تكتل سعودي جديد في منطقة البحر الأحمر.. بوابة للتطبيع ومآرب أخرى

- ‎فيعربي ودولي

في محاولة للسيطرة على منطقة البحر الأحمر وخليج عدن، يسعى النظام السعودي إلى  تشكيل تحالف جديدة مع 6 دول كلها تطل على البحر الأحمر، وهي المنطقة التي تشهد  تنافسًا إقليميًّا محمومًا بين تحالف الثورات المضادة ممثلا في السعودية والإمارات ومصر  وإسرائيل، ومحور دعم الربيع العربي ممثلا في تركيا وقطر، كما تسعى إيران إلى أن يكون لها دور محوري وموضع قدم في البحر الأحمر عبر دعم مسلحي جماعة الحوثي باليمن.

والتقى ممثلون عن مصر وجيبوتي والصومال والسودان واليمن والأردن في الرياض، أمس الأربعاء 12 ديسمبر 2018، لبحث المبادرة لتأسيس «مجلس الدول المشاطئة على البحر الأحمر وخليج عدن»، دون التوصل إلى اتفاق نهائي، وسط توقعات باجتماع آخر يضم فريقًا من الخبراء «قريبًا» في القاهرة لإجراء محادثات فنية، واعتذر عن الحضور كل من إريتريا وإثيوبيا.

ويشهد البحر الأحمر صراعًا دوليًّا في الوقت الراهن، في ظل تصارع عدد من القوى الكبرى على إقامة قواعد عسكرية واستخباراتية لها على الشواطئ المطلة على البحر الأحمر والقرن الإفريقي، إذ تتواجد في المنطقة قواعد أمريكية، وصينية، ويابانية، وفرنسية، وتركية وإسرائيليّة. وأثارت الخطوة السودانية أخيرًا بمنح تركيا حق تطوير جزيرة سواكن المطلة على البحر الأحمر في مواجهة السواحل السعودية، استفزاز التحالف الذي يضم مصر والسعودية والإمارات والبحرين؛ بسبب تعاظم النفوذ التركي في تلك المنطقة، وسط صراع إقليمي بين أنقرة وأبو ظبي على السيطرة على منطقة البحر الأحمر والقرن الإفريقي، عبْر الحصول تارة على امتيازات تشغيل الموانئ الكبيرة في تلك المنطقة، وتارة أخرى عن طريق إقامة القواعد العسكرية.

أهداف السعودية

أهداف السعودية المعلنة عبّرت عنها تصريحات عادل الجبير، وزير خارجية الرياض، والتي تمثلت في:

أولا: تشكيل هذا التكتل يأتي في إطار جهود المملكة لحماية مصالحها ومصالح جيرانها بدعوى استقرار المنطقة.

ثانيا: تعزيز التعاون والتنسيق بين الدول المطلة على البحر الأحمر لمواجهة التأثيرات الخارجية، حيث تخشى السعودية والإمارات أن يكتسب أعداؤهما موطئ قدم في منطقة ساحل القرن الإفريقي.

ثالثا: يكتسب مضيق “باب المندب” أهمية كبرى للرياض، حيث يمر من خلاله ما يقدر بنحو 3.2 مليون برميل نفط يوميا إلى أوروبا والولايات المتحدة وآسيا. وخلال السنوات الأخيرة أصبح الممر المائي هدفا للقراصنة والمقاتلين الحوثيين باليمن.

رابعا: تسعى الرياض إلى تعزيز التجارة عبر البحر الأحمر من خلال إقامة منطقة سياحية كبرى بتكلفة 500 مليار دولار بالشراكة مع مصر والأردن، في إطار مساعيها لتنويع اقتصادها بعيدا عن النفط. كما تعد أحد أهم طرق الملاحة الدولية، إذ تمر عبره نحو 15 في المائة من التجارة العالمية.

أداة خلفية للتطبيع

أمام هذه الأهداف المعلنة من جانب الرياض، يحذر خبراء من أن يكون الهدف الرئيس من التكتل الجديد أداة لمزيد من التطبيع السعودي مع الكيان الصهيوني، في ظل العلاقات الوثيقة بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وحكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو.

هذه المخاوف تأتي في ظل كشف تل أبيب عن توجهات للانفتاح على إفريقيا وبعض الدول العربية، وسط الحديث عن اجتماعات سرية عقدت بين رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، وزعماء عرب، في وقت سابق، من جهة، وزيارات لزعماء دول إفريقية، مثل تشاد، للمرة الأولى إلى إسرائيل، وتصريحات رسمية من دولة الاحتلال حول الاستعداد لزيارة عواصم عربية، على غرار ما حدث في زيارة نتنياهو لسلطنة عمان الشهر الماضي.

ولم يستبعد الدبلوماسي الخليجي، الذي يتحفّظ على مواقف السعودية الأخيرة، أن تكون مسارعة الرياض في تنظيم المؤتمر تأتي ضمن تبادل حرب امتلاك أوراق الضغط، في ظل الموقف التركي المتشدد ناحية ولي العهد السعودي، وتمسُّك أنقرة بإدانته في قضية مقتل خاشقجي، إذ تسعى الرياض لتقديم التجمع الوليد، كورقة ضغط على أنقرة لدفعها للتراجع خطوة للوراء من خلال تهديد مصالحها في تلك المنطقة.

ولكن ثمة تعارض في مصالح بعض الدول المشاطئة مع التوجهات السعودية والإماراتية، ومخاوف أخرى من أن يكون ضمن أهداف ذلك التجمع التمهيد للتطبيع العربي مع إسرائيل؛ فغالبية دول هذا التكتل بحاجة لدعم اقتصادي من نظرائهم في الخليج، ولديهم طموحات وتطلعات للحصول على مساعدات واستثمارات، وبعضهم يحصل بالفعل على مساعدات من الرياض، لكنها لا ترقى لطموحاتهم، ويرون أن تفعيل ذلك التجمع ربما يكون فرصة ذهبية لهم للحصول على ما يريدون، في ظل حاجة السعودية في الوقت الراهن لدعم دولي، وبحثها عن شرعية إقليمية جديدة لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي يسعى لإنقاذ طموحاته باعتلاء عرش المملكة خلفاً لوالده، في ظل ما تعرض له جراء قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، وسط أدلة بأن تلك العملية تمت بقرار من بن سلمان”.

من جهة أخرى، كشفت مصادر دبلوماسية سودانية عن أن “الخرطوم تتفهم أن هناك مخاوف لدى الرياض وأبو ظبي والقاهرة بشأن تنامي الأدوار الخاصة ببعض الدول الإقليمية التي تمتلك طموحات إقليمية، وفي مقدمتها تركيا”.

وأضافت “بالطبع سيكون من ضمن أهداف هذا التجمع غير المعلنة محاصرة هذا النفوذ، بالإضافة إلى تأثيرات الصراعات الخليجية، ومحاولات الرياض وأبو ظبي إحكام الحصار على قطر خارج منطقة الخليج أيضاً، إذ تتمتع الدوحة بعلاقات طيبة وتملك استثمارات كبيرة في تلك المنطقة”.