كيف تجسست الإمارات على المصريين لصالح السيسي عبر عملاء استخبارات أمريكيين؟

- ‎فيتقارير

لم يتوقف دور بن زايد وعصبة الانقلابيين في ابو ظبي علي دعم انقلاب عبد الفتاح السيسي على التجربة الديمقراطية واجهاض الثورة المصرية والتأمر علي الربيع العربي في دول اخري مثل ليبيا واليمن وتونس، ولكن استمر دورهم في دعم سلطة الانقلاب ماليا وعبر شراء اجهزة تنصت على المصريين لضمان سيطرة الانقلاب على الاوضاع في مصر واجهاض أي ثورة جديدة.

كان تحقيق سابق نشرته مجلة تيليراما Télérama الفرنسية 5 يوليه 2017 قد كشف أن الامارات أهدت السيسي نظاما للمراقبة الإلكترونية واسعة النطاق «سيريبر» تطوره شركة فرنسية تدعى «آميسيس»، تكلفته 10 ملايين يورو، واكدت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية 31 أغسطس الماضي 2018، شراء واستخدام السلطات الإماراتية برنامج التجسس الإسرائيلي “بيغاسوس” واهدائه للسيسي لمراقبة الهواتف الذكية الخاصة بالمعارضين الإماراتيين والمصريين.

بجانب هذا كشف تقرير لوكالة رويترز أمس الاربعاء عن استخدام الإمارات سلاحا إلكترونيا فائقا للتجسس على هواتف آيفون خصومها واهدائه ايضا للسيسي وتجسسها أيضا على مسئولين قطريين وامريكيين، وأن الإمارات العربية المتحدة جنّدت فريقاً من العملاء السابقين في وكالات استخبارية أميركية، للتجسس على الحكومات والناشطين في مجال حقوق الإنسان والمعارضين في العالم العربي وخارجه، وفق ما كشفت وكالة “رويترز”، في تحقيق استقصائي مفصّل.

فريق سري

كما كشف تقرير (رويترز) عن اخترق فريق سري يعمل لحساب الإمارات العربية المتحدة، ويضم أكثر من 12 فردا من العاملين السابقين في الاستخبارات الأمريكية أجهزة آيفون الخاصة بنشطاء ودبلوماسيين وزعماء أجانب من خصوم الإمارات وذلك بالاستعانة بأداة تجسس متطورة تسمى (كارما)، في حملة تظهر كيف أن الأسلحة الإلكترونية فائقة الفاعلية بدأت تتسرب خارج القوى الكبرى وتصل إلى أيدي دول أصغر.

وقالت ضابطة سابقة مهندسة بالمخابرات الأمريكية تدعي “لوري ستراود” وتركت عملها لتلتحق بعمل في الإمارات، أن هذا العمل عبارة عن تجسس على حكومات واختراق هواتف أفراد لصالح أبو ظبي، وأن الإمارات تتجسس على مواطني أمريكا ومنهم مسؤولين، وهي الجريمة التي لن يفوتها الكونجرس لأبناء زايد.

وأوضحت ستراود أنها قررت كسر الصمت والسرية المحيطَين بهذا المشروع فقط، بعدما اكتشفت أن عمليات التجسّس انتقلت لاحقاً لتستهدف مواطنين أميركيين ويحقق “مكتب التحقيقات الفيدرالية” (إف بي آي)، حالياً، فيما إذا كان موظفو “رايفن” الأميركيون قد سربوا تقنيات تجسس سرية خاصة بالولايات المتحدة، وإذا كانوا قد استهدفوا الشبكات الأميركية بشكل غير قانوني.

التجسس على الإخوان

وقالت المصادر التي كانت مطلعة على مشروع ريفين لوكالة رويترز إن برنامج التجسس (كارما) سمح للضباط الاماراتيين والموظفين الامريكان لديهم بجمع معلومات بشأن عشرات الأهداف، من النشطاء المعارضين للحكومة إلى الخصوم في المنطقة ومنهم قطر، وجماعة الإخوان المسلمين الغريم الأيديولوجي للإمارات.

وتتبع فريق الهاكر الذي وظفته الامارات ومعظمه من المخابرات الأمريكية المعارضين وساعد حكومة السيسي علي تعقب اصحاب الرأي والقبض عليهم واخفاءهم قسريا.

واكد ضباط سابقون في المشروع ريفين Raven Project ووثائق برمجية إن فريق ريفين اخترق بنجاح حسابات مئات الشخصيات السياسية البارزة في الشرق الأوسط وكذلك النشطاء في أرجاء المنطقة وفي أوروبا في بعض الحالات.

وأظهرت سجلات ومقابلات اطلعت عليها رويترز أنه في أعقاب احتجاجات الربيع العربي والإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في عام 2011، اعتبرت أجهزة الأمن الإماراتية المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر تهديدا رئيسيا للاستقرار الوطني.

ولذلك كان برنامج التجسس الاماراتي يستهدف أيضا المعارضة ونشطاء حقوق الإنسان الذين صنفهم الإماراتيون باعتبارهم أهدافا تتعلق بالأمن القومي.

وذكر خمسة ضباط سابقين ووثائق برمجية اطلعت عليها رويترز أن أداة التجسس سمحت لحكومة أبو ظبي بمراقبة مئات الأهداف بدءا من عام 2016، ومنهم أمير قطر ومسؤول تركي رفيع المستوى والناشطة اليمنية في حقوق الإنسان الحائزة على جائزة نوبل “توكل كرمان”.

مشروع رايفن

وجرى استخدام (كارما) أو وحدة التجسس الإلكتروني، التي تحمل الاسم الرمزي (المشروع ريفين) بواسطة وحدة للعمليات الإلكترونية في أبو ظبي تضم مسؤولي أمن إماراتيين وضباطا سابقين بالمخابرات الأمريكية يعملون كمتعاقدين لصالح أجهزة المخابرات الإماراتية.

وتمركز أعضاء الفريق السرّي المتعاقدون في “مشروع رايفن” تمركزوا فيلا في أبو ظبي، وتقاضوا رواتبهم عبر شركة “دارك ماتر” DarkMatter، وتجسسوا لمصلحة الإمارات العربية المتحدة على الهواتف وأجهزة الكمبيوتر، معتمدين على تقنيات تعلموها خلال فترة خدمتهم في “وكالة الأمن القومي” (إن إس إيه)، وفق ما كشفت العميلة السابقة في المشروع، الأميركية لوري ستراود لـ “رويترز”.

كيفية التجسس على أجهزة آيفون؟

ووصف الضباط السابقون الذين عملوا في المشروع ريفين، (كارما) بأنها أداة قادرة على إتاحة الدخول عن بعد إلى أجهزة آيفون بمجرد تحميل أرقام الهواتف أو حسابات بريد إلكتروني على نظام استهداف آلي فما يجعل (كارما) أداة فائقة القدرة بشكل غير عادي، أنها لا تحتاج إلى أن يضغط الهدف على رابط يتم إرساله إلى جهاز الأيفون، وذلك على خلاف كثير من الثغرات وبرامج التجسس الأخرى.

أجهزة آيفون

وتحدثت لوري ستراود، الضابطة السابقة في مشروع ريفين والتي عملت سابقا أيضا في وكالة الأمن الوطني الأمريكية، لرويترز عن كيفية التجسس على الاف الاشخاص، مؤكده: “أحضروا (المخابرات الاماراتية) لنا أداة التجسس الجديدة هذه وأحضروا لنا قائمة ضخمة بالأهداف التي تمتلك أجهزة آيفون وكان أشبه باحتفال عيد الميلاد”!؟.

ويقول مسؤولون مخضرمون في مجال الحرب الإلكترونية إن الطلب يزداد بشكل كبير على أدوات مثل (كارما)، التي يمكن أن تخترق مئات من أجهزة آيفون في وقت واحد لتستولي على بيانات تتعلق بالموقع أو الصور أو الرسائل النصية.

وقال مايكل دانيال مسؤول الأمن الإلكتروني في البيت الأبيض في عهد الرئيس السابق باراك أوباما إن هناك حوالي عشر دول فقط يعتقد أنها قادرة على تطوير مثل تلك الأسلحة، منها روسيا والصين والولايات المتحدة وأقرب حلفائها.

من تجسست عليهم الإمارات؟

وبحسب تقرير رويترز، استخدم الضباط برنامج (كارما) عام 2017، على سبيل المثال، لاختراق هاتف آيفون يستخدمه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وكذلك أجهزة يستخدمها محمد شيمشك النائب السابق لرئيس الوزراء في تركيا، ويوسف بن علوي بن عبد الله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عمان ولم يتضح ما هي البيانات التي جرى الاستيلاء عليها من تلك الأجهزة.

كما اخترق فريق ريفين أيضا هاتف الناشط الإماراتي المعتقل حاليا أحمد منصور، والصحفي البريطاني روري دوناغي، و3 صحفيين أميركيين، وهاتف توكل كرمان، الناشطة في مجال حقوق الإنسان الملقبة بالمرأة الحديدية في اليمن وعندما أبلغتها رويترز باختراق هاتفها، قالت إنها تعتقد أنه تم اختيارها بسبب تزعمها لاحتجاجات الربيع العربي في اليمن والتي اندلعت في المنطقة في عام 2011.

حقيقة صادمة

وقالت لرويترز إنها تلقت على مدى سنوات إخطارات متكررة من حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي تحذرها من أنه جرى اختراق حساباتها لكنها أضافت أن حقيقة مساعدة أمريكيين للحكومة الإماراتية على مراقبتها كانت صادمة.

وأضافت أن المتوقع من الأمريكيين أن يدعموا حماية المدافعين عن حقوق الإنسان ويوفروا لهم كل سبل ووسائل الحماية والأمن لا أن يكونوا أداة في أيدي الأنظمة المستبدة للتجسس على النشطاء وتمكينها من قمع شعوبها.

ماذا تعرف عن شركة التجسس الإماراتية “دارك ماتر”؟

تأسست الشركة عام 2014 من على يد فيصل البنّاي الذي أنشأ أيضا Axiom، وهي من أكبر باعة الأجهزة المحمولة في المنطقة.

وتسوق “دارك ماتر” نفسها كمطور مبتكر لتكنولوجيا الإنترنت الدفاعية لكن تقريراً نشره موقع “ذي إنترسبت”، عام 2016، أفاد بأنها ساعدت الأجهزة الأمنية الإماراتية في عمليات المراقبة والتجسس، وكانت تحاول استقطاب خبراء إلكترونيين من الخارج.

وتعترف الشركة الإماراتية التي تضم أكثر من 650 موظفاً علناً بعلاقة العمل الوثيقة مع حكومة الإمارات العربية المتحدة، لكنها تنفي المشاركة في جهود القرصنة المدعومة من السلطات.

وقد أُبقي الغرض الحقيقي من “مشروع رايفن” سراً عن معظم المديرين التنفيذيين في “دارك ماتر”، وفق ما نقلت “رويترز” عن العاملين السابقين في المشروع.
ـــــــــــــــــ
مصادر
https://ara.reuters.com/article/ME_TOPNEWS_MORE/idARAKCN1PO2VX
https://www.reuters.com/article/us-usa-spying-raven-specialreport-idUSKCN1PO19O?utm_campaign=trueAnthem%3A+Trending+Content&utm_content=5c519a0504d3016fb80a85a2&utm_medium=trueAnthem&utm_source=facebook