أحمدي البنهاوي
اتفقت أغلب ردود الفعل الأولية على أن "إلغاء الإشراف القضائي" على الانتخابات تحصيل حاصل، فالعملية الانتخابية في ظل حكم العسكر يتم تزويرها من الأساس، كما تخدم مشروع الإفقار الذي يتبناه السيسي للمصريين، وفي مقدمتهم من ساندوه لإصدار أحكام جائرة بحق رافضي حكمه ومعارضيه.
الظاهرة المزعجة
والإشراف القضائي الكامل على الانتخابات هو أحد مكتسبات ثورة يناير، ولكن لأن الانقلاب وأجهزته اِلأمنية تريد المرور على منجزات 25 يناير بأستيكة، كما يقول الكاتب وائل قنديل، وصف رئيس "برلمان" العسكر الإشراف القضائي على الانتخابات بالظاهرة المزعجة جدا، فمن يشرف على العملية كاملة هي الهيئة العليا للانتخابات.
سبب الإزعاج
وفي الانتخابات البرلمانية الأخيرة، قال رئيس نادي قضاة مصر المستشار عبدالله فتحي، في مداخلة هاتفية له مع برنامج "يحدث في مصر"، في أكتوبر 2015: إن كل قاضٍ شارك في الانتخابات البرلمانية السابقة سوف يحصل على مبلغ 7 آلاف جنيه شاملةً الإشراف والإقامة.
وأوضح فتحي- خلال المداخلة- أن "من مصلحة المواطن المصري أن ينعم القضاة في مصر بعيشة مرتاحة"، موضحا أن "إقبال الناخبين على المشاركة في انتخابات مجلس النواب الحالية أقل من سابقاتها بشكل ملفت وملحوظ للغاية".
ويتقاضى المحامي العام المشرف على اللجنة العامة نحو 100 ألف جنيه، ويتقاضى عضو اللجنة العليا للانتخابات نحو 600 ألف جنيه.
وكان القضاة شركاء في تزوير الانتخابات وقت نظام رئيسهم الأعلى المخلوع مبارك قبل الثورة، ومع ذلك لم يقدم أي منهم إلى المحاكمة أو حتى يجرى معهم تحقيق، وكانت كارثة انتخابات مجلس الشعب 2010.
وقالت صفحات ثورية، إن نظام مبارك الفاسد كان يمنح القضاة ما يتجاوز 300 مليون جنيه كمكافأة عن دورهم في الإشراف على الانتخابات، في حين أن الشعب لا يجد قوت يومه.
وقال موالون للنظام، إن تكاليف "انتخابات الرئاسة" الأخيرة توازى ميزانية التأمين الصحى والأدوية فى عام، حيث أعلن رئيس وزراء الانقلاب السابق إبراهيم محلب عن أن ميزانية "الانتخابات" في 2014، قاربت مليار جنيه، وقال في تصريحات لـ"سكاي نيوز أبوظبي": إن دور وزارة العدل في الانتخابات داخل مصر تحديد اللجان العامة وعددها 320 لجنة، ثم اللجان الفرعية وعددها 14 ألف لجنة، وتسكين القضاة وجداول الناخبين.
ووصف محلب، في لقائه على قناة «سكاي نيوز عربية»، مساء الأربعاء، أعداد المشاركين في الانتخابات الرئاسية في الخارج بـ«الجيد»، مشيرا إلى أن الميزانية المخصصة للانتخابات من الناحية الإدارية واللوجستية قاربت المليار جنيه.
تقديرات ضئيلة
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور فاروق عبدالحي، لـ"العربية نت": إن المبالغ المذكورة والتي قدرها خبراء بـ20 مليار جنيه على استحقاقات ما بعد ثورة يناير، أقل بكثير من حجم الإنفاق الفعلي على كافة الاستحقاقات السياسية والانتخابية منذ ثورة يناير وحتى الآن، خاصة وأن الحملات الدعائية الخاصة بانتخابات الرئاسة الماضية تشير إلى أن انتخابات 2014 تجاوزت تكلفتها 10 مليارات جنيه.
هذا بخلاف الباب الخلفي لـ"الاسترزاق" القضائي، وذلك على لسان الانقلابيين أنفسهم، ومنهم عبدالرحيم علي، النائب حاليا ببرلمان العسكر، ففي مداخلة مع أحد برامج "التوك شو" قال: "فيه ناس دفعت 20 مليون جنيه علشان تسقطني في الانتخابات"، وكشف عن أنه شخصيا أنفق مبالغ ضخمة قائلا: "أنفقت 420 ألف جنيه على الانتخابات بالورقة والقلم".