على عكس النجاح الهائل الذي حققه مسلسل “قيامة أرطغرل” بأجزائه الأربعة، فشل مسلسل “محمد العالم الفاتح”– Mehmed Bir Cihan Fatihi”، الذي بدأت أولى حلقاته في 20 مارس 2018.
وفجأة ودون سابق إنذار تم الإعلان عن توقف المسلسل بعد الحلقة السادسة، وتم إبلاغ طاقم المسلسل بذلك، بعدما سجّل نسب مشاهدة شديدة الانخفاض طوال حلقاته الماضية.
وجاءت الصدمة بعدما احتل المرتبة الخامسة بين المسلسلات التي تبث الثلاثاء، وكانت نسبة مشاهدة الحلقة الخامسة أقل من الحلقات السابقة، حيث سجل انخفاضا متتاليا على مدار أسابيع العرض. وحصل “محمد العالم الفاتح – Mehmed Bir Cihan Fatihi” في الحلقة الخامسة على الترتيب الخامس في نسب المشاهدة، فيما حاز مسلسل “امرأة” على أعلى نسب مشاهدة، يليه “قطاع الطرق”، ثم “جرائم صغيرة” في المركز الثالث.

واستغرق “محمد العالم الفاتح – Mehmed Bir Cihan Fatihi” سنوات من العمل ليخرج بشكل مناسب يليق بالشخصية والحقبة التاريخية التي يمثلها، كما صرفت فيه الملايين للممثلين والتدريبات والديكورات والإكسسوارات وطاقم الإنتاج الكبير، إلى جانب الضجَّة الإعلامية والترويج الكبير على مستوى تركيا منذ بداية التجهيز له.
ويعتبر “محمد العالم الفاتح – Mehmed Bir Cihan Fatihi” أول مسلسل يتم إيقافه للممثل كينان أميرزالي أوغلو، الذي أدى دور السلطان بعد نجاحه في خمس مسلسلات متتالية سابقة، ولكنه ثاني مسلسل يتوقف عن العرض يحكي الحقبة التاريخية لعهد السلطان محمد الفاتح، بعد توقف مسلسل “الفاتح” من بطولة محمد عاكف الكورت في عام 2013.
تزييف التاريخ
ويعزو مراقبون السبب وراء عدم نجاح المسلسل إلى تزييف حقائق تاريخية دينية واجتماعية تجاهلها المسلسل، في سياق تبني فلسفة علمانية للمعالجة لهذه المرحلة التاريخية الحساسة في تاريخ تركيا والعالم الإسلامي والأوروبي.
فالمسلسل أظهر جميع النساء فيه سافرات بصورة تتسق مع الرؤية العلمانية التي تحارب الحجاب وأي قيمة إسلامية أصيلة، رغم أن الحقائق تؤكد أن الغالبية العظمي من نساء هذا العصر كن يتمتعن بالتزام ديني ويرتدين الحجاب لأسباب دينية واجتماعية، فلماذا يتجاهل المسلسل هذه الحقيقة المؤكدة من أجل إعلاء رؤية المنتج والمخرج التي تخالف الحقيقة؟.

الأمر الثاني أن المسلسل تناول الأحداث من زاوية سياسية، مع تهميش الجانب الديني والعاطفي، بعكس قيامة أرطغرل الذي أشبع العاطفة الدينية من جهة، وكان متسقا مع طبيعة الأفكار والمعتقدات التي سيطرت على تركيا خلال فترة تأسيس الدولة العثمانية.
وثالثا لأن مسلسل قيامة أرطغرل تم بمعالجة ورؤية تنحاز إلى الفلسفة الإسلامية والرؤية الإسلامية، فالكاتب والمنتج التركي محمد بوزداغ، من المؤمنين أساسا بالفكرة الإسلامية، وهي الرؤية التي يؤمن بها مئات الملايين من المسلمين في تركيا والعالم، كما جاء في وقت تراجع الأمة الإسلامية وضعفها على يد حكام مستبدين علمانيين، وتشوق هذه الملايين إلى عهود القوة التي جعلت الأمة الإسلامية في مصاف العالم المتقدمة وقتها.
ورابعا لأن مسلسل قيامة أرطغرل أبرز أهمية القيم الإنسانية والإسلامية الأساسية، مع ضرورة العدل والتصدي للظالمين وحماية المستضعفين دون النظر إلى جنسيتهم أو ديانتهم، وهو ما أغرى الملايين بمتابعته، بينما لم يبرز مسلسل “محمد الفاتح” هذه القيم ولم يتضمن أحداثا حتى الحلقة الخامسة تغري المشاهدين بالمتابعة.
ومن جانبه اعتبر الصحفي الموالي للعسكر أحمد المسلماني، مستشار المؤقت عدلي منصور، نجاح مسلسل أرطغرل خصمًا من القوة الناعمة المصرية، وتأكيدا لبسط تركيا في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان نفوذها الثقافي والفكري على العالم العربي والإسلامي، في ظل تراجع وتدهور الدراما المصرية، حتى باتت في وضعية مؤسفة، وتقدمت عليها الدراما التركية والإيرانية والسورية.