لماذا اختفت مدرعات الجيش عن المشهد في مصر؟

- ‎فيتقارير

انتهى يوم الجمعة الماضي، مخلفًا وراءه بعض الأمل للمصريين وعشرات الأبطال المعتقلين، وليس بإمكان أحد التنبؤ بمصير جُمعة الرحيل في الغد، ضد جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي، إن كانت ستستمر أو ستُقمع أو تقدح شرارة ثورة تنفي عن 25 يناير خبثها.

تقول صحيفة الجارديان البريطانية، إن المتابعين اندهشوا من قدرة الجماهير على النزول ولو لفترة وجيزة في بلد تزخر سجونها بقرابة 100 ألف سجين سياسي، وقال الكاتب والمحلل البريطاني د. هيلير للجارديان: إن الاحتجاجات في مصر لا تكون دون إذن من السلطات، وقد رأينا تظاهرات على مدار السنوات القليلة الماضية يتم تفريقها في التو واللحظة.

الغضب

التساؤل نفسه طرحته "وول ستريت جورنال" في تغطيتها، واصفةً خروج المصريين إلى الشارع مرةً أخرى بالتحدي الكبير لإدارة السفيه السيسي، وأشارت إلى استطلاع للرأي أُجري عام 2016، أظهر انخفاضًا حادًا في نسبة قبول السفيه السيسي من 82% إلى 68%، ولم يجر مثل هذا الاستطلاع بعدها.

وتقول صحيفة النيويورك تايمز، إن التظاهرات لم يكن لها تنظيم مركزي، وبدت عشوائية تمامًا، يحركها الغضب، ليس إلا، فيما علقت أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، رباب المهدي، لجريدة النيويورك تايمز، على التعامل الأمني مع التظاهرات، والذي بدا أخف وطأة من ذي قبل.

تقول المهدي: إن "النظام ربما قرر فتح المجال العام للتنفيس قليلًا، لكن هذه الطريقة كانت حاضرة في زمن مبارك، ولم تكن أبدًا حاضرة في دولة السيسي!"، وقالت مصادر أمنية إن الجيش رفض طلبا قدمته وزارة الداخلية في حكومة الانقلاب، بضرورة نزول قوات الجيش لمشاركتها في مواجهة المظاهرات المرتقبة، غدا الجمعة، والمساهمة في تأمين الميادين الكبرى في القاهرة والمحافظات، وحماية المنشآت العامة. 

إحكام السيطرة

وأشارت المصادر إلى أن "مؤسسة الرئاسة لم تضغط على الجيش أو تؤكد ضرورة تنفيذ أوامر النزول للميادين، خشية استغلال تواجد قوات الجيش واحتمالية تنفيذ انقلاب عسكري ضد السيسي على غرار ما حدث مع الرئيس الراحل محمد مرسي، حيث ادعى البعض حينها أن الجيش نزل لحماية الشرعية، بينما في الحقيقة كان تمهيدا للانقلاب وإحكام السيطرة".

وأكدت المصادر أنه "لو أصر السيسي على نزول الجيش إلى الميادين لقامت المؤسسة العسكرية بالاستجابة لهذه الأوامر، وإلا سيُفهم ذلك على أنه انقلاب صريح على أوامر القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولفعلت المؤسسة العسكرية ما تشاء بكل أريحية سواء دعم السيسي بقوة أو تنفيذ انقلاب عسكري".

وأوضحت أن "السيسي ورجاله كانوا بين نارين من فكرة نزول الجيش للميادين في هذا التوقيت الحرج، الأول أن الأمر سيُفهم في إطار استمرار دعم المؤسسة العسكرية للسيسي بقوة، ما قد يؤدي إلى تقليص أعداد المتظاهرين وإخافتهم على غرار ما كان يحدث طوال السنوات الماضية، والنار الأخرى هي الخوف من احتمالية انقلاب عسكري".

وأرجعت المصادر طلب وزارة الداخلية في حكومة الانقلاب بأهمية نزول قوات الجيش إلى إدراكها أنها "لن تستطيع بمفردها مواجهة التظاهرات، خاصة أن تقاريرها الداخلية ترصد احتمالية اتساع نطاق التظاهرات بشكل كبير، رغم اتساع دائرة الاعتقالات التي طالت حتى الآن نحو ألفي شخص، فضلا عن أن العديد من ضباط الشرطة يطالبون قيادة وزارة الداخلية بذلك".

واستمرارا لموجة الاحتجاجات التي تشهدها مصر ضد السفيه السيسي، دشن نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاج (#انت_انتهيت_ياسيسي)، وذلك على خلفية التظاهرات المليونية التي دعا إليها الممثل والمقاول محمد علي غدا الجمعة.

وشارك عشرات الآلاف من المغردين في الوسم الذي احتل صدارة مواقع التواصل الاجتماعي بمصر، لتأييد دعوة محمد علي بتنحي السفيه السيسي، أو مطالبة الجيش بالتدخل لعزله.

وتخوفا من مظاهرات الغد التي أطلق عليها محمد علي اسم "ثورة شعب"، تشهد مصر حالة استنفار أمني كبيرة، حيث شنت قوات الأمن حملة اعتقالات واسعة بحق سياسيين ونشطاء، كما جندت الحكومة وسائل الإعلام وممثلين مغمورين لتشويه المظاهرات، فضلا عن دعوة المصريين للتظاهر تأييدا للسفيه السيسي.