شاهد.. “شيوخ التتار” يحرمون الثورة على “هولاكو العسكر”

- ‎فيأخبار

كتب – هيثم العابد

مع تفاقم فاشية التتار فى ديار الإسلام وارتكاب المجازر وشيوع الفساد وتساقط الدول الإسلامية تحت "مجنزرات" خرج شيوخ السلاطين لتقديم قرابين الولاء والإذعان للمتغلب بالسلاح الكافر على حساب انتفاضة الأحرار، ومباركة خطوات الحاكم المتواطئ تحت لافتة "حرمة الدم"، فيما بقي التاريخ يحفظ جميل سلطان العلماء العز بن عبد السلام فى تحريض الحاكم واستنفاره لملاقاة التتار الزاحفين، وجمع الأموال من الرّعية للإعداد للحرب ورفض الانبطاح أمام دولة الدماء ومذابح "العسكر".

وما أشبه اليوم بالبارحة، وإن كان النصاب قد اختل والبوصلة قد انحرفت ولم يعد الأمر يتعلق بمواجهة عدو خارجي عاث فى الأرض فسادا وأهلك الحرث والنسل من أجل الاستيلاء على السلطة وترسيخ أركان حكمه على أشلاء الأحرار والبسطاء، وإنما بات من يفترض فيه حماية الوطن هو من ينقلب على استقراره ويستلب شرعيته المنتخبه ويجثم على صدور الشعب على وقع الرصاص والقمع.

إلا أن حال شيوخ "التتار" لم يتغير، بل تفاقم الأمر وتجاوز حدود خلط الدين بالسياسة إلى مراحل فاشية من تحريف الكلم عن مواضعه من أجل تأليه قائد الانقلاب وتنزيه الحكم العسكري عن كل نقيصه وتبرير جرائمه، وإصدار فتواي شرعية من مؤسسة دينية رسمية تزعم أن الخروج عليه أو دعوات التظاهر لإسقاطه "حرام شرعا".

فتوي علماء السلطة ومعممو أزهر "الطيب" وأوقاف "جمعة" قديمة جديدة، فقد انطلقت دون تحريف أو زيادة أو نقصان مع ثورة 25 يناير بتحريم الخروج على المخلوع، واتهام الثوار بدعاة الفوضي والبلطجية والمأجورين وعملاء الأجندات الخارجية، قبل أن يباركوا الثورة بعد الإطاحة بمبارك وعصابة حزبه المنحل، إلا أن ذات العمائم التى لم تنكر الدم فى كافة محطات العسكر عادت لتطلق ذات الفتاوي مع اقتراب العد التنازلي للذكرى الخامسة لملحمة ميدان التحرير.

وكعادته فى التسارع إلى تقديم قرابين الولاء والتصاغر تحت بيادة العسكر، شن محمد مختار جمعة -وزير أوقاف السيسي- هجوما حادا على دعوات التظاهر في ذكرى 25 يناير، قائلا: "دعوات هدامة لن تفلح ومن يدعو لها لا يريدون الاستقرار للبلاد خاصة أن البلاد في حاجة للتآلف والتعاون بين جميع أفراد الشعب للنهوض بها".

وتجاهل مخبر الأمن الوطني فى وزارة الأوقاف استنكاره السابق لخلط الدين بالسياسة، ليشدد -خلال زيارته محافظة الشرقية لافتتاح مسجد بكفر صقر- أن استقرار البلاد ضرورة شرعية ووطنية ما يستوجب التوحد ووقوف جميع أفراد الشعب خلف مؤسسات الدولة وصولا بها لبر الأمان، معتبرا دعوات التظاهر أفكار ضالة تستوجب على وزارته الأمنية مواجهتها وتفكيك الفكر المتطرف والتصدي لدعاة الفوضى.

ولم يخرج صبرى عبادة -مستشار وزير الأوقاف- عن القطيع، ليدافع بداية عن تصريحات مختار جمعة فى كوميديا سوداء حيث اعتبرها حرية شخصية ولا تعتبر خلط للدين بالسياسة، مشددا على أن "الدعوة للتظاهر فى ذكرى ثورة 25 يناير بعد انتخاب رئيس الجمهورية ومجلس النواب حرام شرعا".

وأضاف عبادة أن "جميع المصريين عندهم قناعة تامة أن الخروج اليوم على الحاكم مخالف للشريعة الإسلامية، وبلاش إراقة دماء من دعاة الحرية والرأى دول بلطجية وحرام نقطة الدم اللى هتنزل، وخلينا نبنى بلدنا وفقا للشريعة والدين الإسلامى".

تصريحات ثنائي الأوقاف لم تخرج عن إطار تحريم التظاهر على الحاكم تحت لافتة "استقرار البلاد"، إلا أن عبد الحكم سلامة خطيب مسجد الحسين، قرر تجاهل دعوات الثورة لتنزيه الحاكم الفاشي والتأكيد على أنه ظل الله فى الأض، ليستثمر منبر رسول الله فى تطويع الأيات والأحاديث لتقديس قائد الانقلاب العسكري.
ودخل سلامة فى وصلة من النفاق الفج من فوق المنبر، مشددا على أن عبدالفتاح السيسي هو ظل الله في الأرض ولا يجب الخروج عليه، ومن يفعل ذلك فهو ملعون، ليسوق بعدها حزمة من الاستشهادات للتدليل على قدسية الحاكم، قبيل أن يزعم أن الامتثال لدعوات التظاهر المضرة بالأمن ليس من صحيح الإسلام.

شاهد خطبة الجمعة

ولن الحديث عن مشايخ السلاطين لا يمكن أن يمر دون رأي مفتي الانقلاب وعراب قتل المصريين علي جمعة، حيث قرر "صاحب برنامج الله أعلم" عدم التخلف عن القطيع، مؤكدا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حرّم عصيان "السيسي" في أوامره، بقوله: "من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع الأمير فقد أطاعني ومن عصى الأمير فقد عصاني".

واعتبر جمعة –مفتي مجزرة رابعة العدوية- أن لفظ "الأمير" فى حديث رسول الله ينطبق على قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، مؤكدا على أنه يجب طاعته وعدم عصيانه، والافتئات على الإمام حرام ويستوجب العقوبة.

ولأن الشيوخ الانقلاب باركوا تحركات العسكر ضد السلطة المنتخبة بإرادة الأمة وكفروا بتحركات الشعب ضد فاشية السيسي، كان من الطبيعي أن يصبح السيسي رسولا مبعوثا من عند الله مثل نبي الله موسي كما قال سعد الهلالي عضو مجمع البحوث الإسلامية، وأن يزاحم خالد بن الوليد فى الجرأة والفروسية حسب قول أحمد كريمة، ومن يدري ربما يخرج من بين أصلاب الانقلاب من يردد ما قاله فرعون فى شعب مصر "أنا ربكم الأعلي".. ويبقي الميدان عصيا عن الكسر وفى انتظار الأحرار لإسقاط الحكم العسكري.