الفساد أكبر معوق.. ميزانية الدفاع أظهرت لصوصية العسكر وشفافية الرئيس مرسي

- ‎فيتقارير

مع اقتراب مزيد من رفع الدعم عن المنتجات البترولية، يكون الشعب بعدها في لهفة للشفافية الاقتصادية التي توفرت في عهد الرئيس محمد مرسي، حيث تعتبر موازنة 2013/ 2014 هي المقياس للحكم على ما حققه الرئيس مرسي من إنجازات رغم تسلمه اقتصادا منهارا.

وأكد خبراء أن المشكلات الاقتصادية الكبيرة التي واجهها مرسي عند بداية عهده، بعضها نتيجة السياسات الاقتصادية التي كانت سائدة خلال الفترة التي حكم فيها مبارك، والبعض الآخر بسبب الظروف السياسية والاقتصادية التي استجدت بعد ثورة 25 يناير، أو بسبب سلوك القوى والأطراف المحلية والإقليمية والدولية وسعيها لحصار نظام الثورة.

وعلى الرغم من ذلك، فمنذ اليوم الأول لرئاسته، شن خصوم الرئيس محمد مرسي ومعارضيه حملة إعلامية منظمة ضد سياسته الاقتصادية، موظفين ملايين الدولارات لإنجاحها، أدت إلى تهيئة الظروف للانقلاب العسكري بدعاوى فشل نظام الرئيس مرسي في تلبية مطالب الشعب.

فاجتمع للدولة العميقة والعسكر وسائل القوة التي يملكها خصوم مرسي، من أطراف محلية كالمؤسسة العسكرية وباقي مؤسسات الدولة العميقة وفلول النظام السابق، وأطراف إقليمية ودولية.

وتلك الميزانية حجبها موقع وزارة المالية وعدلها بأخرى بتوقيع “عدلي منصور” فحجب موازنة 2013/ 2014، ولا يعرض سوى موازنات السيسي بداية من موازنة 2014/ 2015، كي لا يقارن أحد بين ما فعله مرسي للتعليم والصحة وخدمات المواطنين وبين ما فعله السيسي.

ويخلط البعض متعمدا بين تلك الموازنة وموازنة 2012/2013، التي أقرتها حكومة المجلس العسكري، وليس الرئيس مرسي.

ماذا قال المنتخب؟

ومن الكلمات التي أكدها الرئيس مرسي عن محاربة الفساد قوله: “نحن أمام استحقاق العبور التالي، وأكبر معوق لحركة الاستقرار وحركة النمو والتنمية والنهضة هو الفساد.. رشوة لا، محسوبية لا، فساد بظلم للناس لا، تضييع أوقات على الناس لا، تضييع فرص على الوطن لا”.

فهؤلاء الآن، “لأنهم حاسين وفاهمين وعارفين إني أفتح الملفات الفاسدة هذه. إذا لم يرعو هذا البعض الذي يحاول أن يخرق أو يوجد خرق في سفينة الوطن. لن يرحم شعبَ مصر والرئيسَ المنتخب، شخص فاسد، مستحيل”.

المؤشرات الاقتصادية

وكشف خبراء اقتصاد ومحللون عن أن معظم الأزمات مثل نقص الوقود وانقطاع الكهرباء وارتفاع الأسعار بعهد مرسي كان مدبرا ومسنودا من جهات داخلية وخارجية، كما أن معظم هذه المشاكل استمر خلال عهد السيسي؛ ما يفقده جدية مبررات الانقلاب على مرسي، ورغم ما وفرته له دول الخليج من قرابة 40 مليار دولار منح وديون.

وكانت أسعار الكهرباء والوقود والسلع الرئيسية منخفضة في عهد الرئيس محمد مرسي بينما ارتفع سعر الكهرباء في مطلع عهد المنقلب  السيسي بنسبة 27.9%، ثم تضاعف وتنوي حكومة الإنقلاب إنهاء الدعم بالكامل للكهرباء في 2022؛ بحسب تصريحات للمتحدث باسم وزارة الكهرباء.

وأمدت دول خليجية الانقلاب بمساعدات تشمل منتجات بترولية بقيمة 4 مليارات دولار من السعودية والكويت والإمارات وعشرات المليارات الأخرى كديون بلا فوائد، فقد ارتفعت أسعار الوقود 3 مرات، عقب الانقلاب العسكري والمرة الرابعة ستتم هذا العام مع بدء نظام إلغاء الدعم كاملا وربط الوقود بآلية تسعير تربط سعره بالسعر العالمي.

وعلى حين احتلت الزراعة والصناعة المرتبة الأولى في أولويات مشروع مرسي الاقتصادي، احتلت العقارات وبناء المشاريع الإسكانية الضخمة غير المفيدة للشعب، وانعكس هذا علي قفز إنتاجية القمح في السنة المالية 2012/2013، من 7 ملايين طن إلى 9.5 مليون طن بزيادة 30٪ عن السنة المالية 2011/2012.

وانكمشت مساحات القمح من 3.5 مليون فدان في عام 2012/2013، إلى 2.5 مليون فدان في ديسمبر 2016، كما جرى منع زراعات أساسية مثل الأرز والقصب بسبب الفشل في أزمة مياه النيل وسد النهضة.

تضاعف الديون

وفي يناير 2013 وقبل الانقلاب العسكري في يوليه 2013، أظهر أحدث تقرير للبنك المركزي المصري، أن نصيب الفرد من الدين الإجمالي لمصر بنهاية سبتمبر 2013، بلغ 17.491 ألف جنيه (باعتبار أن حجم الدين الخارجي كان حينئذ 34.719 مليار دولار، والدين الداخلي 1.331.2 تريليون جنيه).

وحين تسلم الرئيس محمد مرسي الحكم ورث ديون حكم مبارك التي كانت قبل ثورة يناير 2011 نحو 34.9 مليار دولار والدين الداخلي 962.2 مليار جنيه، ولم يزدها بل نقصت الديون الخارجية قرابة 200 مليون دولار، كما ورث ديون المجلس العسكري الداخلية التي زادت في عام حكم العسكر الأول.

ولكن عقب الانقلاب العسكري تضاعفت الديون منذ 2013 وحتى 2018 3 مرات من 36 مليار دولار (خارجيا) إلى 100 مليار دولار، ومن 1.1 ترليون جنيه (داخليا) إلى قرابة 3.4 تريليونات جنيه الان.

وبعد عام واحد من اغتصاب السيسي السلطة (اغسطس 2015) أصبح كل مصري مدينا بـ26 ألف جنيه هي نصيبه من الدين الداخلي و3500 جنيه من الدين الخارجي أي 29.5 ألف جنيه للفرد؛ أي أن رب الأسرة المكونة من خمسة أفراد بات محمل بما يقارب 147.5 ألف جنيه هي حصته في أعباء ديون مصر.

ووفقًا لإحصاء للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، مارس 2017، وبحسب عدد السكان الذي بلغ نحو 93 مليون مصري، كان نصيب كل مواطن مصري من إجمإلى الديون الخارجية (60.2 مليار دولار بداية 2017)، نحو 647 دولارا تقريبا، ومن الديون الداخلية (2.758 تريليون جنيه)، نحو 27.720 جنيه (أي أن اجمالي ديون كل مصري بلغ حوإلى 40 ألفا).

وفي أبريل 2017، أظهر التقرير الشهري للبنك المركزي أن نصيب المواطن المصري من الديون الخارجية والمحلية في 2016 ارتفع 41% وأصبح 691.9 دولارا في نهاية ديسمبر 2016 (حوإلى 12.6 ألف جنيه)، ونصيب الفرد من الدين الداخلي نحو 31.4 ألف جنيه، أي قرابة 44 ألف جنيه للفرد الواحد.

والآن ارتفع حجم الديون الخارجية إلى 100 مليار دولار (82.9 مليار بحسب البنك المركزي دون احتساب ديون السندات)، والدين الداخلي 4 تريليون ارتفع حجم مديونية كل مصري من الدين الداخلي والخارجي لـ50 ألف جنيه ثم إلى قرابة 57 ألف جنية، أي أن أسرة مكونة من 5 أفراد مطلوب منها دفع ربع مليون جنية على الأقل لسداد ديون حكام مصر.

شفافية وفساد

في تقريرها الأخير لعام 2018، أعلنت مؤسسة الفساد والشفافية تأخر مصر من المركز 108 إلى المركز 117 من ضمن 180 دولة، بمعدل شفافية قدره 32%؛ ما يعني 68% عدم شفافية وفساد، بعدما كانت في المركز الـ114 عام 2013.

وفي تقريرها لعام 2012، قال كريستوف فيلكه، مدير منظمة الشفافية الدولية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا: إن الرئيس المصري محمد مرسي أدلى بعدد من الخطب قال فيها إن محاربة الفساد هي كبرى أولوياته ونفذ بعض وعوده، ولكن “لم يتحقق الكثير فعليا لجعل هذا واقعا فيما يتعلق بوضع أنظمة نعلم أنها تعمل على محاربة الفساد”، وكان يشير بذلك إلى العقبات التي يواجهها الرئيس مرسي من قبل رموز الدولة العميقة والبيروقراطية وقصر فترة رئاسته لقيام انقلاب عسكري ضده.

افتقاد الانقلاب

ولأن هناك علاقة واضحة بين درجة الشفافية والنمو الاقتصادي، وكلما قل الفساد ارتفع الدخل القومي ومتوسط إيراد الفرد، فقد أظهر المؤشر العالمي تدهور الاقتصاد المصري وانتشار الفساد فيه كدليل على عدم الشفافية؛ حيث تعني الشفافية “الأمانة والصراحة في كل ما يخص الشأن العام وتعنى حرية تداول المعلومات وسهولة الحصول عليها، وحرية الصحافة التي تمنع الفساد وتحسنت درجة الشفافية”، وهو ما تفتقده مصر منذ انقلاب 2013.

أيضا لأن الأجهزة الرقابية الأمينة تلعب دورا في محاربة الفساد في العالم كله أو تلعب دورا سلبيا بالمساعدة على إخفاء الفساد ومعها الإعلام الفاسد الذي يلعب دورا كارثيا بالدفاع عن الفساد والفاسدين، فقد كان من الطبيعي أن يتذيل نظام الانقلاب قائمة الشفافية الدولية مع الدول المختلفة.

ميزانية الدفاع

وقد انتقدت منظمة الشفافية الدولية للدفاع والأمن، التعامل مع ميزانية الدفاع المصرية، والتي بلغت نحو 4.5 مليار دولار في 2016، “كأحد أسرار الدولة” وعدم توفر تفاصيل الإنفاق بشأنها.

واستشهد تقرير المنظمة الأخير لعام 2018، بخبراء قالوا إن سيطرة القوات المسلحة على الاقتصاد يمكن أن تصل إلى 40%، وهو ما يتعارض مع تصريحات السيسي التي تشير إلى أن النشاط التجاري للجيش يصل إلى 1.5% أو 2% فقط من اقتصاد البلاد، وهو ما يعني اشغال الجيش بالبيزنس ومن ثم تصاعد مؤشرات الفساد لعدم وجود رقابة على بيزنس الجيش.

لذلك، وفي بيان آخر صدر مع التقرير، طالبت منظمة الشفافية الدولية الشركات الغربية برهن وربط المساعدة الغربية إلى مصر بمزيد من الشفافية، بعدما اتهمت المنظمة مصر بالفساد في مشتريات السلاح وعدم الشفافية فيما يخص الصفقات والمشاريع الاقتصادية للجيش.

وفي تصنيف آخر للتقرير بشأن الدول التي تواجه مخاطر الفساد في قطاع الدفاع، عام 2015 جاءت مصر ضمن تصنيف “حرج”، وهو التصنيف الأسوأ في المؤشر.

ويشتمل التقرير على ست درجات للمخاطر، هي بالترتيب من أسفل لأعلى: حرج، وعالية جدًا، وعالية، ومتوسطة، ومنخفضة، ومنخفضة جدًا.

وقالت المنظمة أن “الفساد مستشر في مصر في ظل غياب أي إرادة سياسية حقيقية وجادة لمكافحته”، وأن “الحكومة المصرية تعدت على الهيئات المستقلة حين أقالت السيسي هشام جنينة”، رئيس جهاز المحاسبات الرقابي السابق.

وقالت المنظمة الدولية إن “الحكومة المصرية تعدت على الهيئات المستقلة حين أقال عبد الفتاح السيسي رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات هشام جنينة، وحاكمه قضائيا عندما كشف عن حجم ما كلف الفساد في مصر في الأربع سنوات الأخيرة.

وسبق أن أوضحت النتائج الإقليمية لمؤشر مكافحة الفساد في قطاع الدفاع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الصادر منذ عن منظمة الشفافية الدولية، أن دول المنطقة، ومن بينها مصر، أنفقت أكثر من 135 مليار دولار على قطاع الدفاع في عام 2014، وهو ما يشكل 7.6% من إجمإلى الإنفاق العسكري العالمي.

ويعد معدل الإنفاق هذا-تبعًا للتقرير-الأعلى في العالم، قياسًا إلى نسبته من الناتج المحلي الإجمالى.

وفي تصنيف التقرير للدول التي تواجه مخاطر الفساد في قطاع الدفاع، جاءت مصر ضمن تصنيف “حرج”، وهو التصنيف الأسوأ في المؤشر.

وفي رصده للشفافية في قطاع الدفاع، أسفرت نتائج التقرير عن ثلاثة محاور رئيسية، أولها أن “الحكومات في المنطقة، حتى تلك التي لها جيوش تبدو قوية وجيدة التمويل، تعاني من نقاط ضعف كبيرة تتعلق بالفساد، تجعلها أكثر هشاشة مما يبدو.

وفي جانب آخر منه أشار التقرير إلى أن إشراك الدفاع في القطاع الخاص يشكل خطرًا كبيرًا للفساد في عدد من بلدان المنطقة، بما في ذلك مصر وإيران وإلىمن. “فأرباح قوات الدفاع (أو الأفراد داخلها) نادرًا ما تعرف، مما يفاقم من السرية التي تكتنف الإنفاق العسكري”.