«يوم التفاخر».. هل مضى زمن الطغاة الذين يخجلون من إظهار عمالتهم للغرب والصهاينة؟

- ‎فيتقارير

تأتى بريطانيا في مقدمة الدول النشطة في مجال التجسس، ونجحت بالفعل في تجنيد عملاء احتلوا مناصب كبرى في بلادهم، ومنهم رؤساء وقادة وملوك في المنطقة العربية، ومن استعصى على بريطانيا تجنيده ألقته إلى وريثتها أمريكا، مثل عبد الناصر الذي كان يلقب عند الأمريكان بالعميل الذكي، لأنه لم يكن عميلا مباشرًا للأمريكان، كما قال الدكتور “دلس” وزير الخارجية الأمريكي .

وربما لو أفرجت بريطانيا عن وثائق تجنيد الملوك والرؤساء لرأى العرب العجب العجاب، وانفكت طلاسم مواقف يصعب تبريرها لحكام وطغاة مروا على جثث الشعوب، وذلك لأن معظم الملوك والرؤساء العرب كانوا عملاء وجواسيس للغرب، وساعدوا بشكل أو بآخر في تنفيذ مخططاتهم فى توسيع كيان العدو الصهيوني.

تحت رحمة الإنجليز

وبعد أن دخلت حكومات دول سايكس بيكو العربية حرب 1948م ضد العدو الصهيوني، لم يكن ملوكهم ورؤساؤهم سوى مجموعة من الجواسيس والعملاء، والدليل على ذلك أن الملك فاروق، ملك مصر، كان يسير تحت رحمة الإنجليز، وملك الأردن كان مملوكا لبريطانيا، وأن الحرب التى قامت بها الجيوش العربية لم تكن إلا تمثيلية هزلية لإسكات الجماهير العربية، التي كانت تنادى أن الجيوش العربية ذهبت لتحارب من أجل “إغراق إسرائيل ومن ورائها فى البحر”!.

وظل الحكام والطغاة أصحاب الانقلابات موزعين في جدول الجواسيس والخونة بين بريطانيا وأمريكا، فكان عبد الكريم قاسم العراقي والذي قاد انقلاب 14 يوليو عميلًا لبريطانيا، وملك الأردن والسعودية كانا عميلين أيضا لبريطانيا، وجمال عبد الناصر كان عميلا للأمريكان وسمي بالعميل الذكي.

ولم يسلم الرئيس الراحل محمد أنور السادات من تهمة الخيانة هو الآخر، بعد أن ذهب إلى الكنيست الصهيوني، وخان دماء المصريين وسلم القدس والضفة وأم الرشراش، والمنطقة العربية بأسرها للأمريكان على طبق من فضة، وغير ذلك من الحقائق عن خيانة الملوك والرؤساء العرب لبلادهم.

ويبقى سؤال: لماذا يخون الطغاة بلادهم وأوطانهم؟ ولماذا يقبضون مقابل هذه الخيانة أموالا، وهل هم فعلا يحتاجون إلى هذه الأموال؟ ومن جملة هذه الخيانة ما تفاخر به وزير الطاقة في كيان العدو الصهيوني، يوفال شتاينتز، والذي قال إن “إسرائيل” ستبدأ تصدير الغاز إلى عصابة الانقلاب بمصر “خلال أشهر قليلة”، في خطوة رئيسية تهدف إلى بيع “إسرائيل” إنتاجها من الغاز في الخارج.

وأضاف شتاينتز أن من المتوقّع أن تصل صادرات الغاز الإسرائيلية لعصابة الانقلاب إلى 7 مليارات متر مكعب سنويًا على مدى 10 سنوات، مضيفا أن من المنتظر استخدام نصف الصادرات تقريبًا في السوق المحلية المصرية، على أن يتم تسييل النصف الآخر لإعادة تصديره.

وأوضح شتاينتز، وهو أول وزير طاقة إسرائيلي يزور مصر منذ ثورة يناير 2011، أن “تصدير إسرائيل للغاز الطبيعي إلى العالم العربي، وكذلك إلى أوروبا، أمر كان يبدو حلما أو خيالا منذ 10 سنوات أو 15 عاماً فقط”.

عار تاريخي

وستأتي صادرات الغاز من “إسرائيل” إلى عصابة الانقلاب بموجب اتفاق تاريخي لتصدير الغاز الطبيعي بقيمة 15 مليار دولار، أُعلن عنه في فبراير 2018، وفي سبتمبر الماضي اشترت شركات إسرائيلية وأخرى تابعة لعصابة الانقلاب حصة نسبتها 39% في خط أنابيب شرق المتوسط؛ لتمهّد الطريق أمام بدء تنفيذ الصفقة.

وقال الشركاء في حقلي الغاز البحريين “تمار” و”لوثيان”، إنهم سيورّدون نحو 64 مليار متر مكعب من الغاز إلى شركة “دولفينوس” القابضة المصرية الخاصة على مدى 10 سنوات، في إطار الصفقة، وشركة “دولفينوس” لا وجود لها على الأرض وإنما غطاء لعصابة الانقلاب.

في المقابل أثار الاتفاق جدلاً في الأوساط المصرية بشأن جدوى استيراد الغاز من “إسرائيل”، في الوقت الذي بدأت فيه عصابة الانقلاب بمصر الإنتاج بالفعل من حقلها البحري “ظُهر” في 2015، الذي يحوي احتياطيات تقدَّر بثلاثين تريليون قدم مكعبة من الغاز، ويُعدّ أكبر حقل غاز في البحر المتوسط، وأحد أكبر اكتشافات الغاز العالمية في السنوات الأخيرة.

وكانت مصر تبيع الغاز لـ”إسرائيل” من قبل، لكن الاتفاق انهار في 2012؛ بعد هجمات متكرّرة شنّها مسلحون على خط الأنابيب في شبه جزيرة سيناء المصرية، ومهّد برلمان الدم للصفقة الأضخم مع “إسرائيل”؛ بموافقته النهائية في 5 يوليو 2017، على مشروع قانون مقدّم من حكومة السفيه عبد الفتاح السيسي، يسمح لشركات القطاع الخاص باستيراد الغاز الطبيعي وتسويقه وبيعه في السوق المحلية.

وحمًل السياسي والبرلماني المصري السابق، جمال حشمت، حكومات العسكر المتتابعة في عهدي المخلوع مبارك والسفيه السيسي، مسئولية التفريط في حدود البلاد البحرية، وثرواتها الطبيعية.

وقال حشمت: “قضية الغاز إحدى القضايا التي تورط فيها النظام العسكري المصري منذ أيام مبارك حتى السيسي”، وأشار إلى “المغالطة في رسم الحدود المائية في عهد الأول، وتوقيع عدة اتفاقيات ضيعت الحدود المصرية لصالح اليونان والكيان الصهيوني في عهد الثاني”.

وأوضح حشمت، أنه “تم وقف التنقيب لصالح مصر، وانسحبت شركة شل ليبدأ الكيان الصهيوني بسحب الغاز لصالحها؛ لذا هي وجدت من الإذلال لمصر أن تبيع لها الغاز المصري المسروق وبسعر أعلى من السوق العالمية، وهذا لا يفعله إلا الخونة والعملاء من أمثال السيسي”.