لماذا ترفع الثورات المضادة راية العروبة في مواجهة تركيا؟

- ‎فيتقارير

رغم حالة الغضب والتحشيد التي قامت بها عصابة الانقلاب ضد الاتفاقية الموقعة بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية، إلا أن تصريحات جديدة صدرت من خارجية العسكر بأن هذه الاتفاقية لا تمس مصالح القاهرة، ما أثار تساؤلات حول دلالة وتداعيات ونتائج هذه التوجهات الجديدة.

وقال وزير الميكرفون سامح شكري: إنه “لا يوجد مساس لمصالحنا في مصر من اتفاق تركيا وحكومة الوفاق، لكن يوجد مساس لمصالح دول أخرى في منطقة المتوسط، كما أن الوضع في ليبيا لا يحتمل أي تعقيدات إضافية”.

الاتفاق الليبي

وكانت عصابة الانقلاب من أوائل الذين اعترضوا على الاتفاقية الموقعة مؤخرا بين حكومة أنقرة والحكومة الليبية، معتبرة أنها تخالف الاتفاق السياسي الليبي الموقع في المغرب 2015، ولم تكتف بذلك، بل حاولت عمل الحشد مع اليونان لتشكيل رأي عام دولي لرفض الاتفاقية.

وفي الوقت الذي أحدثت فيه اتفاقية تركية ليبية لترسيم الحدود البحرية، قبل أسبوع، غضبًا لدى عصابة الانقلاب وضجيجًا إعلاميًّا، تساءل خبراء ومراقبون مصريون عن أسباب اهتمام السفيه السيسي بالمنطقة الاقتصادية بالبحر المتوسط، وتجاهله لملف ترسيم الحدود البحرية بالبحر الأحمر، وعدم سعيه لتحديد المنطقة الاقتصادية لمصر هناك.

يقول الكاتب والمحلل الفلسطيني ياسر الزعاترة: “لا حاجة لكثير من المتابعة كي يدرك المرء أن تركيا صارت متقدمة على إيران في أجندة الثورة المضادة العربية، بحيث يفوق الهجوم عليها ذلك الهجوم المماثل على إيران”.

وتابع: “من يتابع إعلام الثورة المضادة العربية؛ بجانب جملة المواقف السياسية، سيلاحظ ذلك بكل تأكيد. وحين يصل الأمر إلى حد تقديم الدعم السياسي والمالي للمليشيات الكردية التي تشتبك مع تركيا في سوريا، فإن الموقف يغدو أكثر وضوحا، بجانب الهجوم الإعلامي اليومي”.

مضيفا: “والذي وصل حد إنتاج مسلسل يهاجم التراث العثماني. ولا تسأل بعد ذلك عن الصراع الراهن على قضية التنقيب على النفط والغاز، ولا نريد أن نضيف إلى ذلك بالطبع ما خفي من تآمر عبر تحريض القوى الكبرى، وفي مقدمتها أمريكا، وقبلها اللوبيات الصهيونية”.

موضحا: “وإذا جئنا نفتش عن أسباب الهجمة التي نتحدث عنها، فسيخرج عليك من يرفعون راية العروبة في مواجهة العثمانية. واللافت أن يلتقي على هذا الشعار فريق التشبيح الإيراني، بما في ذلك بعض المنحازين إليه من يساريين وقوميين، إلى جانب فريق الثورة المضادة”.

تركيا وليبيا

واعتبر دبلوماسيون وبرلمانيون وسياسيون مصريون أن رد خارجية الانقلاب الضعيف في ملف ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا، يكشف الضعف الذي أصاب الوزارة في ظل الانقلاب العسكري.

وكانت قناة “الجزيرة” قد كشفت عن وثائق تشير إلى رفض جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي، الاستجابة لتوصيات وزارة الخارجية، فيما يتعلق باتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع اليونان.

على خلفية ذلك، وصف الخبير الاقتصادي السابق بالأمم المتحدة، إبراهيم نوار، تعامل خارجية الانقلاب بالضعيف والهزيل، وقال عبر صفحته على فيسبوك: “بمناسبة مشكلة الترسيم مع ليبيا وتركيا.. يا ترى الخارجية عملت حاجة من أجل حل مشكلة الترسيم مع السودان في البحر الأحمر؟.”

وفي تغريدة ثانية تساءل نوار بتهكم: “هي الخارجية المصرية مكسوفة تتحدث مع الأمين العام للأمم المتحدة، علشان تروح تكلم مبعوثه في ليبيا غسان سلامة؟.. مصر أكبر من كده يا خارجية”.

وأثارت تغريدات نوار تفاعلا من متابعيه، حيث علق عليها الكاتب الصحفي رشاد عبد الله قائلا: “وضع الخارجية المصرية محير.. هل هي غائبة أم تم تغييبها.. لم تكن هكذا تدار ملفات سياستنا الخارجية، وخصوصا المتعلقة بقضايا الأمن القومي.. سلسلة متلاحقة من الإخفاقات”.

جدير بالذكر أن الجمهورية الأتاتوركية التي أقيمت على رماد الخلافة العثمانية المنهارة، اختارت العلمانية المطلقة طريقا لها، فقد ألغت الخلافة الإسلامية التي كانت إسطنبول عاصمة لها، مما أصاب الكثير من معتنقي الإسلام في الشرق والغرب بصدمة كبيرة.

كما تخلت الجمهورية الأتاتوركية عن الحرف العربي، وتبنت الخط اللاتيني بدلا منه، في إشارة واضحة لا لبس فيها إلى نيتها إدارة وجهها صوب الغرب بكل تصميم، ولكن كل ذلك كان في الماضي، ومنذ مجيء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السلطة، ولّت العقود التي كان فيها الجيش التركي يسوق الناس إلى العلمانية بالحديد والنار، ويجري تمارين عسكرية مشتركة مع كيان العدو الصهيوني حليف الولايات المتحدة.