كتب- رانيا قناوي:

 

بالرغم من استمرار تركيا في مد جسور علاقاتها الدبلوماسية، مع السعودية والإمارات وسط حالة من التوتر المستتر، خصوصاً مع أبوظبي التي أثبتت الأحداث لاحقاً الدور الواضح الذي قامت به لدعم الانقلاب التركي على الرئيس رجب طيب أردوغان، حرصت تركيا على صوْن علاقاتها مع قطر، لا سيما بعدما أظهر تصرف القادة القطريين مدى متانة هذه العلاقات في أصعب الظروف، حين تمت محاولة الانقلاب، وهو ما تقدّره القيادة التركية، بحسب ما جاء على لسان وزير الخارجية، مولود جاووش أوغلو، لدى استقباله نظيره القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أمس الجمعة في أنقرة.

 

وقال وزير الخارجية التركي: "حين حصل الانقلاب اتصل أمير دولة قطر (الشيخ تميم) وقدم عرضاً بالدعم ولن ننسى ذلك".

 

وكشف تقرير منشور على صحيفة "العربي الجديد" اليوم السبت، بمناسبة الذكرى الأولى لمحاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، أن التحوّل الأبرز في العلاقات التركية مع بعض الدول العربية، كان بعدما تأكد وجود أصابع عربية في محاولة الانقلاب، وبينما يبدو دور الغرب و"حلف شمال الأطلسي" اعتيادياً في تاريخ الانقلابات التركية، كان دعم المحور "الإماراتي-المصري"، بالتعاون مع بعض الأجنحة في السعودية، هو الأبرز، وبالذات تدخل دولة بحجم الإمارات في شؤون دولة كبيرة مثل تركيا وعضو في "الحلف الأطلسي". 

 

وقال التقرير إنه بالرغم من ذلك، استمرت أنقرة بسياسة عدم التصعيد، في الوقت الذي سارعت قطر لدعم الحكومة التركية بكل السبل المتاحة لها، وذلك بينما كانت الإمارات وبعض الأجنحة السعودية منْ أهم الداعمين للانقلابيين على مختلف المستويات. وهذا الدعم كان ربما بمثابة الحلقة قبل الأخيرة في المخطط الإماراتي لضرب ثورات الربيع العربي التي بدأت مع دعم الانقلاب المصري عام 2013.

 

وأكد التقرير أنه تبيّن الدور الإماراتي لاحقاً، وبشكل أوضح بعد أزمة حصار قطر، من خلال التسريبات عن البريد الإلكتروني، للسفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، والتي أظهرت علاقات أبوظبي الواسعة باللوبيات الصهيونية ومراكز الأبحاث التابعة للمحافظين الجدد، مثل "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" التي يمولها رجل الأعمال، شيلدون أدلسون، أحد حلفاء رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.

 

وبحسب التسريبات، فإن العتيبة راسل كبير المستشارين في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات"، جون هانا، وأحد مستشاري نائب الرئيس الأمريكي الأسبق، ديك تشيني، ليؤكد على الدور الذي لعبته أبوظبي و"مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" في المحاولة الانقلابية في تركيا، بينما أكد العتيبة لهانا مدى فخره لأن تلك المؤسسة شريك للإمارات، كان هانا قد نشر مقالاً، قبيل شهر من المحاولة الانقلابية، في مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، بعنوان "كيف تحل المشاكل على طريقة أردوغان"، مقترحًا ضرورة القيام بانقلاب عسكري في تركيا من أجل "حمايتها".

 

وكشف التقرير حجم الأموال التي دفعتها أبوظبي لدعم الانقلاب، حيث أكد الصحافي التركي، مدير مكتب "قناة 7" محمد أجت، في عموده في جريدة "يني شفق" التركية، منتصف الشهر الماضي، أن الإمارات دفعت 3 مليارات دولار لحركة "الخدمة" لدعم المحاولة الانقلابية، عبر مستشار ولي العهد الإماراتي، القيادي الفلسطيني المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، وهو ما لم تنفه حكومة أبو ظبي.

 

 ونسب الصحافي التركي أرقامه إلى تصريحات أدلى بها وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، قبل ستة أشهر، خلال جلسة حوارية في مدينة إسطنبول، قائلاً: "نحن نعلم بأنه يوجد دولة قدمت 3 مليارات دولار لدعم المحاولة الانقلابية ضد الحكومة التركية بشكل غير شرعي، وهذه الدولة هي دولة إسلامية". ثم أصبح الأمر علنياً اليوم، تحديداً منذ بدء حصار قطر، حين قال أردوغان ورئيس حكومته بن علي يلدريم، مراراً، إن تركيا "لم تنسَ" من دعم شعبها وحكومتها ومن دعم الانقلابيين من دول وحكومات عربية.

 

Facebook Comments