في الذكرى الـ32 للمجزرة.. “صبرا وشاتيلا” جريمة لن تسقط بالتقادم

- ‎فيعربي ودولي

تحت جنح الظلام، ليلة السادس عشر من سبتمبر عام 1982، حدثت واحدة من أكبر وأكثر جرائم العصر وحشية ودموية في العصر الحديث، إنها مجزرة صبرا وشاتيلا.

فقبل اثنين وثلاثين عاما، أخذت آليات عسكرية تجوب شوارع مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وفي تلك المركبات جلس أكثر الناس وحشية ودموية ، كانوا مقنعين ومدججون بالسلاح، وذلك لتوفير الحماية لمئات من القتلة.

أعدت خطة اقتحام مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين حول بيروت منذ اليوم الأول لغزو لبنان عام 1982، وذلك بهدف إضعاف مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في بيروت ودفع الفلسطينيين إلى الهجرة خارج لبنان.

 

قبل غروب شمس يوم الخميس 16-9-1982 بدأت عملية اقتحام المخيمين، واستمرت المجزرة التي نفذتها مليشيا الكتائب اللبنانية وجنود الاحتلال الصهيوني حوالي 36 ساعة، كان جيش الاحتلال خلالها يحاصر المخيمين ويمنع الدخول إليهما أو الخروج منهما، كما أطلق جنود الاحتلال القنابل المضيئة ليلا لتسهيل مهمة الميليشيات، وقدم الجنود الصهاينة مساعدات لوجستية أخرى لمقاتلي المليشيا المارونية أثناء المذبحة.

 

أتت المجزرة بعد يوم من اجتياح القوات الصهيونية بقيادة وزير الحرب الصهيوني وقتئذ أرييل شارون غرب بيروت وحصارها المخيم بناء على مزاعم بأن منظمة التحرير التي كان مقاتلوها قد غادروا لبنان قبل أقل من شهر خلفوا وراءهم نحو ثلاثة آلاف مقاتل في المخيم. 

 

قتل واغتصاب الآلاف

 

 

وقامت الميليشيات في أيام الخميس والجمعة والسبت (16و17و 18 سبتمبر) بعمليات قتل واغتصاب وتقطيع جثث طالت النساء والأطفال والشيوخ بصورة رئيسية، امتدت إلى مستشفيي عكا وغزة القريبين لتشمل طواقمهما من الممرضات والأطباء، إضافة إلى عائلات لبنانية تقيم في صبرا وحرج ثابت القريب. 

 

عمليات القتل التي كشف عنها النقاب صبيحة السبت تمت، حسب المعطيات المجمع عليها، بإشراف ثلاث شخصيات رئيسية هي وزير الجيش الصهيوني أرييل شارون، ورئيس الأركان رافائيل إيتان، ومسئول الأمن في القوات اللبنانية إيلي حبيقة. 

 

ولم يعرف الرقم الدقيق لضحايا المجزرة، لكن فرق الصليب الأحمر جمعت نحو 950 جثة، فيما أشارت بعض الشهادات إلى أن العدد قد يصل إلى ثلاثة آلاف، لأن القتلة قاموا بدفن بعض الضحايا في حفر خاصة. 

 

لجنة تحقيق

 

 

وأثار الكشف عن المجزرة ضجة في أنحاء العالم وفي الكيان الصهيوني، مما دفع حكومة رئيس الوزراء آنذاك مناحيم بيغن إلى تشكيل لجنة تحقيق خاصة عرفت بلجنة كهان. 

 

وخلصت اللجنة بعد شهور إلى أن شارون المعروف بمسئوليته المباشرة عن مجازر سابقة كقبية (1955) ولاحقة كمخيم جنين (2001) مسئول بشكل غير مباشر عن صبرا وشاتيلا، لأنه وجه المليشيات اليمينية.

 

واضطر شارون للاستقالة من منصب وزير الحرب وتوارى عن المسرح السياسي لسنوات، لكنه عاد مطلع عام 2001 أقوى مما كان عندما فاز حزبه في الانتخابات وأصبح رئيسا للحكومة، غير أن مسئولية شارون عن المجزرة بقيت تطارده خارج الكيان الصهيوني. 

 

وتبقى صورة المجزرة وجثث مئات الأطفال والنساء والشيوخ المترامية في شوارع ومنازل ومدارس ومستشفيات المخيم مخيمة على ذاكرة الفلسطينيين للعام الثاني والثلاثين على التوالي، تذكرهم ببشاعة الاحتلال الذي لا يميز بين صغير وكبير، أو شيخ وطفل وامرأة.

 

 

اثنان وثلاثون عاماً مرت على المجزرة ولم يجرؤ المجتمع الدولي على ملاحقة الصهاينة المجرمين الذين خططوا لها وسهلوا تنفيذها والذين كان من بينهم من واصل ارتكاب جرائم القتل والإبادة ضد أبناء الشعب الفلسطيني خلال انتفاضتيه الأولى في عام 1987 والثانية في عام 2000 وخلال الاعتداءات العسكرية الصهيونية الإجرامية على قطاع غزة في الأعوام 2007 و 2008 و 2010 و 2014 وفي مقدمهم آرئيل شارون، إلا أن جميع المراقبين يؤكدون أن مجزرة صبرا وشاتيلا جريمة لا تسقط بالتقادم.