سقوط جديد لجبهة “الإنقاذ”.. بُكمٌ أمام تعديلات التمديد للسيسي ولو باجتماع طارئ!

- ‎فيتقارير

في ليالي القاهرة المعتمة في ظل حكم العسكر واستعداد السيسي لإجراء تعديلات دستورية وشيكة لتمديد فترة استيلائه على منصب الرئيس، لفترتين على الأقل إن لم يكن مدى الحياة، افتقدت الحياة السياسية “الاجتماعات الطارئة” وسيل الميكروفونات من كافة القنوات المؤيدة والمناهضة للثورة من هؤلاء الذين وقفوا بتوجيه مخابرات اللواء عبدالفتاح أمام قرارات الرئيس بإعلان دستوري تحت عنوان براق “جبهة الإنقاذ.. تحالف المعارضة المصرية”.

ففي عهد الرئيس محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، كانت الجبهة تختلق جعجعة لا تنتهي لأتفه الأسباب، وكانوا يحرصون باستمرار على انتقاد الرئيس مرسي ونظامه بلا سبب، والإعلام الممول بملايين الإمارات كان مستعدًّا للتوسيع للرفاق يجمعهم العداء النفسي المتأصل تجاه الإخوان.

ففي 18 نوفمبر 2012، كان الاجتماع الطارئ الأول ومبعثه إصدار الرئيس مرسي إعلانه الدستوري، فقط بعد يومين من الإعلان، الذي حصن فيه قرارات الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور وعزل فيه النائب العام عبد المجيد محمود؛ ما دفع المصريون للتساؤل: أين جبهة “الإنقاذ” اليوم من تعديلات السيسي على الدستور والمعلنة منذ أشهر وأكدها صحفيون منهم ياسر رزق، وعرضت مسودة التعديلات رسميا على “برلمان” السيسي!.

لا صوت ولا همس

أمام التعديلات الدستورية لم يتكلم من أعضاء الجبهة سوى الدكتور محمد البرادعي، المقيم بالنمسا في منفاه الاختياري بعدما كان نائبا للمؤقت عدلي منصور؛ حيث وصف البرادعي مناقشة “نواب” العسكر لتعديل الدستور بالعودة السافرة إلى ما قبل ثورة يناير، وقال في تغريدة “ثار المصريون ضد نظام “أنا ربكم الأعلى” الذي يتمتع فيه الرئيس بصلاحيات تناقض أي نظام ديمقراطي ويبقى في الحكم إلى أبد الآبدين.. تعديل الدستور في هذا الاتجاه إهانة لشعب قام بثورة…”.

غير أن التغريدة لا تمنع أن البرادعي كان مفوضا من العسكر لصياغة التعديلات الدستورية في 10 يوليو 2013 بعد الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، وأنه كان واحدا في مارس 2011، بين أربعة كبار في جبهة الإنقاذ التي تشكلت لاحقا ممن قال “لا” للتعديلات الدستورية التي أظهرت حجم تواجد الإسلاميين في الوجود السياسي حينها.

المثير للاهتمام أين الاجتماعات الطارئة التي كانت تعقدها الجبهة والمؤتمرات والمداخلات الإعلامية، رغم أن البرادعي نفسه أعلن أنه “جبهة الإنقاذ ستستمر ومعركتها الأساسية الدستور والانتخابات البرلمانية”!

لكن من اللافت أننا لا نسمع صوتًا ولا همسًا للكومبارس الشهير حمدين صباحي، أولا على اعتقال قيادات في التيار الشعبي الذي يفترض أنه زعيمه، ما يثير كثيرًا من التساؤلات حول سبب اختفاء صباحي عن الإدلاؤ بدلوه في التعديلات، وإن كان تحدث قبل أسابيع عن حالة من التجويع للشعب وأن نظام إفقار المصريين يجب سقوطه.

“كبار” الجبهة

ويعتبر سامح عاشور نموذجا في تبرير تعديلات السيسي على الدستور، فرغم أنه كان ممثلا لنقابة المحامين في دستور العسكر 2014، إلا أنه أعتبره صنما من عجوة يجوز الأكل منه إلا رأسه، وعن ذلك اعتبرت المحامية نيفين ملك أن موافقة “عاشور” على التعديلات عار فقالت: “ومن الناحية المهنية المجردة وبعيدا عن حديث السياسة فمن العار علي رجال القانون، تبرير تعديل نصوص حظر الدستور نفسه تعديلها، بحجة أن الدستور ليس وثيقة مقدسة ، هذه نصوص حاكمة وفوق دستورية، تعديل هذه النصوص يمثل التفافا علي مبدأ سيادة القانون..”.

غير أن “الدستور” نفسه وعلى حد قول د. محمد غنيم، عضو لجنة الخمسين في حوار مع “محمود سعد”، أنه “تم تغيير ديباجة الدستور دون الرجوع أو علم الأعضاء!!”، وهو ما أكده الدكتور أبو الغار عضو اللجنة أيضا، الطريف أن “غنيم” في حوار في 2017، أحس بإرهاصات تغيير “الدستور” فلم يحذر الجماهير من التعديلات المرتقبة بل حذر آخرين من “الإفصاح عن التعديل على الدستور”، ورأى أن في ذلك خطورة!.

وتساءل الناشط أسامة عن آخرين من أعضاء الجبهة الذين تعمدا السكوت فكتب: “أنت إن سكتّ مت، وإن نطقت مُتّ، فقلها ومت..لا أسكت الله لكم حسا.. عبد الجليل مصطفى.. عمرو الشوبكي.. مجدي يعقوب.. محمد نور فرحات.. محمد أبو الغار.. زياد بهاء الدين.. يحيى قلاش.. جمال فهمي.. مصطفى كامل السيد.. محمد سلماوي.. عبد الله السناوي.. سامح عاشور.. حسين عبد الرازق.. محمد غنيم.. حجاج أدول”.

القوة الموازية

وبرزت الجبهة في المشهد السياسي المصري كقوة موازية للأحزاب والتيارات الإسلامية، وكتحالف لأحزاب وشخصيات سياسية ونقابية مختلفة. وتدرجت أهداف المتحالفين من الاعتراض على صياغة مسودة الدستور المصري الجديد، إلى الدعوة لإسقاط الإعلان الدستوري للرئيس محمد مرسي ومشروع الدستور المطروح للاستفتاء الشعبي.

وأعلن رئيس حزب المؤتمر عمرو موسى أول ظهور لجبهة الإنقاذ بعد اجتماع عقد بمقر حزب الوفد، بمشاركة رؤساء أحزاب الدستور والتيار الشعبي والوفد والمؤتمر والجبهة الديمقراطية والكرامة والمصري الديمقراطي والمصريون الأحرار ونقيب المحامين سامح عاشور ويحيى الجمل نائب رئيس الوزراء السابق والنائب السابق عمرو حمزاوي وآخرين.

تحرك جماعي

كان “كره الإخوان” هو الدافع وراء هذا التجمع، فتعليقا على الاستفتاء على الدستور الذي تم في عهد الرئيس مرسي، قال السيد البدوي رئيس حزب الوفد السابق وعضو الجبهة في إجابته على سؤال يتعلق برؤيته لما جاءت به نتيجة الاستفتاء على الدستور؟، فقال: “في رأيي فإن اتجاهات التصويت تكشف عن أن من قال ” لا ” هو غالبا لم يقرأ الدستور وقالها كرها في الإخوان، ومن قال ” نعم ” قالها سعيا وراء الاستقرار”.

واتفق المشاركون في ذاك الاجتماع -الذي عقد في مقر الحزب المصري الديمقراطي- على تكوين الجبهة ككيان يضم القوى المعارضة للإعلان الدستوري، وسموا رئيس حزب الدستور محمد البرادعي منسقا عاما لجبهة الإنقاذ.

ودشنت الجبهة في اجتماعها الأول أنشطتها برفضها الحوار مع رئيس الجمهورية قبل إلغاء الإعلان الدستوري، وتوعدت بتصعيد الاحتجاجات والعصيان المدني، ودعت بعد ذلك إلى كل المظاهرات المطالبة بإلغاء الإعلان الدستوري في ميدان التحرير وأمام قصر الاتحادية وغيرها من المناطق. كما رفضت المشاركة في الحوار الذي دعا إليه مرسي بعد إلغائه إعلانه الدستوري الأخير مع إبقاء آثاره.