وصفه باليوم التاريخي.. لماذا كان الخائن السيسي أول المرحبين بالتطبيع البحريني؟

- ‎فيتقارير

كان قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي أول المرحبين بانضمام البحرين إلى اتفاق التطبيع الإماراتي مع الكيان الصهيوني، وهو ما يجدد التأكيد على الدور الوظيفي لنظام العسكر في مصر باعتباره رأس حربة لفرض التطبيع على العالم العربي والتمهيد لدخول المنطقة مرحلة الأسرلة أو الصهينة إيذانا بإعلان الكيان الصهيوني القوة الإقليمية الكبرى في المنطقة.

وغرد رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي عبر "تويتر": "تابعت باهتمام بالغ البيان الثلاثي الصادر من الولايات المتحدة الامريكية والبحرين وإسرائيل بشأن التوافق حول إقامة علاقات دبلوماسية بين مملكة البحرين وإسرائيل، وإذ أثمن هذه الخطوة الهامة نحو إرساء الاستقرار والسلام في منطقة الشرق الأوسط وبما يحقق التسوية العادلة والدائمة للقضية الفلسطينية أتقدم بالشكر لكل القائمين علي تنفيذ هذه الخطوة التاريخية".

التطبيع مع الكيان الصهيوني في هذه المرحلة التي يجري فيه فرض ما تسمى بصفقة القرن التي تتبناها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي ينتمي إلى اليمين المتطرف والتي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية يراها قائد الانقلاب خطوة تاريخية نحو إرساء الاستقرار والسلام في منطقة الشرق الأوسط وبما يحقق التسوية العادلة والدائمة للقضية الفلسطينية! فكيف تكون كذلك وهي إقرار بالهيمنة الصهيونية؟

السيسي يدرك جيدا ماذا يقول وماذا يفعل، فهو أول من تكلم عن مصطلح "صفقة القرن" عندما تعهد للرئيس الأمريكي في أول زيارة لها إلى واشنطن في إبريل 2017م بعد فوز ترامب بالرئاسة، بأنه يتعهد بأن يكون عرَّابا لصفقة القرن؛ وبالتالي فإن السيسي على يقين كامل بأن دوره هو تطويع مصر والمنطقة كلها لتكون تحت أقدام الصهاينة والأمريكان مقابل ضمان بقاء هذه الأنظمة القمعية على رأس السلطة في بلادنا.

السيسي إذا يقوم بالدور الوظيفي المطلوب  منه وهو ضمان المصالح الأمريكية والإسرائيلية والغربية عموما وضمان وأد أن توجهات مصرية وعربية نحو الإسلام أو الديمقراطية حتى تبقى المنطقة متخلفة على الدوام رجعية باستمرار  لضمان التفوق الصهيوني والهيمنة الأمريكية.

ترحيب السيسي بالتطبيع البحريني هو امتداد لترحيبه بالتطبيع الأماراتي من قبل وهو لون من التطبيع يختلف كليا على نماذج التطبيع السابق، ويمثل  انعكاسا لوضوح أولوية العديد من الأنظمة العربية خلل السنوات الأخيرة، ممثلة في مواجهة مطالب الإصلاح و"الربيع العربي"، والصدام مع جماهير الأمة، ولذلك كان من الطبيعي أن يذهب البعض إلى أمريكا والصهاينة بحثا عن الدعم والشرعية. وبالتالي، فالاتفاق الإماراتي البحريني الصهيوني، يأتي تتويجا لهذه الحالة من خلال الأولويات، لا سيما بعد أن تم وضع تركيا كعدو رقم واحد (كونها داعمة لربيع العرب والإسلام السياسي)، تليها إيران. وكان طبيعيا والحالة هذه أن يذهب أصحاب هذا المنطق إلى الصهاينة بحثا عن الدعم والشرعية.

من جهة ثانية، هذا اللون من التطبيع  يختلف جوهريا عن سابقه، من حيث إنه يأتي بعد كشف أوهام السلام، ووضوح الصهاينة في كشف حقيقة سقفهم السياسي في الحل، بدليل أن التبرير الذي طرح للاتفاق هو تعليق مخطط الضمّ لأجزاء من الضفة الغربية، وذلك بعد الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان، والاعتراف بالاستيطان وشطب قضية اللاجئين. وحتى هذا التبرير؛ لم يُسمح به صهيونيا، إذ أعلن نتنياهو أن الضمّ قادم، وكذلك فعل صبي ترامب (كوشنر)، وكأن الصهاينة يستخفون بمن وقّع معهم، وهم دائما يفعلون ذلك على كل حال.

أما الجانب الثالث لاختلاف هذا التطبيع عن سواه، فيتمثل في أنه لا يأتي بحثا عن السلام وأوهامه، لأن أوهامه انكشفت تماما، بل يأتي في سياق من تصفية القضية وفق المعطيات الجديدة، فضلا عن أنه يهيل التراب على المبادرة العربية التي جعلت الحل سابقا على التطبيع. وبالتالي فهو تطبيع يمهّد الطريق أمام حل تصفوي للقضية يرى الصهاينة أنه ممكن في ظل الحريق الراهن في المنطقة، وفي ظل الأولويات الجديدة للأنظمة التي تورطت وستتورط فيه. ولعل هذا ما دفع نتنياهو إلى التباهي بنبرة ملؤها الغطرسة مؤكدا أن قاعدة "السلام مقابل الأرض" قد ولى زمانها، وأن الاتفاق الإماراتي يدشن مرحلة جديدة وفق قاعدة جديدة "السلام مقابل السلام"، ولم تعد "إسرائيل" في حاجة إلى التخلي عن أراض عربية مقابل السلام ؛ فالتطبيع مع العرب يجري دول حل القضية الفلسطينية ودون الخروج من الأراضي المحتلة. وهو ما يمثل إنجازا عظيما لنتنياهو وحكومته.

هكذا نكون أمام مشهد خيانة لقضية الأمة المركزية، وليس مجرد تطبيع كالذي شهدناه من قبل، ويكفي أن تصف قيادة السلطة الفلسطينية الأمر على هذا النحو، وهي الوالغة في بيع الوهم، والتعاون الأمني مع العدو، حتى ندركه على حقيقته.