أثار قرار قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي بهدم كبائن المنتزة التي كان يسكنها حكام مصر عبر العصور، علامات استفهام كثيرة، حول سبب هذا القرار؛ حيث كانت هذه الكبائن موطنا للرؤساء وأبنائهم منذ عهد جمال عبد الناصر، وبعده الرئيسان أنور السادات وحسني مبارك، حينما استولى العسكر على هذا المتنزه الملكي ثم تحوَّل إلى مكان عام مفتوح للعوام، باستثناء هذه الكبائن التي انتقلت حيازتها من أفراد الصفوة الملكية إلى النخبة العسكرية.
ومعلم المنتزه الذي توجد به هذه الكبائن اسمه الرسمي حدائق قصر المنتزه بالإسكندرية. وهي تقع على مساحة 370 فدانا في حي المنتزه شرقي الإسكندرية، وتطل على خليج “المنتزه”، وتحوي أشجارا عتيقة وأحواض زهور نادرة تتم العناية بها على مدار اليوم. ويزيد عمر المنتزه على 100 عام، حيث أُعجب الخديوي عباس حلمي الثاني بالمنطقة، حينما كان يتنزه على شاطئها برفقة فرقة موسيقية، وقرر أن تضم المنطقة قصرا وحدائق للاصطياف، وأشرف الخديوي بنفسه على تنظيم الحديقة في أواخر القرن التاسع عشر.
السلاملك
ويعد “السلاملك” أول قصر أنشئ في الحدائق، حيث عهد عباس حلمي الثاني إلى المهندس اليوناني ديمتري فابريشيوس ببناء القصر على الطرز النمساوية السائدة في القرن التاسع عشر إرضاءً لرغبة صديقته الكونتسية ماري تورك فون زندو، والتي أصبحت فيما بعد زوجته.
وفي عهد الملك فؤاد الأول والملك فاروق، أضيف إلى الحدائق قصر الحرملك المخصص لإقامة أفراد الأسرة المالكة، فضلاً عن مبانٍ خدمية أخرى. كما تم إنشاء كوبري يربط جزيرة الشاي بالقصور الملكية، وسينما للأميرات، وبرج المياه، ومحطة القطار الملكية، ومكاتب الإدارة والركائب الملكية.
ونقل موقع “عربي بوست” عن الدكتور محمد عوض، مستشار مدير مكتبة الإسكندرية، أن الأسرة العلوية استمرت في الاهتمام بتلك الحدائق واعتبارها مصيفاً رئيسياً للأسرة المالكة حتى قيام ثورة 23 يوليو 1952، حيث آلت القصور والحدائق إلى الدولة، وفُتحت أبوابها للمواطنين للاستمتاع وقضاء أوقات الفراغ والاستجمام على شواطئها.
كبائن النخبة
وقال التقرير المنشور على الموقع إنه رغم افتتاح المنتزه لعامة الشعب، فقد ظلت الكبائن حكرا على النخبة، إلا أنه جاء قرار السيسي لتعلن النخبة الاستغاثة من القرار، بينما يقف الشعب مشدوها هل يصفق للقرار أم يعارضه؟! فقد نشر رواد مواقع التواصل الاجتماعي مشاركات تتحدث عن شكوى علاء مبارك نجل الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك من القرار. كما تم نشر قوائم بالمديونيات على حائزي الكبائن بالملايين جراء عدم التزامهم بسداد مقابل استئجارها.
وكشفت تقارير صحفية عن أن جيهان السادات، أرملة الرئيس الراحل أنور السادات، تتصدر قائمة المديونيات بقيمة تبلغ نحو ستة ملايين ونصف المليون جنيه، في حين تبلغ مديونية علاء مبارك خمسة ملايين و320 ألف جنيه، وتضم القائمة مسئولين وأبناءهم مثل وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، وكذلك ورثة كُتاب مصريين تاريخيين مثل الكاتب الكبير توفيق الحكيم، وورثة الكاتب محمد حسنين هيكل.
50 اسمًا
وضمت القائمة 50 اسما غالبيتهم من الشخصيات العامة ووَرثتهم وأيضا عددا من رموز نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، وبلغ إجمالي المديونية 1014173820 (مليار و14 مليون جنيه).
وجاءت هذه المديونيات بعد 8 سنوات من النزاعات القضائية بين الدولة ممثلةً في وزارة السياحة وإدارة شركة المنتزه وبين منتفعي الكبائن، قبل أن يحسم الصراع منذ أشهر لصالح وزارة السياحة وبدء هدم الكبائن.
ويبلغ عدد كبائن المنتزه، 896 على 6 شواطئ، منها (عايدة وكليوباترا ونفرتيتى وسميراميس) وغيرها مستأجرة، بموجب عقود إيجار متعاقبة، بدءا من حقبة الخمسينيات حتى نهاية العام المنصرم، وتوجد على شواطئ مميزة في منطقة حدائق قصر المنتزه.
والتزم شاغلو الكبائن بسداد القيمة الإيجارية (مقابل الانتفاع) بالكبائن منذ 2013، ولكن رفضت الشركة تسلّم المبالغ، وأُودعت في خزائن المحاكم.