قالت دراسة تحليلية إن المخابرات المصرية قدمت «ورقة مصرية معدلة» من أجل التوفيق بين الطرفين الفلسطينيين(فتح) و(حماس)، وهو اتفاق متزامن قائم على خطوة تتلوها خطوة، يقوم على تلبية مطالب الطرفين، ولا يحمل أي جديد عن الاتفاقات السابقة، مثل أن تمكين حكومة (الحمد الله) بشكل كامل يفتح الباب لرفع الإجراءات، مع تأجيل حسم رواتب موظفي حماس؛ باعتبار أن هناك دفعة مالية موجودة حالياً، وستستمر 6 شهور، وإجراء مناقشة حول مسألة السلاح في غزة العائد لفصائل المقاومة، إلى حين إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية وإجراء انتخابات لها تشارك فيها حماس.
وأكدت الدراسة التي أعدها موقع “الشارع السياسي Political Street” بعنوان “انعكاسات الضغوط المصرية على الفصائل الفلسطينية للمصالحة وهندسة صفقة القرن”، أن سبب الاستعجال المصري فيرجع لأن تعامل حكومة تشكلها حكومة عباس في الضفة وغزة معا – حال اتمام اتفاق المصالحة حولها – مع إعلان صفقة القرن سيكون أهدأ وأكثر قبولا للصفقة مما لو استمر الوضع على حاله في غزة.

وعي المقاومة
وأعلنت حماس رفض الصفقة ثم جاءت حكومة جديدة متطرفة ودخلت في حرب خامسة مع غزة، هي في واقع الأمر مؤجلة وليست مستبعدة من جانب الاحتلال بعدما تغيرت معادلات القوة بين غزة وتل أبيب وظهر رادع فلسطيني تسعي تل أبيب للقضاء عليه وإعادة معادلة القوة والهيمنة مرة أخري.
وأشارت الدراسة إلى وعي المقاومة، لافتة إلى حوار إسماعيل هنية مع جريدة “المصري اليوم” خلال زيارته الأخيرة لمصر فبراير 2019، الذي شدد فيه على رفض المقاومة التخلي عن سلاحها بسرد قصة بطولة المقاومة في حماية غزة قائلا إن “المقاومة داخل غزة استطاعت قصف تل أبيب في 2012، واستطاعت الصمود في حرب الـ 51 يوما في 2014، ووصلت لمستوى نظرية الردع مع الاحتلال الإسرائيلي”.
وأضافت أنه منذ ذلك الحين، كثف نظام السيسي جهوده من أجل المصالحة بغرض الوصول إلى نقطة تسليم حماس قيادة غزة لسلطة عباس الموالية للاحتلال في رام الله، ونزع سلاح المقاومة كمرحلة أخيرة، كبديل لمشاركته في حصار غزة وغلق معبر رفح، بعدما أدرك ان الحصار ينتج عنه مزيد من العنف في سيناء بسبب تسرب مقاتلين وسلاح من الحركات السلفية في غزة الي سيناء، ومن ثم التنسيق مع حماس لوقف ذلك وتامين الحدود، وهو ما حدث.
زيارات هنية
أوضحت الدراسة أن التحركات المصرية تصب في خانة “صفقة القرن” في نهاية المطاف، حيث دعت المخابرات المصرية زيارة رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية للقاهرة 16 فبراير 2019، للتباحث حول المصالحة، كما استقبلت رجل عباس الأمني “جبريل الرجوب” رغم منع نظام السيسي دخوله وتم ترحيله للأردن مارس 2017، بسبب ما قيل إنه “إساءة الرجوب لمصر في تصريحاته”.
ولفتت الدراسة إلى ما أكده “هنية” في ندوة “المصري اليوم” بأنه بحث في زيارته الأخيرة لمصر 5 ملفات، كان الملف الثالث منها هو «المصالحة»، وأن “الجانب المصري شدد على ضرورة إجراء تحقيق الوحدة والمصالحة الفلسطينية لتعزيز الصمود والقدرة على مواجهة التحديات”.
وقال إن «حماس» أكدت أنها ترغب في تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام والعمل على إتمام الوحدة من خلال وضع «خارطة طريق»، ولكن سبب تعطيلها متعلق بالتدخلات الغربية الأمريكية، للضغط على السلطة لإبقائها بعيدة عن عقد الوحدة مع حماس، بجانب أمور تتعلق بالأخوة في السلطة الفلسطينية، فما زال موضوع الشراكة لم ينضج بالدرجة الكافية التي تؤمن كيانا سياسيا موحدا ووحدة فلسطينية حقيقية، لذلك أكدنا ضرورة أن تنجح مصر في تحقيق هذه التطلعات».

استقبال رغم الإهانة
واعتبرت الدراسة أنه من الملفت استقبال وزير خارجية الانقلاب سامح شكري لجبريل الرجوب بمصر رغم منعه من دخولها سابقا، بدعوى الإساءة، رغم أن الرجوب لم يتوقف عن مهاجمة مصر والمخابرات المصرية ووصفها بـ “الانذال”، قبل وصوله مصر حيث صرح في نوفمبر 2018 بأن “السيسي والمخابرات المصرية يلعبون دورا هاما فيما بات يعرف بصفقة القرن”، وقال إن “ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، هو من يتحكم بالأجهزة الأمنية في مصر، والداعم الأكبر لصفقة القرن”.
ويُعتقد أن تغاضي حكومة السيسي ومخابراته عن إهانات الرجوب جاءت في سياق “الضرورة” باعتبار انه مبعوث “عباس” وأمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، الذي طلبته مصر لبحث حلحلة المصالحة وعرض ما توصلت له مع وفد حماس في زيارته الأخيرة، ضمن ضغوط مصر علي حماس للمصالحة وتشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة بغرض سيطرتها على غزة.
وهو ما أوضحه أحمد حافظ المُتحدث الرسمي وزارة خارجية الانقلاب، حين أكد أن اللقاء بين سامح شكري واللواء جبريل الرجوب 21 فبراير الجاري 2019، تناول “ملف عملية المصالحة الوطنية الفلسطينية، واستعراض نتائج الاتصالات والمشاورات مع كافة الأطراف المعنية، وتم التأكيد على ضرورة سرعة إنهاء الانقسام”.