ثانيًا: تسعى الولايات المتحدة إلى إيجاد تحالف عريض في المنطقة لمواجهة واحتواء إيران، واستقر الرأي الأمريكي على أن السعودية ستكون ذلك البلد الذي سيتبوأ مركز الصدارة في هذا التحالف، والسعودية أيضًا متحمسة لتشكيل ما يسمى بالناتو العربي الذي يضم دولاً عربية “معتدلة” بالإضافة إلى إسرائيل التي ستكون في حسابات التحالف، وإذا كانت السعودية ستقود هذا التحالف لمساعدة الولايات المتحدة في حربها الباردة مع إيران، فإن الرياض كان ينبغي ألا تدخل في خلافات مع دول من نفس المجموعة وهنا الحديث عن حصار قطر مثلاً.
في نفس السياق، شكلت عملية اغتيال جمال خاشقجي ضربة قوية لمكانة السعودية ووليّ عهدها التي استثمرت الولايات المتحدة كثيرًا في تلميع صورته، فكيف للولايات المتحدة الآن أن تبرر المضي قدمًا في علاقة مع دولة يقودها شخص يتهمه المجتمع الدولي بالضلوع في عملية اغتيال مواطن سعودي لا ذنب له سوى أنه عبر عن رأي مختلف عما يحب أن يسمعه ولي العهد؟
إزاء ذلك يرى كثير من المحللين أن البيت الأبيض سيجد صعوبة في الاستمرار بالعلاقة مع ولي العهد السعودي والحفاظ على الاحترام الداخلي في الوقت ذاته.
هل تحولت السعودية إلى عبء؟
المتابع لما يكتب في الصحافة الغربية سيجيب بنعم، والمتابع للتصريحات التي تأتي من قادة العالم الحر سيجد من الصعوبة بمكان العثور على تصريح واحد لصالح وليّ العهد السعودي، علاوة على ذلك، هناك أصوات محترمة على المستوى الدولي تطالب بمحاكمة دولية لمرتكبي الجريمة، وهذا ينطوي على تشكيك واضح في شفافية ومصداقية القضاء السعودي. لكن المسألة لا ترتبط بالقضاء بقدر ما ترتبط بمصداقية الموقف السعودي برمته حيال مقتل خاشقجي.
اللافت أن جيمس ماتيس تحدث عن التحالف المقرر تأسيسه العام القادم، لكن لا أحد يعرف بالضبط كيف يمكن إقامة تحالف بين مجموعة من الدول وهي في حالة خصام وتنافس وربما حرب باردة؟
فكرة وجود مصدر تهديد مشترك لا تكفي لإقامة تحالف، فلا بد من الدول الأعضاء أن تقرر آلية التصدي لهذا الخطر، وعليه كيف يمكن أن تقوم السعودية بهذه المهمة وسياساتها الإقليمية جلبت لها الخصوم وأبعدت عنها من كان يمكن أن يكون في صفها في مواجهة إيران.