سوريا كاستمرار لهيمنة العسكر هناك وتنصيب زعامات موالية في باقي الدول تسير في فلك التحالف العربي-الإسرائيلي الجديد.

نوبل السيسي

وحول أسباب دعم نظام العسكر لمشروع صفقة القرن أوضحت الدراسة أنه في مقابل موافقتها على أن تعطي للفلسطينيين – وليس للإسرائيليين – مساحة تساوي 720 كم2 من أراضيها ، فإن نظام العسكر سيجني عدة فوائد:

أرض مقابل أرض؛ حيث ستأخذ مصر من إسرائيل مساحة في جنوب غرب النقب حدها الأقصى 720 كم2، ولكن هناك مزايا إضافية يمكن أن تفاوض من أجلها.

إسرائيل ستسمح بشق نفق يصل مصر بالأردن. والنفق المقترح طوله 10 كم من الشرق إلى الغرب (وسيكون موقعه شمال إيلات بحوالي 5 كم) وسيكون هذا النفق تحت السيادة المصرية الكاملة، وستكون الحركة فيه بين مصر والأردن وبين مصر وكل من السعودية والعراق دون تصريح من إسرائيل.

إنشاء خط للسكة الحديدية وطريق بري دولي وأنبوب لنقل النفط (وسيكون كل ذلك على الجانب المصري من خط الحدود الجديد بين مصر وإسرائيل). وستمر هذه الوسائل الثلاث للنقل خلال النفق إلى الأردن حيث تتفرع بعدها إلى العراق وإلى العربية السعودية ودول الخليج في الجنوب.

وأوضح حمامي أن اتفاقية السلام المصرية – الإسرائيلية أفادت مصر إلا أنها اضطرتها إلى قبول قيود على نشر قواتها العسكرية في سيناء. وكجزء من تعويض مصر عن هذا فإن إسرائيل ستوافق على بعض التعديلات في ملحق الاتفاقية. وهذا الأمر الحيوي قد يستغله السيسي في تحسين صورته ويزعم أمام الشعب أنه استطاع زيادة عدد القوات المصرية مقابل تنازلها عن 1% من مساحة سيناء، مما سيمكن مصر من ممارسة سيادتها على الـ99% الباقية من سيناء.

جسر الملك سلمان

وأشار إلى أن الاتفاق الجديد سيضع نهاية للصراع الذي دام مائة عام بين إسرائيل والعرب. ولن يكون هناك شك في أن هذه الاتفاقية تم الوصول إليها أولا وقبل كل شيء بمجاملات السيسي وخدماته للصهاينة، وسيكون الطريق ممهدا للدفع بحصول السيسي على جائزة نوبل للسلام في مؤتمر دولي يعقد في القاهرة.

واعتبرت الدراسة إن التمويل السعودي في جنوب سيناء لا يقل خطورة من دوره في الشمال، ورغم مشروع النفق الإسرائيلي المطروح فإن السعوديين يطرحون فكرة بناء جسر الملك سلمان؛ مما يثير الكثير من التساؤلات؛ فهل طرح موضوع الجسر بديلا للنفق الإسرائيلي لرغبة السعوديين في استبعاد الأردن كممر للوصول إلى سيناء ويطمعون في الاستحواذ على الطريق للبحر المتوسط وحدهم؟ لكن هذا السيناريو يواجه التضاريس التي تعوق شق الطريق الثلاثي (أنبوب النفط، السكك الحديدية، الطريق البري) من شرم الشيخ حتى الميناء شمالا حيث سلسلة الجبال، كما أن الجسر المعلق لا يتحمل النقل الثقيل الذي يتحدثون عنه.

وتوقعت أن يكون هناك تعديل على الخطة بالجمع بين المشروعين؛ بأن يكون النفق مخصص لنقل المعادن والمواد الخام والبترول والنقل البري والسكة الحديد، وأن يكون الجسر لخدمة السياح الأجانب في "نيوم" من أجل الترفيه والانتقال إلى جنوب سيناء بحرية. مشيرة إلى أن مشروع الجسر بالشروط الجديدة يحظى بدعم إسرائيلي لأنه ينهي الوجود المصري في هذه المنطقة الاستراتيجية.

وأكد حمامي أن منح السعودية مساحة ألف كيلو متر مربع في جنوب سيناء وضم الضفة الغربية لمضيق تيران ليس له تفسير غير السعي لطرد مصر من مدخل خليج العقبة ومضيق تيران، وعدم الاكتفاء بانتزاع جزيرتي تيران وصنافير، وهو ما يحقق التأمين التام للملاحة الإسرائيلية في خليج العقبة ويبعد التهديد المصري تماما عن المجرى الملاحي.

ولفتت الدراسة الى نتيجة أخرى لسيطرة السعودية على الشريط الساحلي لضفتي خليج العقبة وهي ربط المثلث الجنوبي الواقع تحت خط العرض 29 الذي يسيطر عليه دير سانت كاترين عن مصر بمشروع “نيوم”، وهذا بداية الفصل لهذه المنطقة وتنفيذ الأطماع الدولية في تقسيم سيناء بأن يكون شمال سيناء لـ”إسرائيل الكبرى” والجنوب لليونان وروسيا لتكون فاتيكان للروم الأرثوذكس.

خسائر مصر

وقال حمامي إن هذا العرض الإسرائيلي في ظاهره يحقق مكاسب اقتصادية لمصر من خلال فرض رسوم على نقل البترول والمعادن إلى الغرب من النفق، وتحصيل رسوم على البضائع القادمة من أوربا لدول الخليج، لكن في باطن الصفقة خسائر لا تقدر بمال وكوارث استراتيجية لا نهاية لها، موضحا أن من أهم الخسائر ما يلي:

بوابة سيناء

وأوضحت الدراسة أن سيناء هي أكثر منطقة في العالم مرت بها جيوش، وعلى أرضها سالت دماء، في حروب يصعب عدها منذ فجر التاريخ، وتؤكد دروس الأزمان الغابرة أن الخطر على مصر يأتي دائما من الشرق، ولهذا لا يخلو كتاب عن الاستراتيجية والحرب من الإشارة إلى أهمية سيناء العسكرية. لكن تظل المنطقة التي تريد "إسرائيل" أن تخليها وتصفي الوجود المصري العسكري والمدني بها هي مفتاح سيناء، وينتج عن تدميرها وتهجير سكانها خسارة عسكرية فادحة، يترتب عليها انكشاف كل سيناء حتى قناة السويس وتهديد قلب مصر.

وأشارت إلى أهمية هذا المربع الذي يتم إخلاؤه والممتد من رفح وحتى العريش بمثابة يد المروحة أو ربطة الحزمة أو "زر" سيناء الاستراتيجي؛ لأن فيه تجتمع نهايات محاور سيناء الاستراتيجية الثلاث: المحور الشمالي “القنطرة – رفح” والمحور الأوسط ” الإسماعيلية – أبو عجيلة” والمحور الجنوبي “السويس – القصيمة".

وحذر حمامي من الصهاينة يعملون من أجل إخلاء سيناء من العنصر البشري؛ لأنه هو العائق أمام أي خطط للتقسيم الجغرافي؛ فلا يمكن فرض حدود سياسية في ظل وجود كثافة سكانية مستقرة، ولا يمكن تهجير ما يقرب من مليوني إنسان في غزة إلى منطقة عامرة بأهلها، ومن هنا فإن المخطط الإسرائيلي يعمل على تهجير المصريين أولا من المنطقة المستهدفة بزعم تهيئتها لسكان غزة الذين يخطط المتورطون في الصفقة لإزاحتهم إلى الموطن الجديد!

واعتبر أن تبادل الأراضي في صفقة القرن يعني تسليم المنطقة المستهدفة في سيناء خالية من السكان، والتنفيذ بدأ مبكرًا جدًّا، بإخلاء رفح وهدمها وهي المدينة التاريخية التي وجدت منذ مئات السنين، ثم بدأت ماكينة التدمير تطحن الشيخ زويد، وحدثت القفزة بالعمل لإخلاء العريش بزعم بناء حرم للمطار، بمساحة 5 كم من كل الاتجاهات، أي هدم نصف المدينة بدلا من نقل المطار إلى خارجها.

التدويل

وقال حمامي إن استمرار تنفيذ الخطط الإسرائيلية بدعم دولي في سيناء سينتج عنه إخلاء شمال سيناء والذي سيتبعه خروج الدولة المصرية، فالوجود المصري مرتبط بوجود السكان، وغياب السكان معناه غياب مصر، ونفس الأمر في المثلث الجنوبي، فتسليم شرم الشيخ للسعودية يعني إبعاد مصر عن مياه خليج العقبة وهذا خطوة مرحلية يتبعها الانسحاب حتى الطور ثم التراجع الى السويس!

السيسي وابن سلمان

وخلصت الدراسة الى أن ظهور صفقة القرن بهذه القوة ليس لأن الصفقة مقنعة، وإنما لتبني نظامي السيسي وابن سلمان لها وقبولهما بأن ينفذا الأجندة الإسرائيلية لأسباب تتعلق بمشروعيتهما، واستقرار الحكم لهما، والسعي وراء الدعم الدولي لمواجهة تعاظم المعارضة الداخلية.

ولفتت إلى أن هذا الاندفاع وراء الرئيس الأمريكي والاستسلام للهيمنة الإسرائيلية بقدر ما يخفف الضغط الخارجي وشراء الصمت العالمي لبعض الوقت فإن الانحياز للجانب الإسرائيلي والمشاركة في خطة التآمر على القضية الفلسطينية أفقدهما المشروعية الشعبية وجعلهما تحت الحصار.

وأكد حمامى أن السيناريوهات التي تطرحها صفقة القرن ليست حلولا، كما أن الإغراءات التي تقدمها “إسرائيل” لن يتحقق منها شيء لصالح مصر والسعودية، بل هي “وصفة انتحار” لكلا الدولتين.

وأوضح أن الصفقة ستؤدي في مصر إلى إشعال الصراعات الداخلية التي لا نهاية لها، وستستنزف قوة الدولة المصرية في حرب يتولد من داخلها صراعات يصعب حصرها كما أن طول أمد الحرب سيؤدي إلى تصدع الجبهة الداخلية التي ستنعكس على تماسك النظام وتمنعه من الوصول إلى نهاية المخطط له.

وبالنسبة للسعودية قال حمامي إن إنفاق مئات المليارات على الصفقة تحت عنوان مشروع نيوم الذي أصبح المظلة التي يتم التحرك من خلالها لتهويد سيناء وخليج العقبة زاد من الأعباء على المواطنين وأنهى زمن الوفرة وأدخل المملكة في مرحلة الاستدانة والتقشف وسيترتب على هذا تفاقم الحالة الاقتصادية، والأكثر تدميرا للسعودية عملية التخلي عن المشروعية الدينية وتغيير هوية المملكة القائمة على المذهب الوهابي منذ تأسيسها.

وشدد على أن صفقة القرن رغم ما يبدو من صياغتها على أنها مشروع فيه منافع لدول الإقليم، فان حقيقته تدور حول السيطرة اليهودية على فلسطين التاريخية والتخلص من الأعباء الأمنية التي أرقت الاحتلال منذ عام 1948، وتحميل الأردن ومصر والسعودية جريمة إنهاء القضية الفلسطينية. معتبرا أن الرابح الوحيد في هذه الصفقة هو الكيان الصهيوني.

مشروع العسكر

ونفى حمامى أن يكون الرئيس الشهيد محمد مرسي قد تبنى اقتراحا بإقامة دولة فلسطينية (بديلة) في شبه جزيرة سيناء واصفا ما يتردد في هذا الشأن بانه افتراءات من جانب دولة العسكر.

وأشار إلى أن إقامة دولة فلسطينية (بديلة) في شبه جزيرة سيناء مقترح قديم جديد لعسكر مصر ، مؤكدا أن هذا المقترح عُرض لأول مرة إبان حكم جمال عبد الناصر حيث وافقت حكومته حينها على مشروع توطين قسم من لاجئي قطاع غزة في سيناء وعقدت اتفاقا مع وكالة الغوث يمنحها إمكانية إجراء اختبارات على 250 ألف فدان تقام عليها عدد من المشاريع.

وكشف عن أنه في 14 اكتوبر عام 1953 توصلت وكالة الغوث مع الحكومة المصرية إلى اتفاق محدد تقدم مصر بموجبه 230 ألف فدان من الأراضي الصحراوية إلى وكالة الغوث لإجراء اختبارات زراعية فيها مع إعطاء وكالة الغوث الحق بانتقاء 50 ألف فدان من بينها من أجل أعمال التطوير الزراعي لمصلحة اللاجئين شريطة أن تقوم مصر بإيصال كميات كافية تصل إلى حدود 1 % من حجم مياه نهر النيل سنوياً لارواء هذه الأراضي، واستغرقت أعمال هذا المشروع نحو ثلاثة أعوام من تاريخ توقيعه حتى 28 يونيو عام 1955، حين قدمت اللجنة الموكل إليها العمل تقريرها إلى وزير الدولة المصري لشؤون الإنتاج وإلى مدير الأونروا، وقدرت الفترة لتحقيقه كاملا بخمسة وعشرين عاما وجاء هذا في تقرير أعدته وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين عام 1955 عن المشروع وأن عدد الذين سيرحلون نحو 59500 نسمة يشكلون 12200 أسرة منها 10 آلاف أسرة زراعية و 1750 أسرة خدمات و 700 أسرة بالقطاع الثانوي.