مرعوب من طهران.. لماذا يصر ترامب على فرض عقوبات ضد إيران؟

- ‎فيعربي ودولي

إصرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على فرض عقوبات جديدة ضد ايران مقابل الرفض الأوروبى لهذه العقوبات يثير الكثير من التساؤلات حول إصرار ترامب على عودة العقوبات ومزاعمه بأن إيران تمثل تهديدا خطيرا ضد الولايات المتحدة وضد العالم كله بمحاولاتها الرامية للتدخل فى انتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة.

وترى إدارة "ترامب" ان هناك تدخلات إيرانية لصالح المرشح الديمقراطي جو بايدن. واضطر البيت الأبيض إلى تسليط الضوء على التدخل الإيراني جزئيا لتهدئة "ترامب"، الذي أعرب مرارا وتكرارا عن رفضه للتلميحات بأن روسيا كانت تتدخل نيابة عنه وضد هيلارى كلينتون، فى الانتخابات الرئاسية السابقة.

وتحظى إدارة "ترامب" بدعم قوى لخطها المتشدد ضد إيران من بعض دول الخليج، مثل السعودية والإمارات، التي تنظر إلى إيران على أنها "القوة الرئيسية المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط"، لكن الخط المتشدد للإدارة يخاطر بإثارة غضب دول أخرى في المنطقة، لاسيما العراق وقطر، وكلاهما يستضيف قوات أمريكية ويمثلان شريكين استراتيجيين لأمريكا في الشرق الأوسط وفى نفس الوقت نهما علاقات جيدة مع طهران.

إدارة ترامب
كانت الإدارة الأمريكية قد أعلنت، بشكل أحادي أمس الأحد، إعادة فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة على إيران، وفق تقنية الارتداد "سناب باك"، مهددة كافة الدول التي ستحاول خرق تلك العقوبات.
كما أعلنت إدارة "ترامب" أنها بصدد البحث عن طرق أخرى لتكثيف ضغوطها على طهران وهددت بفرض عقوبات على أي شركة سلاح دولية تعقد صفقات مع إيران فور أن يتقرر تمديد حظر السلاح الذي تفرضه الأمم المتحدة على طهران.

وكشفت وزارة العدل الأمريكية عن 4 لوائح اتهام في غضون 3 أيام ضد مجموعات قرصنة إيرانية، رغم أن أيا منها لم يكن له علاقة بالتدخل في الانتخابات.
وأعلنت وزارتا الخارجية والخزانة الأمريكيتان، يوم الخميس الماضى، عن عقوبات تتعلق بقراصنة إيرانيين مدعومين من وكالة المخابرات الإيرانية استهدفوا معارضين وصحفيين.

فيما أعلنت البحرية أن حاملة الطائرات "نيميتز" وسفن الدعم المرافقة لها دخلت الخليج العربي يوم الجمعة الماضى، وقال مسؤولو البحرية إن هذا الإجراء كان عبارة عن نشر تدريبي مقرر منذ فترة طويلة، لكنهم أقروا بأن إيران تتتجنب أي أعمال استفزازية مع سريان العقوبات الأمريكية الجديدة.

كما حذر مسئولو الإدارة الأمريكية من محاولات إيران للتدخل في الانتخابات، وزعموا أنها بالإضافة إلى محاولة التسلل إلى حملة "ترامب"، استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي لانتقاد تعامل البيت الأبيض مع جائحة فيروس "كورونا"، وتسليط الضوء على الاضطرابات الاجتماعية في الولايات المتحدة.

وبحسب المزاعم الأمريكية تسعى إيران لعرقلة إعادة انتخاب "ترامب"، وفقا لبيان صدر الشهر الماضي من "ويليام آر إيفانينا"، وهو مسؤول كبير في مكتب مدير الاستخبارات الأمريكية ، وقال "آدم بي شيف"، نائب ديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا ورئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، إن البيان كان ذا دلالة، لأنه لم يحدد أي إجراءات من جانب إيران يمكن مقارنتها بعمليات التدخل الروسية الأكثر قوة في الانتخابات.

وأضاف "شيف": تتمتع إيران بقدرات إلكترونية متطورة، لكن لا يمكن مقارنتها بأي حال من الأحوال بمستوى روسيا، فليس لديها الخبرة أو البنية التحتية لشن حملة شبيهة بتلك التي شنتها روسيا عام 2016 أو التي تقوم بها الآن .

حرب جديدة
ويرى مراقبون أن هذه التطورات قبل أقل من 6 أسابيع من انتخابات نوفمبر الحاسمة ستورط الولايات المتحدة فجأة في حرب جديدة محذرين من أن الذهاب إلى حرب يعد خطوة سياسية محفوفة بالمخاطر.

وقالوا إنه رغم أن الجمهور الأمريكي سيميل إلى الالتفاف حول الرئيس ترامب في بداية الحرب، إلا أن تأثير ذلك قد يكون قصير المدى إذا ظهرت أسئلة حول الضرورات الدفاعية لهذه الحرب. فكلما زاد النظر إلى إيران على أنها المعتدي، زاد عدد الأشخاص الذين يلتفون حول "ترامب"، وكلما زادت استفادته الانتخابية.

وأكد المراقبون أنه جرى تهيئة الرأي العام الأمريكي للنظر إلى إيران على أنها هي المعتدي الذي يجب مقاومته. وربما كان هذا هو القصد من التسريب الغريب حول مؤامرة إيرانية مزعومة لاغتيال السفير الأمريكي في جنوب أفريقيا ردا على اغتيال "ترامب" للجنرال "قاسم سليماني" لكن هذه القصة قوبلت بشكوك كبيرة، ويرجع ذلك إلى افتقار إدارة "ترامب" للمصداقية .

دعاية انتخابات
من جانبها نفت إيران هذه المزاعم وقالت إنها دعاية من جانب ترامب تهدف إلى زيادة التوتر قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية  

وعلق مندوب إيران بمجلس الأمن على القرار الأمريكي بعودة العقوبات، قائلا إن واشنطن تسبح عكس التيار، وإن ذلك قد يتسبب لها بعزلة دولية. وأشار إلى أن واشنطن انتهكت الاتفاق النووي وقرار مجلس الأمن رقم 2231.

وأكد المندوب الإيراني أن أعضاء مجلس الأمن يتمسكون بموقفهم بأن واشنطن ليست طرفا في الاتفاق النووي، معبرا عن ثقته في رفض مجلس الأمن المساعي الامريكية التي تحاول تقويض سلطته.

ورغم اقتناع القادة الإيرانيين بأن الولايات المتحدة والكيان الصهيوني تديران عمليات ضد إيران مثل الهجوم على مواقعها النووية في "نطنز" يوليو الماضي، والذي قيل إن الكيان الصهيوني مسئول عنه، لكن إيران أحجمت عن تنفيذ انتقام كبير.
ولم تُلقِ إيران اللوم على أي طرف علنا في الانفجار الذي دمر مصنعا لأجهزة الطرد المركزي، وشكل انتكاسة شديدة لبرنامجها النووي.

وقال مسئولون إيرانيون إنهم شعروا بوجود فخ، بمعنى أن هذه الهجمات تهدف إلى استدراجهم للرد حتى تتمكن الولايات المتحدة أو الكيان الصهيوني من الرد بضربة عسكرية.

وبالرغم من ضبط النفس الإيراني فإن الزيادة في محاولات القرصنة السيبرانية الإيرانية كانت ملحوظة، وحذرت مايكروسوفت الأسبوع الماضي من أن مجموعة قرصنة تسمى "فوسفور" مرتبطة بالحكومة الإيرانية حاولت دون جدوى تسجيل الدخول إلى حسابات مسؤولي الإدارة وموظفي حملة دونالد ترامب .

وصادرت "مايكروسوفت"، بموافقة محكمة فيدرالية، 155 نطاقا على الإنترنت ثبت أنها تحت سيطرة المجموعة الإيرانية، وتستخدم في الهجمات.

رفض أوروبى
من جانبها أعلنت كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا رفضها إعلان أمريكا إعادة العقوبات الأممية على إيران وقال مندوب فرنسا في مجلس الأمن إن بلاده وألمانيا وبريطانيا ستبقى ملتزمة بالاتفاق النووي مع إيران، في تحد للقرار الذي أعلنته الولايات المتحدة، بإعادة جميع العقوبات الأممية على طهران، بموجب آلية الارتداد "سناب باك".

وأكد المندوب الفرنسي، في بيان له، إن العقوبات الأممية ستظل مرفوعة عن إيران، وأن طهران ستبقى خاضغة للمحاسبة حتى تفي بالتزاماتها مشيرا إلى أن باريس ترى أن الاتفاق النووي هو السبيل الوحيد للمضي قدما باحتواء البرنامج النووي الإيراني.
وباستثناء جمهورية الدومينيكان، أكد مجلس الأمن بأكمله أن الولايات المتحدة ليس لديها صفة لاستخدام آلية "سناب باك" الواردة في الاتفاق النووي الإيراني؛ لأن الولايات المتحدة لم تعد طرفا في الاتفاقية.

يشار إلى ان تنفيذ القرار الأمريكي يسمح للسفن الحربية الأمريكية بمهاجمة ومصادرة سفن الشحن الإيرانية في المياه الدولية، وكذلك السفن غير الإيرانية المشتبه في نقلها بضائع إيرانية.
وهذا ما يرفضه المجتمع الدولي، وكذلك الدول الأخرى في مجلس الأمن لأن، فكرة أن تتصرف الولايات المتحدة نيابة عن المجلس، بمثابة عمل عدواني غير قانوني.

وأكد 13 عضوا من أصل 15 في مجلس الأمن الدولي، ان خطوة واشنطن هذه باطلة، متوقعين أن عددا محدودا من الدول ستعيد فرض تلك العقوبات التي كانت قد رفعت بموجب الاتفاق النووي مع إيران عام 2015.