الجرائم ضد الإنسانية لا تُنسى، من فيتنام إلى العراق خصوصًا جريمة حرق ٨٠٠ طفل عراقي داخل ملجأ العامرية بقنابل الطيران الأمريكي.. العرب يتناسون أو أن ذاكرتهم مثقوبة وربما يهربون من واقعهم التعس، من أعد “الحبكة” لضرب العراق، ومن وراء الضغوط التي مورست قبل وبعد استغفال العرب لتتمكن أمريكا وبذكاء من إرسال 400 الف جندي بكافة عتادهم وأسلحتهم لتحتل ثم تؤدي دور المنقذ وحامي الحمى، فليلحق بوش الأب إذا بالآخرين في الجحيم ومعهم أذنابهم من الطغاة العرب.
نشأ جورج هيربرت ووكر بوش وترعرع في عائلة عنصرية ضد العرب والمسلمين من منطقة نيو إنجلاند، جعلته يلتحق في عيد ميلاده الـ18 بالقوات المسلحة، ورغم أنه كان أصغر طيار حربي، نفذ 58 مهمة قتالية في الحرب العالمية الثانية، وتقول الأسطورة التي نسجت حوله أنه في إحدى مهماته القتالية استهدفته نيران مضادة يابانية فوق المحيط الهادي، بينما أنقذته غواصة أمريكية من المياه التي تنتشر فيها أسماك القرش، وقد حصل على وسام العمل الشجاع في الحرب التي شهدت انتهاكات إنسانية سقطت فيها ماما أمريكا.

رحل إذن جورج بوش الأب، بعد معاناة مع المرض، وعن عمر يناهز التسعين عامًا بعد أن عمّر طويلا؛ غادر الدنيا ورقد تحت التراب وهو قدر كل الأحياء، لكنه الإنسان، قد ينسى ما هو مقبل عليه، فتراه يطغى ويرتكب الموبقات، وكلما ظننت أنه بلغ المنتهى، يفاجئك بالمزيد.. (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار).
قاتل صهيوني
يقول الإعلامي محمد ناصر: “بمناسبة موت جورج بوش الاب بسبب صورة لهذا الرجل قتلت الفنانة العراقية ليلى العطار بصاروخ أمريكي مزقها تحت أنقاض بيتها في جريمة لا تقل سفالة عن مقتل جمال خاشقجي ولا تزيد بشاعة عن قتل السيسى لريجيني، يا عزيزي كلهم لصوص سفلة”.
وفي 1990، أعلن ما يسمى بـ”النظام العالمي الجديد” مستهدفًا العرب، وقاد حملة إخراج القوات العراقية التي تم توريطها في عملية خداع كبيرة بالكويت، في عملية “عاصفة الصحراء”، حرب الخليج عام 1991 قفزت بشعبيته، لكن بعد ذلك كان يطارده قراره بكسر ما تعهد به للناخبين، عندما قال: “تتبعوا شفتيّ، لا ضرائب جديدة”.
فبعدما تراجع عن هذا القرار في خضم اقتصاد ضعيف، أبعده الناخبون عن منصبه بعد انتهاء فترة ولايته الأولى. وهزم في انتخابات 1992 أمام خصمه الديمقراطي بيل كلينتون، ورغم ذلك، عاش ليرى ابنه جورج دبليو بوش يكمل مسيرته في سحق العرب والمسلمين في العراق وأفغانستان، وينتخب رئيسا مرتين فقط للمرة الثانية في التاريخ، بعد جون آدمز وجون كوينسي آدمز.

أنجب لنا بوش الأب ابنًا صهيونيًا حتى النخاع، ولن ينسى الفلسطينيون كيف وقف متحدثًا أمام الكنيست الإسرائيلي، بمناسبة مرور 60 عامًا على قيام كيان الاحتلال، وهي في حد ذاتها الذكرى الأليمة لمرور 60 عامًا على النكبة، وادعى الكثيرون أن بوش كان متحيزًا لإسرائيل من خلال حديثه الذي بدت عليه النزعة الدينية، وكأن المتحدث قسّ راهب لا رئيس سياسي؛ ما دعا سيلفان شالوم عضو الكنيست ووزير الخارجية الأسبق إلى أن يقول عن بوش: “إنه أكثر صهيونية من وزراء عدة يجلسون في حكومة إسرائيل” هكذا أشاد.
عائلة من القتلة
والحديث عن بوش الابن لا بد أن يرتبط بهذه العائلة “آل بوش”؛ حيث إن هذه العائلة ذات توجه ديني يحمل في طياته كمية كبيرة من الحقد والكراهية للمسلمين، ويوضح الدكتور عبد الغني عماد في مقال له على موقع جريدة الشرق العربي مدى هذا الحقد المتوارث فيقول: “يمكن لهذا الجيل أن يتذكر جورج بوش الأب والابن وإنجازاتهما “الحضارية” في قتل المدنيين العُزّل لسنوات طويلة. لكن قلة من يعرفون تاريخ هذه العائلة وإنجازاتها وسيرتها في جمع الثروة والعداء للعرب والمسلمين؛ فالجد الأكبر لهذه العائلة كان يُدعى أيضا “جورج بوش” وقد عاش بين عامي 1796 – 1859م وله سلسلة من الكتب وضع فيها أشنع ما يمكن أن يكتب عن العرب والمسلمين والنبي محمد صلى الله عليه وسلم في الولايات المتحدة”.
وينقل الدكتور عبد الغني عماد من كلام الأستاذ منير العكش في كتابه الجديد “أمريكا والإبادات الجماعية” ما يزيد الأمر وضوحا فيقول: “هذا الجد الأكبر الذي أصدر كتابًا حاقدًا مليئًا بالكراهية عن حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم عام 1831م والكتاب محفوظ في مكتبة الكونجرس، وله أيضا عدة كتب في شروح أسفار العهد القديم، ويعتبر كتابه “وادي الرؤى إحياء رميم إسرائيل – Valley of vision: the daybones of israel” من أبرز ما كتب في ذلك الحين في إطار المسيحية الصهيونية الداعية إلى ضرورة العمل من أجل تجميع يهود العالم في فلسطين، وتدمير إمبراطورية “السارازن”. والسارازن هو الاسم الذي يطلقه الصليبيون وأوروبيو القرون الوسطى على العرب والمسلمين، وكان الرومان يطلقونه على بعض رعاياهم تحقيرًا.
مزبلة المنافقين
وكان من كلام بوش الأب في حفل تنصيبه كرئيس لأمريكا رقم 41 أن قال: “أول عمل سأقوم به كرئيس هو الصلاة، أنا أطلب منكم الانحناء، سبحان الله، نحن نحني رءوسنا لنشكرك على محبتك، تقبل شكرنا على السلام الذي يحل اليوم، وعلى إيماننا الذي يجعل استمراره محتملا ليجعلنا أكثر قوة للقيام بعملك، قادرين على الاهتمام والاستماع إلى إرادتك، واكتب على قلوبنا هذه الكلمات، استخدم السلطة لإعانة الشعب فنحن لا نُمنح القوة لتغليب مصالحنا الخاصة، ولا للاستعراض أمام العالم ولا للتباهي هناك، استخدام واحد للقوة هو خدمة الشعب، ساعدنا يا رب على تذكر ذلك، آمين”.
ومن الأمثلة على تأثير الأصولية الإنجيلية في ولاية بوش الأب قيامها بإعداد أول مشروع إصلاح اقتصادي في العهد الأول لرئاسة الرئيس ريجان، فقد صدر هذا المشروع عن لجنة مكونة من خمسة رجال دين، ولا يغيب عنا أن نذكر كذلك حرص بوش الأب على قضاء ليلة ما قبل الحرب مع العراق عام 1991م مع هذا القسّ الإنجيلي بيلي جراهام، هو محاولة لإقناع الرأي العام الأمريكي أنه -أي بوش- أحد رجال الله.
تقول الناشطة أمل علي تعليقا على وفاته: “إلى الجحيم وتلحق به عصابة الأعراب المنافقين الذين فتحوا أبوابهم وسهلوا دخول المحتلين إلى العراق ..تبا لكل ما يسمى بالحكام العرب ..”، ويوافقها الناشط طاهر أشرف بالقول:” الغريبة ان نفوق هذا الحمار أبكى كثيرا من العرب. والله حتى المزبلة لن ترضى بنا”.