كتب رانيا قناوي:
شبه الكاتب الصحفي وائل قنديل خطاب عبدالفتاح السيسي أمس الخميس، في آخر شطحاته، بأنه يمشي على خطى تيودور هيرتزل، وينقل حرفياً من عقيدة "الترانسفير"الصهيونية، مشيرا لزيادة القمع بالتزامن مع خطابه من خلال قتل شاب بسيط، في إحدى قرى الوجه البحري، على يد الشرطة، عياناً بياناً، واصطياد شباب من مقاهي وسط القاهرة، جلهم من الناشطين السياسيين، خرجوا للتو من أقبية الحبس الاحتياطي، بينهم معتقل التيشيرت الذي دخل المعتقل طفلاً، وخرج شاباً محطماً، بحاجة لجراحة عاجلة في المفصل.
وأشار قنديل -خلال مقاله بصحيفة "العربي الجديد" اليوم الجمعة- لمداهمة مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، وغلقه، بالشمع الأحمر، في اللحظة ذاتها كان عبدالفتاح السيسي، يظهر أنيابه ومخالبه، معلناً في ندوة تثقيفية للقوات المسلحة، أنه لا مكان في مصر لأصحاب الفكر السياسي والديني، الذي يخالف تلمود الجنرال.
وقال السيسي "أي شخص ينتمي لأي تيار سياسي أو ديني أو طائفي معلش يستريح شوية، ولو اكتشفنا شخص بالنوع ده هنبعده، ليس فقط من الجيش والشرطة بل من الدولة المصرية ككل، لأنه يركز على خدمة مصالحه وانتماءاته".
وقال قنديل إن في هذه النقطة، تحديداً، يبدو السيسي وكأنه ينقل حرفياً من تراث العقيدة الصهيونية، فيما يخص منهج "الترانسفير" القائم على سياسات الاقتلاع والإبعاد والترحيل والتهجير القصري، لكل "الأغيار" بمعيار تلمود العنصرية والإقصاء، في سبيل ترحيل أهل فلسطين وتوطين اليهود مكانهم، وفي ذلك يحتفظ أرشيف الحركة الصهيونية بكلمات مؤسسها تيودور هرتزل الذي قال قبل نحو 122 عاماً"سنحاول طرد المعدمين -العرب- خارج الحدود بتدبير عمل لهم هناك، وفي نفس الوقت سنمنعهم من العمل في بلدنا".
وأكد أن السيسي يتفوق على موسوليني عندما يذهب بالفاشية إلى ما هو أبعد، حيث دولته لا تشمل جميع القيم وتوحدها، وإنما تحرق وتبيد وتقتلع كل قيمة، وكل فكر، لا يوافق أفكار وقيم الزعيم، ومن حوله من وحوش آدمية، من نوعية ذلك الـ"طارق حجي" وهذا "البكري" ومن لف لفهما في الدعوة إلى محرقة لكل معارضي دولة السيسي، وقيمها وقوانينها، المستمدة مما أسماه أستاذ الفلسفة إمام عبد الفتاح إمام، في كتابه"الطاغية"ديمقراطية "التحسس"، بمعنى أن القائد الزعيم الملهم يتحسس "مطالب الجماهير"، ويصدر بها قرارات وقوانين. ولما كان الشعب دائماً على حق، فإن الزعيم المعبر عن إرادة الشعب هو أيضا دائما على حق.
وتابع: "على إيقاع هذه الأصوات الموغلة في دمويتها، تدور عملية ارتهان الشعب في حضّانات الخوف، بمداعبة غرائز الوطنية الزائفة، واستثارة مناطق الرعب، فيعلن السيسي، لأول مرة، عن خطوات للإقصاء والتطهير داخل المؤسسة العسكرية، لكي يحمي الشعب من"أهل الشر ومخططات تدمير الدولة" إلى آخر هذه القائمة من حواديت الرعب التي لا يمل من استعمالها لمداراة فشله وتعثره وبلادته".
واختتم قنديل مقاله قائلا: "يستخدم السيسي هذا المناخ المعبأ بغبار الفاشية المتصاعد، للتغطية على جريمة نظام أصابه السعار، راح يصادر ممتلكات معارضيه وأموالهم، ثم يشرع في إجراءات نفيهم وإبعادهم، بحجة حماية الوطن من خطر التدمير، وحماية المواطن من الإرهاب، في تطابق كامل مع ما تقوم به سلطات الاحتلال الصهيوني وصولاً إلى "الأسرلة الكاملة" لفلسطين، من خلال مشروع تغيير"ديموغرافي" يمضي بسرعته القصوى".