عندما تنحرف البوصلة!

- ‎فيمقالات

طالعت ما كتب من ردود على ما يسمى بمبادرات الإفراج عن المعتقلين، خلال الأيام الماضية، وبصرف النظر أن هذه المبادرات حقيقية أو وهمية، أو مجرد دعوة لشق الصف، ودق إسفين بين القيادة وأفراد الصف، فقد تحولت المنصات كلها لسباب وشتائم لقيادة الإخوان، وكأن قيادة الإخوان تملك أمر إطلاق سراح المعتقلين ولم تفعل! أو أن الإخوان هى من اعتقلت هؤلاء!

ومن هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر شخص كان يعتلى منصة "رابعة" وبخطاب حنجورى عنترى يهيّج الجماهير، واليوم يقاوم الانقلاب ويسعى لإسقاطه بسب وشتم والطعن في جماعة الإخوان، وأترفّع هنا عن ذكر اسمه، يقول: "أذكّر حضراتكم أولا أنني صارحتكم بأن قيادات الإخوان منذ اليوم الأول للانقلاب كانت تتفاوض لضمان الخروج الآمن للجماعة، وليس لعودة الشرعية، فكذبني سفهاؤكم الذين نصبوا أنفسهم للهجوم على كل من ينتقد مواقف قياداتكم.

بالمناسبة: التفاوض لتحقيق مثل هذا الهدف ليس عيبا ولا حراما.

العيب والحرام هو أنك ظللت تخدع أتباعك وتكذب وتدعي أنك لن تتفاوض مع الانقلابيين، ولن تتنازل عن الشرعية في حين كنت تتلمس أي لفتة منهم لقبول التفاوض معك.

وأذكر حضراتكم ثانيا أني صارحتكم بعد الانقلاب بعامين أن الوقت أفلت من بين أيديكم، وأن الانقلاب رسخ أقدامه، ولن يقبل بأي حوار مع الإخوان.

فكذبتموني وصدقتم من قال لكم إن الانقلابيين يتلهفون على كلمة منكم تتنازلون بها عن الشرعية، فيفتح لكم السجون، ويعيش د. مرسي منعما في القصور.

وأذكر حضراتكم ثالثا أنني صارحتكم مرارا أن د. مرسي لن يعود لكرسي الحكم، وأن الشرعية رقدت على رجاء القيامة.

فهاجمني سفهاؤكم ووقف بقيتكم صامتين، وكأنكم كلكم متفقون على أن من أخبركم بالواقع وصارحكم بالحقيقة يجوز استحلال عرضه". (انتهى).

هذا الكائن لم يأت بجديد، سوى مزيد من السفاهة وسوء الأدب والتهافت والسقوط والتدنى الأخلاقى.

ومع ذلك نقول له: إذا كان الإخوان كما وصفتها، فلماذا يتآمر عليها القاصى والدانى؟ ثم لماذا لم تقدم الحلول اللوذعية لحل الأزمة بعد أن عجز الإخوان عن حلها كما تزعم؟

خاصة أنك صاحب تجربة سابقة فى المراجعات، والتعامل مع الجهات الأمنية التى أفرزتك وناجح إبراهيم وعبود الزمر وغيرهم!

ليكن حديثك موضوعياً، وبالتالى يمكن الاستفادة منه والبناء عليه، إذا كان يحقق مصلحة للمعتقلين ولغير المعتقلين.

بدلاً من إطلاق الكلام على عواهنه. لماذا لم تكلف خاطرك، وأنت الخبير العالم ببواطن الأمور كما هو واضح من هذا الهراء، لماذا لم تخبرنا ما الفرص التي كانت بيد القيادة ولم تستثمرها لمصلحة المعتقلين، وتسببت القيادة فى ضياعها؟!!

ثم ماذا فعلت أنت وأمثالك وغيركم سوى مزيد من كيد النسا والردح؟ أم هى الموضة لكل مغمور طوته صفحة الزمن، يريد أن يتسلق على أكتاف قيادة الجماعة؟!

أم هى مشاركة وجدانية لزمرة الانقلابيين والمرتزقة ومن لف لفهم، بسب وتسفيه قيادات الإخوان، وترك الظالمين!

ليعلم القاصى والدانى أن الجماعة لم تتراجع ولم تتخل عن أبنائها، ولا عن المعتقلين ولا عن ذويهم فيما هو مقدور عليه ومتاح.

وآمل أن ينتبه الجميع أن القضية ليست قيادات الداخل والخارج، كما يحاول البعض تسويقها، بل القضية بوضوح وصراحة، هي هدم هذا الكيان، من خلال التطاول والنيل من القيادة. ودليل ذلك لو أننا عكسنا الأمر، وكانت قيادات الخارج هي من بالداخل اليوم، والذين فى الدخل هم بالخارج الآن، لما تغير من الأمر شيء، ولما تغير الهجوم والتطاول والكذب والتدليس عليهم ولطالتهم نفس الاتهامات التى توجه لقيادات الخارج.

ومن أجمل ما سمعت من المحامي البارز صبحى صالح، فك الله أسره: "إن جماعة الإخوان لا تنزعج من الهجوم، لأنه ليس هناك جديد يقال عليها، إحنا على مدار 82 سنة بنتشتم، إللى عايز يشتم يجيب جديد، ولو جاب حاجة جديدة مش هيلاقيها، لأن التاريخ يعيد نفسه، ونحن نسمع نفس الكلام إللى بيتقال من 82 سنة، لكن بالتأكيد كل واحد بيعبر عن أخلاقه".

وصدق القائل حين قال: إذا وجـدت من يركز على "أخطـاء المظلوم" عوضا عن "خطايا الظالم"، فاعلم أنه إما جاهل لا فـهـم لـه، أو بـلـيـد لا ضـمـير له، أو جبان يتستر وراء التفلسف وطول اللسان. وحسبنا الله ونعم الوكيل.

وأخيراً وليس آخراً لكل من بايع هذه الجماعة على العمل لدين الله أين أنت مما قاله الإمام المؤسس – رحمه الله-: "وأريد بالثبات: أن يظل الأخ عاملاً مجاهدًا في سبيل غايته مهما بعدت المدة وتطاولت السنوات والأعوام، حتى يلقى الله على ذلك وقد فاز بإحدى الحسنيين، فإما الغاية وإما الشهادة في النهاية، ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾ (الأحزاب:23)، والوقت عندنا جزء من العلاج، والطريق طويلة المدى بعيدة المراحل كثيرة العقبات، ولكنها وحدها التي تؤدي إلى المقصود مع عظيم الأجر وجميل المثوبة.

 

وقد عدّد الإمام المؤسس- رحمه الله، حتى يكون كل فرد قبل الانضمام لهذا الصف على بينة – مظاهر العقبات حتى يستمر الإخوان على الثبات فقال:

–  سيقف جهل الشعب بحقيقة الإسلام عقبة في طريقكم.

–  وستجدون من أهل التدين ومن العلماء الرسميين من يستغرب فهمكم للإسلام وينكر عليكم جهادكم في سبيله.

–  وسيحقد عليكم الرؤساء والزعماء وذوو الجاه والسلطان.

–  وستقف في وجهكم كل الحكومات على السواء.

–  وستحاول كل حكومة أن تحد من نشاطكم وأن تضع العراقيل في طريقكم.

–  وسيتذرع الغاصبون بكل طريق لمناهضتكم وإطفاء نور دعوتكم.

–  وسيستعينون في ذلك بالحكومات الضعيفة والأخلاق الضعيفة والأيدي الممتدة إليهم بالسؤال وإليكم بالإساءة والعدوان.

–  وسيثير الجميع حول دعوتكم غبار الشبهات وظلم الاتهامات.

–  وسيحاولون أن يلصقوا بها كل نقيصة، وأن يظهروها للناس في أبشع صورة، معتمدين على قوتهم وسلطانهم ومعتدين بأموالهم ونفوذهم، ( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ) التوبة- 32.

–  وستدخلون بذلك ولا شك في دور التجربة والامتحان، فتسجنون وتعتقلون، وتنقلون وتشردون، وتصادر مصالحكم، وتعطل أعمالكم، وتفتش بيوتكم، وقد يطول بكم مدى هذا الامتحان، ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ) العنكبوت- 2.

ثم يقول – رحمه الله- " أيها الإخوان… إذا فتحت لكم السجون وعلقت لكم أعواد المشانق فاعلموا أن دعوتكم بدأت تثمر".

ومع ذلك ما زلنا نسمع من المثبطين والمرجفين، من يطالبنا بحل الجماعة وترك العمل السياسى والدعوى، لأن الجماعة فشلت، والتنظيم عبء وغير ذلك من المبررات، والأخطر من ذلك كله كما يقول المولى عز وجل:" وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ".