هل ينجح الإعلام الرسمي بالجزائر في اختراق منظومة الدعاية القومجية السوداء؟!

- ‎فيعربي ودولي

للمرة الأولى منذ عام 1990 يبث التلفزيون الجزائري هتافات تطالب بـ”رحيل النظام”، كما نقلت الوكالة الرسمية الجزائرية مظاهرات رفض العهدة الخامسة في استثناء لم يعهده المتابعون للإعلام العربي في بلد يحكمه قانون يجرم التظاهر.

ولعب الإعلام دورا مركزيا في مسيرة الربيع العربي، سواء كان إعلام الأفراد “التواصل الاجتماعي”، أم كان إعلام فضائيات انحازت للخبر ونقلت صورا حصرية عبر كاميرات أفراد على نفس تلك المواقع وبالأخص “الفيسبوك”.

ويبدو أنه إن لم يتوفر الإعلام البديل للإعلام الحكومي الرسمي لكان قمع الثورات وإسكات صوتها والتعتيم على فعالياتها وتضحياتها أسهل بكثير، وما تزال هذه القاعدة معمولا بها حتى الآن.

ولهذا دعا جزائريون على نفس المواقع إلى ألا تتدارك وسائل الإعلام الجزائرية الرسمية أخطاء ارتكبتها مثيلاتها العربية في مصر وسوريا وتونس سابقا، ودعوا إلى تغطية الأحداث الجارية الآن في الجزائر بكل حياد وموضوعية حتى لا تترك المجال مفتوحا أمام قنوات، ساهمت إلى جوانب الثورات المضادة ببعدها الإقليمي في خراب دول عربية كثيرة بكذبها وتضليلها خدمة لأجندات اتضح انها صهيونية امريكية بالأساس.

غير أن توجه الحياد والموضوعية يجد عنتا من الأنظمة ففي الجزائر اعتقل الأمن الجزائري عدداً من الصحفيين في 28 فبراير الماضي، خلال اعتصام نفذوه ضد الرقابة على الإعلام في الجزائر ومنعهم من تغطية الاحتجاجات الرافضة لترشح بوتفليقة لولاية خامسة، وظهر إعلاميون جزائريون ينتقدون القمع ويعتبرون أنه كان ما يعتمد عليه بوتفليقة فظهرت الصحفية الجزائرية حدة حزام على قناة (TRT عربي) وقالت إن هناك تضييقا على الصحافة في الجزائر منذ مجيء بوتفليقة، ووسائل الإعلام تحت تهديد السلطة الحاكمة والابتزاز.

إعلام قومجي

ظلت دول مثل الإمارات وبعض الدول الخليجية تتبنى دعم التيارات القومجية باستضافتهم كتابا من هذا التيار من مصر ولبنان وسوريا عبر صحفها الرئيسية قبل اندلاع ثورات الربيع العربي، كما لهذه الأقلام امتداد أكبر عبر شبكة القنوات الخليجية التي يقل عدد مشاهديها مقارنة بمشاهدي قنوات ومتابعي صفحات صحف هلال مصر وبلاد الشام بشكل خاص.

وفي 2013، فضح صلاح عبدالمقصود، وزير الإعلام حينها، فصلا من فصول هذه الحرب حين تحدث عن 6 مليارات جنيه هي مجموع مصاريف الفضائيات التي تستهدف السلطة المنتخبة منذ سقوط مبارك، مقابل 1.5 مليار هي حقيقة دخلها، ما يعني أن هناك 4.5 مليار جاءت كتمويل، إما من الداخل أو من الخارج وهو الأكبر دون شك.

إعلام ممول

حقيبة التسريبات التي نشرتها نيويورك تايمز الامريكية في يناير 2018، ممتلئة بفضائح عبد الفتاح السيسي وعصابته بمن فيهم المهرجون من الإعلاميين والصحفيين حيث أظهر أن أذرعا قديمة ووجوها لم تعرف من قبل ضمن هذه المنظومة المدفوعة من جهات أمنية كالشؤون المعنوية ، ومن أمثال الوجوه التي أظهرتها عزمي مجاهد، القرموطي.

وأثبت تسريب الضابط بالمخابرات أشرف الخولي عينات مختلفة من الإعلام مثل قطاع الممثلين، فكلهم موجه ومنحاز ولا يتعاطى مع القضايا الحقيقية للبلد بل يعتمد على التمويه وقلب الحقائق وتغييب الوعى وتفريغ كل ماله أهمية من مضمونه.

مطاردة الثوار

يقول المحلل السياسي ياسر الزعاترة إن الأهم في سياق ملف الإعلام هو موقفه من الحكومات التي أعقبت الثورات من جهة، وسعيه من جهة أخرى لتنفير الناس من الربيع العربي بشكل عام حتى لا يتمدد نحو الدول التي لم يصلها بشكل عملي، أو وصلها على نحو ما عبر حراك متفاوت الأشكال.

وفي مقال له نشره إبان ثورات الربيع العربي قبل الإنقلاب عليها حذر من وجود ممولين “لا يريدون لفكرة الربيع برمتها أن تنجح، بصرف النظر عن أيديولوجيا الجهات الحاكمة الجديدة، وبالطبع لذات السبب المشار إليه ممثلا في تنفير الناس من الربيع، بل حتى مجرد الإصلاح”.

وأضاف أنه في مصر وتونس يتبدى الدور الهائل الذي تلعبه وسائل الإعلام في مطاردة الحكومتين فيهما، مع تبني وتشجيع نهج العنف والفوضى، ولا ينحصر الأمر في وسائل الإعلام المحلية، بل يشمل وسائل الإعلام الخارجية أيضا، أعني تلك التي تتجاوز البعد القطري إلى البعد العربي. ويحدث في اليمن شيء مشابه، حيث لا يزال إعلام علي عبد الله صالح قويا وفاعلا.

دراسة المخطئ والمصيب

وبما أن الإعلام يدار من قبل بشر فإن الخطأ وارد، ورأت دراسة أن الإعلام العربي المصاحب للثورات، إعلام الوقت، يجب أن يحاسب الإعلام ويعاقب إن أخطأ ويكافأ إن أصلح ولا بد من معالجة الخطأ.

وقالت دراسة بعنوان “أين يُخطئ الإعلام وأين يُصيب؟” للشارع السياسي إن الإعلام يخطئ ينشر الشائعات والكراهية والأخبار الملفّقة ويساهم في نشر العنصرية ويحرّض قوى ضد أخرى كالإعلام المصري الذي غنّى “أنتوا شعب وأحنا شعب” فوق الدماء المسالة في ميادين مصر، ودعا إلى قتل المعارضين والتعرض لهم في رابعة والمظاهرات التي كانت قائمة حينها ليس من قبل الشرطة والجيش فقط بل وعبر المواطنين الشرفاء الذين هم بلطجية وشبيحة، عدا عن فتح أثير القنوات ليل نهار لنشر الأكاذيب والتعرض لشخصيات دينية وإسلامية عريقة وتاريخية أيضًا كصلاح الدين الأيوبي مثلاً. والإعلام السوري الذي وصف المعارضين منذ الليلة الأولى للثورة السورية بالإرهابيين، مبتهجًا بصور السيلفي وأشلاء الضحايا من خلفه، والإعلام الخليجي الذي روّج لأزمة مفتعلة بناء على أخبار ملفقة وقرصنة متعمدة وقسم من الإعلام الأوروبي الذي يحرض ضد اللاجئين والهاربين من جحيم بلادهم. أو كان كالإعلام اللبناني والعراقي الذي أصبح في الآونة الأخيرة أداة حرب بيد السياسيين ورجال الأعمال لتصفية حسابات ضد بعضهم.

3 أسباب أخرى

ووضعت الدراسة 3 أعراض للخطأ أولها “عند نشر محتوى غير لائق متعرّضًا للأديان والمقدسات والأنبياء والرسل” مثلما فعلت جريدة شارلي إبدو الفرنسية ويولاندس بوستن الدنماركية اللتين أساءتا للرسول الكريم، وغيرها من الصحف والفضائيات التي تسيئ باسم حرية الصحافة ضد طوائف دينية أخرى موجودة في البلاد، مثيرين حفيظة جزء كبير من الشعب الذي يشاركهم المواطنة.

وحذرت في ثاني الأعراض من أن يكون الإعلام غطاء للمفسدين و”يصبح أداة حرب بين رجال الأعمال والسياسيين”، ومن أبرز تلك النماذج؛ الحرب المستمرة بين رجل الأعمال المالك لقناة الجديد ورئيس مجلس النواب اللبناني المالك لقناة محلية فكل منهم يشهر إعلامه ضد الآخر حتى وصل إلى مرحلة اقتحام المباني وإشعال الحرائق وإطلاق الرصاص وعلى الهواء مباشرة.

وكشفت أن ثالث الأسباب أن “يكون أداة بيد متطرفين لتمرير أجندات معينة”، مستنكرة أن يكون الإعلام إرهابيًا ينشر الوحشية والخوف والانتصارات الفارغة كإعلام داعش من وكالة أعماق ومجلة دابق ووكالات إعلامية خاصة بجماعات إرهابية أو متطرفة.