شاهد.. إسراء الطويل لست وحدك.. مأساة “هند ورشا” تفضح جرائم العسكر ضد الحرائر

- ‎فيتقارير

كتب – هيثم العابد

ركز الإعلام عدساته بمختلف توجهاته على انهيار المصورة الصحفية إسراء الطويل عقب قرار محكمة الانقلاب بتجديد حبسها 45 يوما دون اعتبار لحالتها الصحية جراء إصابتها بطلق ناري أعجزها عن الحركة، إلا أنه تجاهل مئات الحالات خلف أسوار الانقلاب تفضح جرائم العسكر بحق حرائر الوطن.

«رشا وهند منير» أسماء فى دفتر جرائم الانقلاب تجسد الواقع الفاشي الذى يلاحق الحرائر داخل الأسوار دون أن تسلط الكاميرات على صمودهما داخل الزنازين، على الرغم من مرور أكثر من 800 يوم.

رهن الاعتقال دون مراعاة لمعاناتهما الطبية وفى ظروف حبس مأساوي، فى انتظار محاكمة عدالة على اتهامات ملفقة تتنافي مع الواقع والمنطق.

معاناة الشقيقتين لا تقل عن مأساة إسراء الطويل التى شغلت الرأي العام فى الأيام الأخيرة الماضية؛ حيث تقبع هند «37 عاما» داخل المعتقل بعيدا عن أطفالها الثلاثة «يوسف (8 سنوات)، وتقى (9 سنوات)، وفاطمة (5 سنوات)»، بينما تكابد رشا «32 عاما» من متاعب فى القلب تتفاقم يوميا فى ظل تعنت سلطات الانقلاب بمنع الأدوية والعلاج عنها وحرمانها من العرض على الأطباء ما يهدد حياتها.

ولم تتوقف مأساة رشا عند حدود مرض القلب، بل زادت أوجاعها بحرمانها من أطفالها «ملك (7 سنوات)، وبسملة (6 سنوات)»، قبل أن يقصم العسكر ظهرها بعدم قدرة زوجها على تحمل قمع مليشيا السيسي فى طابور الزيارة ليصاب بسكتة قلبية أودت بحياته على الفور.

ورفضت إدارة المعتقل السماح لـ"رشا" بإلقاء نظرة الوداع على زوجها، رغم وفاته في أثناء زيارتها داخل السجن، لتكتمل ملامح المشهد المأساوي، بأم مكلومة تجاوزت الـ60 من عمرها فى بناتها المعتقلات، ومحاولاتها المضنية لرعاية 5 أطفال فى عمر الزهور.

مذبحة "الفتح"
وكانت سلطات الانقلاب قد ألقت القبض على "رشا وهند منير" فى أحداث مسجد الفتح عقب مذبحة فض اعتصامي رابعة والنهضة، فى 16 أغسطس 2013، بتهم ملفقة تتمثل فى حيازة أسلحة وذخائر دون ترخيص، وخرق حظر التجوال، واستعراض القوة، والانضمام لجماعة محظورة، لينضما إلى المئات من الحرائر فى قبضة مليشيا العسكر.

وأكمل شامخ الانقلاب جريمة العسكر بحق الشقيقتين، فقضت محكمة جنايات القاهرة بالحكم عليها فى 6 أغسطس الماضي، وبعد عام من المحاكمات التى افتقد فى مساراتها العرجاء للعدالة، بالسجن المؤبد.

وعقب صدور الحكم الجائر، أعلنت المعتقلتان فى سجون الانقلاب الدخول فى إضراب عن الطعام عقب صدور الحكم بالسجن المؤبد، وأكدتا -في بيان لهما- "نعلن نحن رشا منير وهند منير، الصادر بحقنا حكم بالسجن المؤبد (25 عامًا) والمعتقلات بسجن القناطر منذ الـ 16 من أغسطس 2013؛ بدء إضراب كامل عن الطعام منذ الجمعة 8 من أغسطس 2014".  

وأضاف البيان: "يأتي إضرابنا هذا رفضًا للحكم الجائر الصادر بحقنا ونحن أمهات لأطفال لم يجاوز أحدهم العاشرة، تيتم أبناء إحدانا بعد وفاة زوجها في طابور انتظار الزيارة ويحرم أبناء الأخرى من أبيهم بسبب الملاحقات المستمرة له".

وقال: "لقد خرجنا إلى الشارع في الـ 16 من أغسطس للتعبير عن آرائنا ورفض الظلم والقتل والعدوان وما ذلك بجريمة".

وتابع: "وعليه؛ يأتي إضرابنا رفضًا للتهم التي اتهمنا بها زورًا وهي: الاعتداء على المواطنين وإرهابهم وحيازة أسلحة نارية (بنادق آلية) في حقائب أيدينا؛ وهي التهم التي نتبرأ منها تمامًا وننفي أي علاقة لنا بها".

واختتم البيان: "نعلن الآن بدء إضرابنا المفتوح والكامل عن الطعام ونؤكد عدم تخلينا عن موقفنا أو تراجعنا عن الإضراب حتى إسقاط هذا الحكم الظالم الصادر بحقنا وتحقيق حريتنا. والله الموفق والمستعان".

وبعد عام آخر من المعاناة، قررت محكمة النقض فى يوليو المنصرم، إلغاء الحكم الصادر من رئيس نادي القصاة السابق المستشار زكريا عبد العزيز، بمعاقبة الشقيقتين "بالسجن المؤبد، وقررت إعادة محاكمة المعتقلتين من جديد أمام دائرة محكمة جنايات غير التي عاقبتهما سابقًا، لينتظرا إعادة المحاكمة الشهر الجاري.

شيرين -شقيقة هند ورشا- تؤكد أنها لم تفاجئ بالحكم لأنهم يعرفون جيدا كيف هو حال القضاء، ووصفت الحال الذى تعيشه الأسرة بـ"الكارثة" حيث يعتقل الأمن 4 من أفراد الأسرة بينهم ابنها طالب الثانوي الذى يخفي الأمن مكان احتجازه، وشقيقها أحمد منير، فضلا عن وفاة زوج أختها فى طابور الزيارة.

وتابعت: "القضاء يصدر أحكاما سياسية، تأتي له من السلطة"، مشيرة إلى أن سائق السيارة التي كانت تقل رشا وهند والمعتقلة الثالثة أماني حسن وشقيقها أمير حصل على حكم بالبراءة، على الرغم من أن المحكمة اعتبرت أن الأسلحة تم نقلها عبر سيارته.

وأكدت شيرين أن معاناة شقيقتيها لا تقل عن معاناتها فى البحث عن ابنها المعتقل الذى لا تدري شيئا عن مكان احتجازه، وهل لا يزال على قيد الحياة أم لاقى حتفه؟، معقبة: "مش هقدم بلاغ للنائب العام ولا زفت، كلها منظومة فاسدة، بيبهدلوا عيالنا ونساءنا، مش عارفين ننزل من بيوتنا، احنا دلوقتي فى غابة، وأفوض أمري إلى الله.. حسبنا الله ونعم الوكيل".

مأساة إسراء الطويل ومن قبلها رشا وهند منير، وبينهما وخلفهما المئات من الحرائر الأسيرات فى سجون الانقلاب يكابدن كافة ألوان العذاب والتنكيل والانتهاك والاغتصاب والموت البطيء، لم يرحم شيخوختهم شامخ الانقلاب فحكم بالإعدام على الحاجة سامية شنن، ولم يلتفت إلى أمومتهم فانهال بالمؤبد والمشدد على العشرات، لتبقى نساء مصر أيقونة ثورية عجز العسكر عن كسرها وفضحت عجز المنبطحين والمتنطعين على عتبات الجنرال من أشباه الرجال.

واقرأ أيضا:

بعد اعتقال 13 حرة واستشهاد 5 أحرار.. صمود "البصارطة" يستفز الانقلاب

حرائر في سجون العسكر .. جريمة لم يرتكبها حتى الاحتلال الفرنسي 

"أسورة حديد".. حملة لإنقاذ "91 حرة" داخل سجون العسكر