لهذه الأسباب.. مجلس الأمن لن ينصف مصر أمام إثيوبيا و”ستراتفور”: مصر بلا خيارات

- ‎فيتقارير

يبدو أن لجوء حكومة الانقلاب إلى مجلس الأمن من أجل وضع حد للتهديد الإثيوبي لأمن مصر القومي بالبدء في حجز المياه دون اتفاق أمام سد النهضة، لن يمثل قيمة مضافة للأزمة، أو يضع حلا لها خلال الفترة المقبلة؛ يدلل على ذلك التصريحات التشاؤمية لـ”أشوك سوين”، رئيس منظمة اليونسكو للتعاون الدولي في مجال المياه، ومدير كلية الأبحاث حول التعاون الدولي في مجال المياه بجامعة أوبسالا السويدية.

المسئول الأممي عبر عن تشاؤمه حيال قدرة مجلس الأمن على التدخل بشكل جاد في أزمة “سد النهضة” بين مصر وإثيوبيا. مضيفا أنه “من غير المحتمل أن يوافق مجلس الأمن على طلب مصر، ولن يتدخل لحل هذه القضية”، بحسب ما نقلته وكالة “ميديا لاين”.

أسباب تشاؤم “سوين” تعود إلى شكوكه حول اتفاق جميع الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن على قرار في هذه الأزمة، لا سيما في سياق الخلافات المستمرة والأعمال العدائية بين اثنين من الأعضاء: الولايات المتحدة والصين”.

وحول انعكاسات العناد الإثيوبي على مستقبل المنطقة، يرى “سوين” أن إعلان أديس أبابا تعبئة السد دون إجماع مسبق بين جميع البلدان المعنية يمثل خطورة، قائلا: “تحتاج إثيوبيا إلى بدء تشغيل السد فقط بعد إبرام اتفاق مع السودان ومصر. إن أي عمل أحادي من قبل إثيوبيا سيؤدي إلى حالة صراع عالية مع مصر ويمكن أن يؤدي أيضا إلى تدهور علاقاتها مع السودان، وقد يعرض السد لهجمات من القوات المصرية”.

وبعد تعثر للمفاوضات التي دامت لسنوات، أعلن وزير خارجية إثيوبيا “جيدو أندارجاشيو”، الجمعة الماضية، أن بلاده ماضية قدما في ملء سد النهضة الشهر المقبل سواء بالاتفاق مع مصر أو دونه. ورد “سامح شكري” بأن مصر “ستتصرف بوضوح” حال لم يتدخل مجلس الأمن.

مصر بلا خيارات

وفي تقدير موقف حديث لمركز “ستراتفور” الأمريكي، يرى أن تراجع النفوذ الإقليمي لمصر أدى إلى تآكل تأثيرها في قضايا نهر النيل، ما يهدد بتفاقم مشاكل ندرة المياه الحالية في الصحراء. ولكن مصر تخشى أن يؤدي استسلامها لمطالب إثيوبيا حول كيفية ملء السد إلى تشجيع أديس أبابا، وكذلك دول أخرى في حوض نهر النيل، على بناء سدود إضافية بقوة أكبر.

وتشعر القاهرة بالقلق أيضًا من أن إثيوبيا ودول المنبع الأخرى في شرق إفريقيا قد تمثل تهديدا أكبر لإمداداتها المائية بمرور الوقت، إذا استخدمت المياه خلف السدود في الري بدلا من استخدامها في توليد الطاقة الكهرومائية.

وبحسب تقدير الموقف، فإن الشكوى التي تقدمت بها مصر في 19 يونيو، دعت مجلس الأمن الدولي إلى التدخل في القضية، ولكن من المؤكد أن الصين، وهي أحد أقرب شركاء إثيوبيا الاقتصاديين، ستستخدم حق النقض ضد أي قرار جوهري من الأمم المتحدة يهدف إلى منع ملء السد.

وينتهي تقدير موقف مركز “ستراتفور” إلى أن خيارات مصر قليلة لإجبار إثيوبيا على التعاون في القضايا الفنية، حتى لو بقي الخلاف السياسي متدهورا. وفي حال لم يتم التوصل إلى اتفاق مؤقت أو دائم، ستظل مصر وإثيوبيا بحاجة إلى التعاون بشأن القضايا اللوجستية من أجل إدارة تدفق المياه بين  سد النهضة الإثيوبي والسد العالي في أسوان جنوبي مصر.

ويستبعد “ستراتفور” لجوء مصر إلى سيناريو الحرب أو شن عمل عسكري ضد السد؛ مؤكدا أن القاهرة قد تهدد بعمل عسكري ضد إثيوبيا، لكن من غير المرجح أن تلجأ مصر إلى مثل هذه الوسائل بسبب تحديات غزو بلد غير مجاور، بالإضافة إلى الحاجة إلى إعطاء الأولوية لمسائل أمنية أكثر أهمية في المنطقة مثل الحرب في ليبيا المجاورة.

وبحسب “ستراتفور”، فإن المخاوف تزداد مع النمو السكاني السريع في مصر من جهة، بالإضافة إلى التهديد الذي يلوح في الأفق بمواسم جفاف أطول بسبب تغير المناخ وزيادة مستويات التبخر على طول النهر.

وإجمالا، فإن فشل مصر المستمر في منع أديس أبابا من بناء سد النهضة أظهر كيف أن دول المنبع في حوض النيل أصبحت ناجحة بشكل متزايد في تقويض النفوذ المصري في ملف إمدادات المياه.